مجلة البلاد الإلكترونية

الهيئة الإدارية: "بداية محاكمة رياض سلامة والادّعاء عليه من قبل الدولة اللبنانية هو خطوة في الاتجاه الصحيح نأمل أن تصل إلى النتائج المرجوة"

العدد رقم 380 التاريخ: 2023-03-17

الهزات الارتدادية لقرار أوبك بلاس: واشنطن تفعّل الضغوط، والرياض ترفض التهديدات

ابتسام الشامي

الهزات الارتدادية لقرار أوبك بلاس:

واشنطن تفعّل الضغوط، والرياض ترفض التهديدات

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ابتسام الشامي

ــــــــــــــــــــــــــــ

لم تهدأ عاصفة الغضب الأمريكي التي أثارها قرار مجموعة أوبك بلاس خفض الانتاج النفطي بدءاً من الشهر القادم، وفي ما انشغل أعضاء في الكونغرس الأمريكي في صياغة مشاريع قوانين لمحاسبة السعودية على "خيانتها"، تبادل إعلام الدولتين الحليفتين الانتقادات، ما أعطى مؤشراً حول مستوى الأزمة الجديدة وما يمكن أن تتركه من تداعيات على العلاقات بين الرياض وواشنطن.

السعودية رفضت تأجيل القرار

حفل الأسبوع المنصرم بالكثير من التطورات الميدانية في العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وفي ما بدأت روسيا مرحلة جديدة من العمل العسكري، فإن خطورة الرسائل التي أرسلتها على متن صواريخها باتجاه كييف ومن خلفها الغرب وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية، ظلت الأخيرة منشغلة بقرار مجموعة أوبك بلاس خفض الانتاج النفطي، بعدما حسمت أن قرار الخفض سياسي الجوهر، ويعني انحيازاً من قبل الحلفاء لاسيما السعودية والإمارات إلى جانب روسيا، من دون الأخذ في الاعتبار "الجهود" الأمريكية المبذولة لتأمين فاعلية العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا لاسيما على موارد الطاقة المتدفّقة منها باتجاه الاسواق العالمية. وكان لافتاً في سياق التأكيد الأمريكي على أن القرار كان مسيساً بامتياز، التسريب المتعمد لمداولات أجراها مسؤولون أمريكيون مع نظرائهم السعوديين بهدف تأجل صدور القرار. وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية فإن السعودية رفضت طلب الولايات المتحدة تأجيل قرار خفض إنتاج النفط مدة شهر واحد، وذكرت أنه "قبل أيام من قيام أوبك وحلفائها بتخفيض كبير لإنتاج النفط، اتصل المسؤولون الأمريكيون بنظرائهم في السعودية وغيرها من المنتجين الخليجيين الكبار لمناشدة عاجلة: "أرجئوا القرار مدة شهر آخر، ووفقاً لمصادر على دراية بالمحادثات، الجواب كان: لا". وإذ تشير الصحيفة إلى "أن المسؤولين الأمريكيين حذّروا القادة السعوديين من أن واشنطن ستنظر إلى الخفض على أنه خيار واضح للوقوف إلى جانب روسيا"، وأن هذه الخطوة ستضعف الدعم المتضائل بالفعل في الولايات المتحدة للمملكة، إلا "أن المسؤولين السعوديين رفضوا الطلبات واعتبروها مناورة سياسية من قبل إدارة بايدن لتجنب الأخبار السيئة قبل انتخابات التجديد النصفي الأمريكية".

ومما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية حول المحادثات الأمريكية السعودية، أن المسؤولين الأمريكيين، وفي محاولة منهم "إغراء السعوديين بتأجيل قرارهم، أخبروا المملكة أنهم سيشترون النفط من السوق لتجديد المخزونات الاستراتيجية لواشنطن إذا انخفض سعر خام برنت، لكن السعودية أصرت على رفضها، وقد جاء هذا الرفض على الرغم من أن مثل هذا الشراء الأمريكي الضخم للنفط كان يمكن أن يضع حداً أدنى للأسعار".

