أوساط سياسية للبلاد:

استبعاد الحوار لملء الفراغ الرئاسي.. يُدْخِل لبنان المنطقة المحرمة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

محمد الضيقة

ــــــــــــــــــــــ

بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون وفشل مجلس النواب حتى الآن في انتخاب رئيس للجمهورية، دخل لبنان مرحلة جديدة لا يحسد عليها وسط اصطفافات سياسية ونيابية حادة على ضفتي الأزمة، وهذا ما أظهرته الجلسة التي التأمت في البرلمان لتلاوة رسالة الرئيس عون..

حيث بدا أن هناك صعوبة كبيرة بل ومستحيلة في إيجاد صيغة وسطية من أجل الخروج من الفراغ الرئاسي، وهذا الأمر سيكلف لبنان الكثير فيما لو استمر النزاع قائماً على كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية وحتى الأمنية.

أوساط سياسية متابعة أوضحت أن لبنان بعد عجزه عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية مع وضع حكومي مهتز وشكوك من قوى فاعلة بعدم شرعيتها، إضافة إلى وضع سياسي مفكك، يكون لبنان قد دخل مرحلة صعبة ومعقدة سيترحم فيها الشارع عما مرّ به من أزمات خلال السنوات الثلاث الماضية.

وأضافت أن البلد دخل من بداية هذا الشهر المنطقة المحرمة المسموح فيها فقط كل ما يجلب إلى لبنان إضافة أزمات إلى أزماته، إلا أن أخطر ما في هذه المرحلة حسب هذه الأوساط أن قواعد الاشتباك التي ستحكمها غير معلومة ومبهمة، حيث أن هذه النزاعات قد تفاجئ كل الأحزاب والقوى السياسية بقساوتها.

وحذّرت الأوساط من خطورة ضبط الحركة السياسية الداخلية على وقعها، خصوصاً إذا لم تتمكن هذه القوة من التكيف معها، أو مواكبتها بشكل إيجابي للخروج منها.

وتضيف، صحيح أن لبنان قد مرَّ في السابق بتجارب فراغ وقد تمكن من تجاوزها بصعوبة، إلا أن ظروف هذه المرحلة مختلفة عن سابقاتها، لاعتبارات كثيرة أبرزها:

1- أن الواقع اللبناني الحالي مختلف جذرياً عن الظروف السابقة على كل الأصعدة سواء المالية أو الاقتصادية والاجتماعية، وهذا أمر واضح وجلي في ظل ما يعانيه الشارع من أزمات.

2- أن لبنان الآن على مفترق خطير، وكل بنيانه المؤسساتي مهدد بالسقوط فإما أن تستمر القوى السياسية في خلافاتها وهذا يعني مزيداً من الانهيار، وإما أن نجنبه ونجنب الشعب اللبناني دفع الأثمان الباهظة من خلال التفاهم والتوافق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل فوات الأوان.

3- وتقول الأوساط، أنه من المؤسف أن حقيقة الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان ماثلة أمام كافة القوى السياسية والمكونات الاجتماعية، ومع ذلك هناك إصرار من بعض القوى السياسية وتحديداً القوات اللبنانية وحلفاؤها على إسقاط البلد وشعبه لأهداف خارجية من أجل إرباك حزب الله، حسب ما تظن هذه الأطراف.

وأكدت الأوساط أن أخطر تداعيات هذا الفراغ الرئاسي ووجود حكومة مشكوك بشرعيتها هو ضياع ما تمّ إنجازه جنوباً من خلال ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة، وإذا ما استمر الواقع الداخلي على هذا الحال، يعني أن على الشعب اللبناني الانتظار لفترة طويلة للخروج من أزماته، باعتبار أن الشروع في استثمار الثروة النفطية هو السبيل الوحيد القادر على إخراج لبنان من أزماته المتنوعة واستعادة موقعه الطبيعي على الخريطة الإقليمية والدولية، وهذا الخيار - تؤكد الأوساط - مستبعد في المدى المنظور، لأن كل المواقف التي تصدر عن القوى المعنية لا تؤشر إلى حل قريب للفراغ خصوصاً بعد فشل مبادرة الرئيس نبيه بري للحوار، التي تم إطلاق النار عليها من معظم القوى خصوصاً القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والكتائب، وهذا الفشل سيقود البلد نحو الإفلاس، ومع هذا الفشل ورفض هذه القوى لمنطق الحوار، هناك خشية حقيقية أن يتدحرج الوضع الداخلي سريعاً نحو الأسوأ وعلى نحو لا يمكن احتواؤه، أو أن يتحمل البلد ضربات قد تأتيه من الداخل وربما من الخارج وهذا الأمر متوقع كما تؤكد هذه الأوساط.