مجلة البلاد الإلكترونية

الهيئة الإدارية: " نتنياهو يؤجل إعلان الهدنة الدائمة ووقف إطلاق النار لأنه يعلم أنه سيدفع الثمن الأكبر لنتائج العدوان على غزة وفشله في مواجهة ملحمة طوفان الأقصى"

العدد رقم 416 التاريخ: 2023-12-01

تقدم إيران في البرنامج النووي.. هل توجد استراتيجية مواجهة بديلة؟

تقدم إيران في البرنامج النووي..

هل توجد استراتيجية مواجهة بديلة؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ترجمة وإعداد: حسن سليمان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في مقابلة نشرت في صحيفة "هآرتس" في الأول من شهر كانون الثاني قال تامير هايمن، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية سابقاً واليوم مدير معهد أبحاث الأمن القومي، أن الاستراتيجية الإسرائيلية التي تسعى (وسعت) "لإسقاط" الاتفاق النووي مع إيران فشلت عملياً وأن آخر ثلاثة رؤساء حكومة سعوا إلى هذا الهدف من دون ان يقدموا خطة بديلة ناجعة.

إسرائيل، الولايات المتحدة ودول أخرى نجحوا فقط في تأخير/ إبطاء تقدم المشروع النووي العسكري الإيراني، حيث في المقابل لم يتحقق الأمل في تغيير النظام في إيران ما قد يؤدي إلى تغيير نوايا إيران في الحصول على القنبلة. الفرصة لتغيير في صورة الوضع، تكمن في تبدّل السلوك الأمريكي الحالي الذي ليس فيه ما يردع إيران عن مواصلة سعيها للقنبلة. مع عدم وجود تغيير في الوضع القائم على إسرائيل الاستعداد لليوم الذي يلي – لواقع شرق أوسط فيه إيران دولة على عتبة نووية، بالحد الأدنى، ومواصلة مساعي دول أخرى في المنطقة لتعزيز البرامج النووية من أجل الحصول على الضمان النهائي لبقاء أنظمتها.

"... لقد وجدت (رواية هايمن) ارباكا كبيرا وعدم مواكبة استراتيجية لم انجح في فهمه..." – اتهام خطير نحو القيادة السياسية، ومميزات التهديد النووي الإيراني اليوم كتهديد وجودي.

بحسب كلام هايمن، في الوضع التي تشكل على إسرائيل العمل على محورين: محور الاتفاق (الـ JCPOA وليس اتفاقاً)، والمحو الهجومي. من أجل الدفع قدما بمحور الاتفاق/الصفقة إلى الأمام، يجب أن يُعرض على إيران ترتيباً مغرياً للغاية وفي المقابل مطالبتها بكبح التقدم في البرنامج النووي (مصحوباً بإشراف مشدد من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية). أما بالنسبة لمحو الهجوم، يعتقد هايمن انه توجد صيغة لهجوم عسكري إسرائيلي فعال لا يؤدي إلى تصعيد إلى حد حرب إقليمية. وبنفس المعنى أضاف: "لدينا قدرات قاطعة وهي ستكون فعالة جداً، لكن هذا سيقودنا إلى تطورين لست متأكداً من حتميتهما، لكنهما خطيرين: حرب إقليمية وحث الحافزية الإيرانية للسير نحو قنبلة في اليوم الذي يلي الهجوم...." وإذا كان لا يكفي، شدد هايمن إلى نظرة تاريخية، التي يفترض بأن تثير علامات الاستفهام بشأن خيار الهجوم بسبب الثمن الباهظ الذي قد تدفعه إسرائيل مقابل ذلك، ووفقاً لـها "... أي حرب ضد النووي هي حرب على الوقت. يثبت التاريخ أن الحكومة التي تقرر امتلاك أسلحة نووية ستصل إلى هناك.. وأي هجوم يمكن أن يحول الاستراتيجية الإيرانية من الغموض إلى استعراض قوة من الناحية النووية..." وفي نظرة تاريخية أخرى: "... من لديه قوة نووية يصمد...". ويستنتج من هاتين النظرتين أنه حتى لو ألحق الهجوم أضراراً بإيران على مستوى القدرات فقط، سيزيد من الحافزية الإيرانية للوصول إلى القنبلة.

