بعد أن فرض محور المقاومة الوقائع في الإقليم لمصلحته جنبلاط يدور الزوايا: حارة حريك أقرب من معراب
محمد الضيقة

أوساط سياسية للبلاد:
بعد أن فرض محور المقاومة الوقائع في الإقليم لمصلحته
جنبلاط يدور الزوايا: حارة حريك أقرب من معراب
محمد الضيقة
على إيقاع انتخابات رئاسة الجمهورية، بدأت الاصطفافات السياسية والنيابية، في وقت تمّ تغييب تشكيل حكومة جديدة كلياً عن أي نقاش بين القوى السياسية أو بين الرئاستين الأولى والثالثة..
يتزامن ذلك مع إهمال المعنيين بهذه الملفات الحساسة كافة الأمور التي تساعد على تخفيف الأعباء الاقتصادية والمعيشية عن المواطنين، لأن الأزمات تتوالد وتتفاقم كل يوم والمافيات والكارتيلات تمتص جهد وتعب وعرق اللبنانيين الذين يسعون لتحصيل رزق عيالهم بشق النفس.
أوساط سياسية متابعة أكّدت أن ملف انتخاب رئيساً جديداً للجمهورية يتصدّر الآن كلّ المشهد السياسي الذي تتابعه عن قرب قوى دولية وإقليمية عبر أجهزة مخابراتهم وسفاراتهم، وتضيف الأوساط أنه وفي الوقت الذي ينتظر لبنان الرّد الصهيوني الذي يحمله المبعوث الأمريكي حول ترسيم الحدود البحرية، كان موقف سماحة السيد حسن نصر الله في خطاب العاشر من محرم واضحاً وجازماً وحاسماً أن لا نفط ولا غاز للعدو إذا لم يتمكن لبنان من استخراج ثرواته.
وسط هذا الارتباك وكل هذه الفوضى التي تعيشها الساحة اللبنانية كانت أولى الإشارات العملية عن المرحلة المقبلة تنطلق من المختارة على لسان وليد جنبلاط الذي فعّل محركاته من خلال إطلاقه سلسلة مواقف كانت مفاجئة وصادمة لأكثر من طرف سياسي محلّي وخصوصاً القوات اللبنانية وراعيها البطريرك الماروني بشارة الراعي، هذه المواقف التي أعلنها زعيم المختارة خصوصاً تلك المتعلقة بالعلاقة مع القوات اللبنانية أو بحياد لبنان الفكرة التي يحاول الترويج لها البطريرك الراعي كانت واضحة وحاسمة خصوصاً أن جنبلاط واكبها بأنه سيسعى للحوار مع حزب الله بشأن كلّ الملفات المطروحة للنقاش.
وتقول الأوساط في هذا السياق أن جنبلاط قد يكون التقط إشارات خارجية تؤكد على أن المسارات الإقليمية والدولية تتّجه نحو تسويات ستكون لصالح محور المقاومة خصوصاً الملف النووي الإيراني وترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة، أو مسألة العدوان السعودي على الشعب اليمني.
وتضيف الأوساط أنه وعلى الرغم من عدم إمكانية الرهان على مواقف جنبلاط المتحركة دائماً في اتجاهات متعاكسة، إلا أن ما أدلى به أخيراً وما استتبعه من اتصالات مع حزب الله يشير إلى أن انتقاله من ضفة سياسية إلى أخرى باتت مسألة وقت لاعتبارات كثيرة أبرزها:
1- أن جنبلاط الذي يتهيّأ لحسم تموضعه قرأ جيداً التطورات على المستويين الدولي والإقليمي وربما يكون قد توصّل إلى نتيجة من أن أي تسوية مقبلة لكلّ الملفات الساخنة محلياً وإقليمياً ودولياً سيكون فيها رابحٌ وخاسر، وهو كعادته سيختار أن يكون مع الفريق الرابح والذي سيكون بالتأكيد محور المقاومة.
2- يعلم جنبلاط جيداً أن حزب الله عندما يتّخذ قراراً أو موقفاً ويَعِدُ بتنفيذه لن يتراجع عنه وسيفي بما وعد به، وهذا ما ضمّنه سماحة السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير بشأن الحدود البحرية، فإذا لم تتمكن واشنطن من تسوية هذا الخلاف فإن الأمور تتجه نحو المواجهة، وأي مواجهة وفي ظلّ التوازنات القائمة مع العدو الصهيوني سيكون الرابح فيها المقاومة، وسيدفع فيها العدو أثماناً باهظة سياسية واقتصادية وديمغرافية، حيث من المتوقع أن تشهد هجرات مضادة من هذا الكيان نحو أوروبا وأمريكا.
3- إن موقف جنبلاط حول مواصفات رئيس الجمهورية الجديد يندرج في استعادة اللقاء الديمقراطي لموقفه كبيضة قبّان في أيّ استحقاق وبالتالي يعتبر أنه وسط هذه الفوضى السياسية وفي ظلّ غياب وجود أغلبية قادرة على حسم الأمور لصالحها، يعتبر زعيم المختارة أنه قادر على المناورة في مسألة انتخاب رئاسة الجمهورية حيث تصبح أصوات نوّاب اللقاء الديمقراطي حاسمة في تحديد هوية الرئيس الجديد، وهو ما يعزز من أهمية إعادة التموضع الذي يسعى إليها، والتي عبّر عنها صراحة، وصلُ ما انقطع مع حارة حريك وتجميد العلاقة مع القوات اللبنانية.