مجلة البلاد الإلكترونية

الهيئة العامة للتجمع: "استذكارَ مجزرةِ صبرا وشاتيلا يجعلنا ننظرُ الآن بكثيرٍ من الحذرِ لما يحصلُ في مخيمِ عينِ الحلوة، ونعتبرُ أن هذا الذي يحصلُ هناك هو استمرارٌ لمسلسلِ إنهاءِ المخيمات"

العدد رقم 406 التاريخ: 2023-09-22

الانسحاب الأمريكي من سوريا خطوة مفاجئة

محمود إسماعيل

عاد الرئيس الأمريكي ففاجأ الجميع بإعلانه الانسحاب من سوريا، لكنه هذه المرة اتخذ القرار. كما حصل في آخر آذار/مارس الماضي عندما لوح بهذا الانسحاب، لم يصدر أي تعليق عن البنتاغون سوى أنه سيواصل العمل مع الشركاء في المنطقة في الفترة الحالية.

برر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراره بالانسحاب بتمكن بلاده من هزيمة تنظيم "داعش" الإرهابي، وهو الهدف الذي أبقاها هناك(!!) كما قال!. يعتقد ترامب أن التنظيم المذكور يسيطر فقط على جيب صغير من الأرض جنوب شرقي سوريا، وأن ذلك يعد بنظره نصراً، وأن سحب القوات الأمريكية يأتي في وقت تنتقل الحملة العسكرية في سوريا إلى مرحلة ثانية لم يفصح عنها.

أثارت هذه الخطوة غير المتوقعة اعتراض عدد من المشرعين الجمهوريين في الكونغرس الأمريكي في مقدمتهم عضو مجلس الشيوخ السيناتور ـ ماركو روبيو ـ الذي اعتبر أن الانسحاب سيقوض عملية السلام، وأن الولايات المتحدة لن يكون لها مقعد في مائدة السلام، بينما ستجلس فيه دول أخرى ذات وجود عسكري على الأرض مثل روسيا وإيران والحكومة السورية.

يبلغ عدد القوات الأمريكية في سوريا ألفا جندي ينتمي أغلبهم إلى وحدات العمليات الخاصة، وقد ظلوا يعملون في تحالف مع الأكراد وقوات سوريا الديمقراطية. تجدر الإشارة إلى أن الخطوة لن تشمل القوات الأمريكية المنتشرة على الحدود السورية العراقية البالغ عددها ٥٢٠٠ جندي.

كانت الأطراف المعنية بالأزمة السورية قد اعتقدت أن ترامب طوى مسألة الانسحاب وتجاوزها، خصوصاً أن وزير الدفاع جايمز ماتس، ومن بعده المبعوث الخاص إلى سوريا جايمز جيفري أكدا أن الولايات المتحدة باقية في شمال شرقي سوريا لفترة طويلة. لذلك، انصبت التساؤلات على الدوافع الجدية لترامب، لأن قراره جاء بعد أيام من اتصاله بالرئيس التركي، كما تزامن مع تكرار الخارجية الروسية بأن الوجود الأمريكي غير شرعي وأنه بات عقبة أمام التوصل إلى تسوية سلمية في سوريا.

بدت التحركات الدبلوماسية الأمريكية الأخيرة التي شملت جيران سوريا وكأنها إشهار لنية الانسحاب المبيتة لدى ترامب، ليفتح الإعلان السؤال عن مقاربة تلك الأطراف للواقع الجديد المرتقب، لأن أنقرة التي تعد العدة لدخول المناطق الحدودية بين نهري دجلة والفرات تبدو أبرز المرشحين لاستثمار الخطوة الأمريكية، لاسيما إذا نفذت بالتنسيق معها بشكل يتيح للقوات التركية ملء الفراغ الذي ستتركه نظيرتها الأمريكية تباعاً.

بطبيعة الحال، هناك تساؤلات قلقة عن الترتيبات التي ستسبق الانسحاب الذي سيكون كاملا وسريعا كما ذكر، وهل أنه يعني تفكيك التحالف الدولي الذي أنشئ لمحاربة تنظيم "داعش" الإرهابي؟ بالتالي، أي قوة دولية سوف تفرض نفوذها في شمال شرقي سوريا؟.

لا شك أن موسكو وطهران تعتبران الانسحاب الأمريكي من سوريا نبأ ساراً، وكذلك الدولة السورية، إذ إنه سينعكس سلباً ليس فقط على الدور الأمريكي في المنطقة، بل أيضاً على الحل السياسي المرتقب للأزمة السورية.

 

 

إخترنا لكم من العدد