وزارة الخارجية السعودية التي رفضت في بيان الاتهامات الأمريكية للرياض باتخاذ قرار ذي دوافع سياسية ضد الولايات المتحدة، أكدت أن الأخيرة طلبت بالفعل تأجيل قرار مجموعة "أوبك+" خفض انتاج النفط "مدة شهر"، مضيفة أن التأجيل له تبعات اقتصادية سلبية. وفي ردّها على الطلب الأمريكي، أشارت الخارجية أن الحكومة السعودية قالت إن "جميع التحليلات الاقتصادية تشير إلى أن تأجيل اتخاذ القرار مدة شهر حسب ما تم اقتراحه سيكون له تبعات اقتصادية سلبية".

وذكّرت بأن مخرجات اجتماعات "أوبك+" يتم تبنيها من خلال التوافق الجماعي بين الدول الأعضاء ولا تنفرد فيه دولة دون باقي الأعضاء، وفق بيان وزارة الخارجية السعودية، الذي شدّد على أن قرار خفض الإنتاج "اقتصادي بحت ويراعي توازن العرض والطلب في الأسواق البترولية ويحد من التقلبات التي لا تخدم مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء".

بايدن يلوح بمراجعة العلاقات مع السعودية

تسريب الصحيفة الأمريكية حول ما جرى قبيل إعلان قرار مجموعة أوبك بلاس، يستبطن محاولة أمريكية لتبرير حملة الضغوط التي بدأته واشنطن سريعاً ضد السعودية على وقع تداعيات القرار. وهي ضغوط وصلت إلى حدِّ التلويح بإعادة تقييم العلاقات الأمنية مع المملكة، وهو ما لمّح إليه الرئيس الأمريكي نفسه جو بايدن، محذّراً من أن علاقات الولايات المتحدة مع السعودية ستواجه عواقب بعد قرار مجموعة أوبك+ لمنتجي النفط خفض الإنتاج على الرغم من الاعتراضات الأمريكية. جاء هذا التهديد على وقع حراك ديمقراطي لمعاقبة السعودية، فبحسب السناتور الديمقراطي بوب منينديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، فإن على الولايات المتحدة أن تبادر إلى "تجميد جميع أوجه التعاون مع السعودية، بما في ذلك مبيعات الأسلحة".

وفي سياق متّصل أكّدت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير، أن مراجعة للسياسة حيال السعودية ستجري لكنها لم تحدد جدولاً زمنياً لاتّخاذ إجراء ولم تكشف عن معلومات حول من سيقود عملية إعادة التقييم. لكن جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي كشف أن عملية المراجعة لن تتأخر، مضيفاً أن بايدن يعتزم العمل مع الكونغرس "للتفكير فيما يجب أن تكون عليه طبيعة هذه العلاقات في المستقبل". وقال أعتقد أنه سيكون على استعداد لبدء هذه المحادثات فوراً. لا أعتقد بمنتهى الصراحة أن هذا شيء يمكن تأجيله أو يجب تأجيله لفترة أطول".

والسعودية ترد سياسياً وإعلامياً

وعلى خلفية التّهديدات الأمريكية بمراجعة السياسة المعتمدة حيال الرياض، والتلويح بعقوبات ضدها، استنفر الإعلام السعودي في توجيه رسائل القيادة السعودية للبيت الأبيض، وفيها أن السعودية أيضاً حاجة للولايات المتحدة، فضلاً عن تبرير قرار أوبك بلاس بأن صناعة القرار داخل المجموعة النفطية لا يقع على عاتق دولة دون أخرى وإنما يتخذ بموافقة جميع الأعضاء. في هذا السياق أعاد الموقع الإلكتروني السعودي "سبق" نشر مقطع فيديو تداوله ناشطون سعوديون على مواقع التواصل الاجتماعي لولي العهد محمد بن سلمان، يشير فيه إلى "مساهمة السعودية في قوة أمريكا". وقد اقتطع من مقابلة لابن سلمان قال فيها لسائله: "لك أن تتخيل لو أن الـ 10 ملايين برميل نفط المنتج بكلفة تتراوح من 3 إلى 6 دولارات، ذهب عقدها إلى بريطانيا، لن تكون أمريكا بوضعها الحالي اليوم"، مؤكداً أنه "ليس هناك شك أن السعودية ساهمت في قوة أمريكا".

