مجلة البلاد الإلكترونية

الهيئة العامة للتجمع: "استذكارَ مجزرةِ صبرا وشاتيلا يجعلنا ننظرُ الآن بكثيرٍ من الحذرِ لما يحصلُ في مخيمِ عينِ الحلوة، ونعتبرُ أن هذا الذي يحصلُ هناك هو استمرارٌ لمسلسلِ إنهاءِ المخيمات"

العدد رقم 406 التاريخ: 2023-09-22

بقوة الحق تسقط مقولة شريعة الغاب القائمة على حق القوة

استنكاراً للمجزرة الإرهابية المروعة التي ارتكبها متطرفون إرهابيون في نيوزيلندا أقام تجمع العلماء المسلمين لقاءً تضامنياً حضره حشد من علماء الدين وشخصيات. وكانت لسماحة المفتي الشيخ علي طه هذه المداخلة:

في لقائنا التضامني هذا، من أجل شهداء وجرحى المسجدين في نيوزيلندا لا بد لنا أن نعلن للعالم كله أننا أمام واحدة من أكبر الجرائم والمجازر الإرهابية بحق أناس كانوا يؤدون صلاة الجمعة في بيتين من بيوت الله في الأرض، والجريمة في الموازين الشرعية القرآنية عقوبتها غضب الجبار والخلود في النار، كما قال تعالى: ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾.

والرسول الأعظم (ص) يقول: ((لَو اجْتمع أهل السَّمَاء وَالْأَرْض على قتل رجلٍ مسلم لعذبهم الله بلا عدد ولا حساب".

إن قضيتنا المبدئية هي قضية التسامح والرحمة والمحبة للبشر على قاعدة أن الآخر من الناس هو أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق، "وكل قد استرعيت حقه"، كما قال الإمام علي عليه السلام، ولذا فإن الجريمة هذه إرهابية، عنصرية، عرقية، كما عبر عنها ذاك الإرهابي العنصري، قاتل المصلين في بيت الله عندما جاهر بفاشيته وشكل بيده شارة العنصريين وجمع إبهامه وسبابته في رمز يستخدمه أنصار نظرية تفوق العرق الأبيض عبر العالم.

إن هذه العمليات الإرهابية في العالم الغربي هي صنو العمليات الإرهابية الدواعشية في عالمنا العربي والإسلامي، وهي نتاج الفكر الطيني- المادي السائد في الثقافة الغربية، وعند المتعربين.. الذين حطموا روح المحبة التي دعا إليها السيد المسيح، كما حطموا روح الحق الذي نادى به عندما قال(ع): "إن كنتم تعرفون الحق فالحق يُحرزكم" من أي شيء، من الأغلال، الأغلال العنصرية والأحقاد وكراهية الإنسان، وأكثر من ذلك قتل وإبادة وإفناء للإنسان الآخر، وهذا الآخر ليس شخصاً واحداً بل هو أمة بكاملها، لا بل أمم وشعوب، كما الحال بالنسبة لشهداء المسجدين في نيوزيلندا، لجهة توزعهم فمنهم المصري، والإندونيسي، والحجازي، والأردني، والباكستاني، لذا نقول: إن معرفة الحق والتمسك به كما قال المسيح (ع): " تعني، فيما تعني، قوة الحق الذي به يكون التحرر وبقوة الحق تسقط مقولة شريعة الغاب القائمة على حق القوة، أي أن حجة القوي هي الأقوى، لتحل مكانها قاعدة التحرر بالحق، وأن حجة القوي بالحق هي الأقوى".

نعم ، يا سادة، نحن أمام إرهاب مدروس ومخطط له فهذا الإرهابي الاسترالي تفنن في إرهابه فراح يصور جريمته ويبث صورها مباشرة إنه إرهابي ينتمي إلى مدرسة إرهابية واحدة في العالم تتواصل وتتعاون على الإثم والعدوان عبر عمليات متشابهة تقودها مجموعات وأفراد مدربين على الجريمة الإرهابية فينفذون جرائمهم في عواصم ومدن أوروبا وأمريكا ضد المسلمين مستندين إلى تحريض من قيادات كبرى تعلن الخوف من انتشار الإسلام في بلاد الغرب، وقيادات سياسية على رأسها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ترامب الذي وإن وصف الهجوم الإرهابي هذا بأنه مذبحة مروعة إلا أنه منح (أنصار العرق الأبيض) غطاءً عندما اعتبر أنهم والمعارضين لهم يستحقون اللوم، فضلاً عن أن البيت الأبيض في دفاعه عن الرئيس ترامب وصف هذا السفاح بأنه مختل.

وترامب مع ذلك لم يندد بالإرهابيين العنصريين الذين يرتبطون بالإرهاب الصهيوني- إرهاب الدولة المنظم- تطبيقاً لتعاليمهم الخاصة بهم والتي عبر عنها الحاخام "عمانوئيل رابينوفيتش" في بودابست عام 1952 بقوله: " لن يبقى دين فوق الأرض غير ديننا.. سنفني الأديان، ونظل محتفظين بديننا".

وعلى هذا فالخطر الصهيوني يحيق بالمسيحية والإسلام على حد سواء وقد كشف الإعلام الصهيوني علاقة هذا الإرهابي الأسترالي بالكيان الصهيوني، إذ أن عائلته من أصول يهودية نزحت من الكيان الصهيوني إلى بريطانيا عام 1948، ثم إلى استراليا ثم إلى نيوزيلندا، وزار الكيان الصهيوني عام 2017 و2018  لعدة أشهر والسلاح الذي استخدمه إسرائيلي الصنع، وهو عضو في المحفل الماسوني في أستراليا.

فهل بعد هذا تضيع البوصلة، أم نحتاج إلى أدلة على هوية هذا الإرهابي، مع العلم أننا نُدين كل أشكال الإرهاب من أي مصدر أتى، من مسلم أو من غير مسلم، ونقول بضرورة إنزال العقوبة المناسبة بهؤلاء الإرهابيين وهذا المجرم الأكبر، للفعلة الهمجية الوحشية التي أقدم عليها ليكون عبرة لمن يعتبر. وليعملوا عدالتهم إن كانوا صادقين، فالعدالة لا تقتل بل تقتص من القاتل.

وختاماً: الرحمة لأرواح شهداء المسجدين والشفاء للجرحى والسلوان والتبريك لعوائل الشهداء، والخذلان والعار الأبدي والعذاب الأخروي للإرهاب الصهيوني الماسوني ومن معه الإرهاب العربي الداعشي ولمن أطلقه ودعمه في بلاد العرب والمسلمين. والسلام عليكم.

المفتي الشيخ علي طه

 

إخترنا لكم من العدد