على ضوء الانتقادات على الاستراتيجية الإسرائيلية الحالية للتعامل مع التقدم الإيراني نحو النووي، أو عدمه يطرح سؤال: هل توجد استراتيجية بديلة للعمل، التي ستمنع إيران من الحصول على السلاح النووي؟.

من المشكوك فيه إذا ما كانت الاستراتيجية البديلة التي اقترحها هايمن مختلفة جوهرياً عن الاستراتيجية التي بحسب كلامه قد فشلت. القاسم المشترك بينهم جميعاً هو الرغبة في إبطاء تطوير البرنامج النووي الإيراني، سواء من خلال العقوبات والنشاطات في إيران وخارجها التي تضر بالمنشآت والأفراد من أجل إرجاع المشروع النووي إلى الوراء، وفي المقابل بناء خيار عسكري في حال فشل المسار الدبلوماسي/العقوبات وبذلك كسب الوقت على أمل استبدال النظام، والتي قد تحدث أو لا تحدث تغييراً في النوايا للوصول إلى إنتاج قنبلة نووية. هل هذه استراتيجية للتعامل مع تقدم إيران نحو سلاح نووي عسكري؟.. على ما يبدو أمر كهذا متاح.

للتعامل مع النووي الإيراني بُعدان النوايا والقدرات. يجب أن يُنظر إلى نية النظام الإيراني في بناء خيار نووي ليس فقط في سياق بقاء النظام، وهو هدف مهم في حد ذاته بالنسبة له، ولكن أيضاً نتيجة لتصور التهديد الذي يمثله على إيران. في نظرة إلى المنطقة، ترى إيران حولها دولاً نووية. كما أن إيران ليس لديها رد تقليدي على الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، والذي تعزَّز في أوائل التسعينيات من القرن الماضي. وفقاً لذلك، فإن بناء خيار نووي، حتى لو اشتمل على استثمارات ضخمة في المرحلة الأولى، سيجعل إيران محصنة ضد مصير مشابه لذلك الذي حل بالعراق في ظل حكم صدام حسين. لذلك، طالما أن صورة التهديد لم تتغير والنظام في طهران مستمر في الخوف على بقائه، فلا داعي لافتراض أن إيران ستنحرف عن سعيها للحصول على قدرة نووية.

منذ أن تبيّن أن نظام آية الله في إيران قد استأنف البرنامج النووي، انخرطت إسرائيل في البداية في محاولة لمنعه من الحصول على مساعدة خارجية لبناء البنية التحتية العلمية والتقنية المتعلقة بدورة الوقود النووي وهو جهد حقق نجاحاً جزئياً. ولاحقاً، أرادت إسرائيل تأخير تطور البرنامج عبر القيام بنشاطات سرية واتخاذ خطوات سياسية واقتصادية مالية. هذه المساعي أدت إلى أنه بعد أكثر من ثلاثة عقود من الجهود المتواصلة، لم تتمكن إيران بعد من إكمال مهمتها في الحصول على قنبلة نووية. لكن عرقلة البرنامج أو تأجيله لا يعني أن إيران غيرت نواياها الاستراتيجية، على العكس. إيران مصممة أكثر من أي وقت مضى على تحقيق الهدف الذي تقترب منه حالياً، حيث يدور الجدل حول مسألة ما إذا كانت إيران قد وصلت بالفعل إلى وضع دولة العتبة النووية، أم أنها قريبة جداً من استكمال الشروط اللازمة لذلك، أي، تخصيب يورانيوم لمستوى 90% (القدرة التقنية موجودة والسؤال هو كم من الوقت سيستغرق تجميع كمية كافية لإنتاج عدة قنابل)، جهاز تفجير (هناك اختلافات في الرأي بخصوص المرحلة التي وصلت اليها إيران في هذا الجانب) ووسائل إطلاق. التقدير هو أن إيران لديها القدرة التقنية وأن "الاختراق إلى القنبلة" مرهون بقرار سياسي.

