أوساط سياسية للبلاد: بعد عزوف الحريري عن الترشح لرئاسة الحكومة.. على نفسها جنت براقش

ليست المرة الأولى التي يخطئ الرئيس سعد الحريري في قراءته للواقع اللبناني، إلا أن كل أخطائه السابقة في كفة وخطأه الأخير عندما عزف عن الترشح لرئاسة الحكومة في الربع الساعة الأخيرة في كفة أخرى، كانت دعسة ناقصة منه سيدفع ثمنها من رصيده السياسي بعد أن خضع للضغوط الأمريكية والسعودية، وتخلي حلفائه في الداخل عنه.
أوساط سياسية متابعة أكدت أن استقالة الحريري ما كانت لتحصل منذ بداية الحراك إلا تحت تأثير الضغوط الأمريكية، وهذا يعني أنه وضع كل أوراقه في سلة واشنطن معتمداً في ذلك على حلفائه في الداخل خصوصاً القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، أي أن الحريري لم يحسب خط الرجعة مع فريق أساسي في لبنان على الرغم من أن هذا الفريق قد تمسك بترشيحه لأخر لحظة.
وأضافت الأوساط أن فريق المقاومة كان على معرفة تامة بأبعاد مشروع الإدارة الأمريكية الذي يعتمد على إخراج حزب الله من الحكومة كمقدمة أولى، قبل فرض حصار خانق على حزب الله وحلفائه، أي أن واشنطن كانت تريد من الحريري الانقلاب على التوازنات الداخلية التي حققتها الانتخابات النيابية الأخيرة.
وتقول الأوساط إن الحريري ارتكب خطأً جسيماً عندما لم يستمع لنصائح الرئيس بري في لقائهما الأخير، على الرغم من إصرار الأخير على ضرورة عدم انسحابه من السباق إلى رئاسة الحكومة وهو سيضمن له (أي الرئيس بري) أغلبية خلال الاستشارات النيابية، مضيفة إلى أن اقتناع الحريري لم يدم سوى ساعات حتى أبلغ قيادتا حركة أمل وحزب الله بعزوفه عن الترشح، وتقول الأوساط إن الضغوط الأمريكية عليه كانت عالية جداً، وإلى مستوى لم يستطع التعامل معه بعد أن استهلك في الشهرين الماضيين كل الوسائل للتملص من أوامر إدارة ترامب.
وأشارت الأوساط في هذا السياق إلى أن زيارة مساعد وزير الخارجية الأمريكي إلى لبنان تندرج في سياق شد عصب حلفائها لمواصلة ما شرعوا به لجهة إحراج حزب الله لإخراجه من دائرة صنع القرار السياسي في لبنان, معتبرة أن هؤلاء الخاضعين للأجندة الأمريكية ليسوا على دراية بما كان العهد وحلفاؤه يحضرون من خطط لمواجهة المشاريع التي تستهدفهم، فحزب الله وحلفاؤه اعتمدوا منذ البداية سياسة النفس الطويل لاحتواء الهجوم الأمريكي- السعودي قبل إجهاضه أو على الأقل إفشاله في تحقيق أهداف المتآمرين سواء في الداخل أو الخارج، فالورقة الوحيدة التي تملكها واشنطن هي العمل على إشعال فتنة شيعية - سنية، هذه الورقة هي سيف ذو حدين، حيث تصب شظاياها الجميع والأكثر ضرراً منها، كما تقول الأوساط، هي مصالح ونفوذ الولايات المتحدة الأمريكية ليس في لبنان بل في المنطقة كلها.
وأضافت الأوساط إن دعمها لنواف سلام لم يكن موفقاً في هذا الخيار وينم عن غباء في قراءة المشهد السياسي في لبنان، حيث تم إحراق اسمه عندما استعجلوا حلفاءها في تسميته، وهذا ما دفع محور المقاومة والعهد إلى التشاور سريعاً فيما بينهم بعد بيان العزوف للحريري، وتسمية حسان دياب، ولفتت الأوساط في هذا السياق إلى أن هناك بعض الأمل للحريري في البقاء في الوسط السياسي بأن يشارك في أي حكومة سيتم تأليفها فيما لو سارت الأمور في سياقها الطبيعي.