أما في الصحافة المكتوبة فقد تصدّت صحيفة "الرياض"، لتبرير تموضع السعودية في مرحلة حساسة يمر بها العالم. وقالت في افتتاحية "إن الحرب في أوكرانيا ليست أقل من زلزال ضرب بنية المجتمع الدولي، وبُنى السياسة التي استقرت لثلاثة عقود إثر آخر تحديثاتها بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، وتموضع الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة، وقائدة للعالم". واعتبرت أن "ما يجري الآن في العالم هو حالة سيولة غير مسبوقة، ومخاض عالمي عسير، يوحي بولادة نظام جديد يتعذر التنبؤ بملامحه، وهو نظام سيمس منطقتنا بلا شك، غير أن هذه المرحلة المبهمة لإعادة تشكيل العالم، تشهد دوراً فاعلاً للمملكة في إعادة رسم خريطة السياسة الدولية، مستندة إلى مكانتها المتعاظمة في العالم، وإلى أهميتها السياسية والاقتصادية". وبحسب الصحيفة السعودية، فإن هذا الأمر "بدا واضحاً في تموضع المملكة المدروس خلال الصراع المتصاعد بين روسيا والغرب على خلفيات الحرب في أوكرانيا، فقد أعلت المملكة من أهمية مصالحها بمنأى عن الضغوط الغربية لزيادة إنتاج النفط، فيما كان الموقف السعودي محكوماً بمصلحة المملكة، وفي الوقت ذاته الحفاظ على استقرار سوق النفط، وهي سياسة متوازنة وعادلة للجميع، على خلاف طريقة تعامل الولايات المتحدة مع أزمة الغاز في أوروبا ما دفع مسؤولين أوروبيين لمهاجمة الانتهازية الأمريكية".

بدورها اختارت صحيفة "عكاظ" توجيه انتقادات لاذعة للولايات المتحدة الأمريكية. وفي مقالة للكاتب رامي الخليفة العلي قال الكاتب إن الولايات المتحدة تحولت إلى طفل مراهق يظهر أسباباً لا عقلانية لإدانة تجمع "أوبك بلس" وعلى الأخص السعودية. وبحسب الكاتب فإن "واشنطن لا تريد أن تفهم المنطق السعودي وهي تعطّل لغة العقل في التعامل مع المصالح السعودية. ترى الإدارة الأمريكية أن على دول الأوبك وعلى رأسها المملكة العربية السعودية أن تعمل لتحقيق المصالح الأمريكية بغض النظر عن مصالحها.. تريد واشنطن زيادة الإنتاج لخفض أسعار النفط والتسويق للإدارة الديمقراطية على أعتاب انتخابات التجديد النصفي، كما تريد إدارة بايدن أن تنخفض أسعار النفط حتى يضرب ذلك الاقتصاد الروسي، أما خطط التنمية في الدول المصدرة للنفط ونقص التمويل الذي يمكن أن يصيب برامجها الاقتصادية والاجتماعية، فهذا يقع في ذيل اهتمامات واشنطن".

واعتبر الكاتب أن "العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية هي علاقة استراتيجية يجب أن تقوم على التفهم المشترك لمصالح كل طرف وأن تكف واشنطن عن التعامل كمراهق أهوج لا يرى إلا ذاته ومصالحه ويريد من الآخرين العمل على خدمتها بغض النظر عن مصالحهم".

خاتمة

في قراءتها لتطورات هذه الأزمة ترى صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن "تعهد الرئيس جو بايدن، بعقوبات على السعودية، بعد تعاونها مع روسيا في خفض إنتاج النفط، يشير إلى تمزّق العلاقة بين الحليفين"، والسؤال المطروح هو حول تمظهرات هذا التمزق، وسقوفه وتأثيراته في قضايا كثيرة، تبدأ بالعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، ولا تنتهي بالانتخابات النصفية الأمريكية.

إخترنا لكم من العدد

دوليات

الهزات الارتدادية لقرار أوبك بلاس: واشنطن تفعّل الضغوط، والرياض ترفض التهديدات

الهزات الارتدادية لقرار أوبك بلاس: واشنطن تفعّل الضغوط، والرياض ترفض التهديدات ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ابتسام الشامي ــــــــــــــــــــــــــــ لم تهدأ عاصفة الغضب الأمريكي التي أثارها قرار مجموعة ...

محليات

"نصرُ الله" وحده من حمى كنزَ لُبنان وأذاقَ الإسرائيلي الهوان!

"نصرُ الله" وحده من حمى كنزَ لُبنان وأذاقَ الإسرائيلي الهوان! ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ زينب عدنان زراقط ــــــــــــــــــــــــــــــ وأخيراً تحقق أكبر إنجازٍ في العهد القوي للرئيس "ميشال ...