أيضاً قرار إدارة الرئيس ترامب (بدعم فاعل من رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو) الانسحاب من صفقة النووي، ينبغي النظر إليه في سياق العرقلة/ التأخير. الانسحاب من الصفقة التي ساهمت، رغم كلّ شوائبها بتأخير البرنامج، زاد حافزية إيران، على الرغم من العقوبات الإضافية التي فرضت عليها، للتقدّم بنسبة كبيرة إلى هدفها.

وسيلة أخرى لعرقلة تقدّم البرنامج وهي هجوم عسكري يستهدف البنية التحتية النووية. مثال قصف مفاعل "أوزيراك" في العراق (1981) لم يعد ذي صلة في مسألتنا، على الرغم من أنّ العراق، من حينها وحتى اليوم ولأسباب مختلفة، ليس لديه قدرة نووية. إيران (على عكس العراق في حينه) لديها بنية تحتية موزّعة ويصعب تدميرها بضربة واحدة. بمعزل عن التطرّق إلى قضية القدرة الإسرائيلية على إنزال ضربة قاصمة بالبنية التحتية النووية وبالتالي إرجاعها إلى الوراء، ينبغي أن نتذكّر كلام هايمن بشأن المخاطر المرتبطة بهجوم عسكري.

وهناك وسيلة أخرى، ذات صلة بالوضع الحالي، لعرقلة جهود إيران للوصول إلى النووي وهي الردع الأمريكي الموثوق. ردع إسرائيلي، مهما كان موثوقاً، لن يكون كافياً لردع إيران عن تنفيذ الخطوات الأخيرة المتبقّية لاستكمال البرنامج. تصريحات مثل "كل الخيارات على الطاولة" إلى جانب الإعلان بأنّ الولايات المتحدة لن تسمح لإيران بالوصول إلى القنبلة، لا تكفي لردع إيران. التحدّي الماثل أمام إسرائيل هو إحداث تغيير في الموقف الأمريكي. التغيير يجب أن يتجلّى ويظهر بتشديد العقوبات وعزل إيران أكثر، إلى جانب رسم خطّ أحمر يلزم الولايات المتحدة بعمل عسكري في حال تخطّته إيران. كل هذا فيه ما يجعل الردع الأمريكي موثوقا أكثر مما هو عليه اليوم.

العيب في الاستراتيجية الحالية، وبالتالي الانتقادات الموجّهة لها، في أنّها لم تطبّق بالكامل حتى الآن. فرصة تطبيقها بشكل كامل، بوسائل سياسية، اقتصادية و/أو مالية، غير مرتبطة بإسرائيل التي يمكنها المشاركة كما فعلت حتى اليوم بنجاح جزئي. ولذا، على إسرائيل أن تواصل جهودها لإشراك الولايات المتحدة ودول أخرى لرفع حدّة تصريحات بشأن تصميمها على منع إيران من حيازة قنبلة نووية. الخيار العسكري المطروح ليس استراتيجية بديلة، بل هو وسيلة إضافية لتأخير تقدّم إيران باتجاه حيازة القنبلة. وحتى لو طبّقت بنجاح، فمن غير المؤكّد أن تكون كافية لتغيير نوايا وتوجّهات النظام. وإنّما على العكس لأنّها قد تزيد الحافزية وتعزّز قرار النظام "الاختراق إلى القنبلة". باكستان وكوريا الشمالية هما أيضاً مثالان على أن الدول المصمّمة على إحراز قنبلة تحرز هدفها في نهاية المطاف. وبما أنّ نجاح الاستراتيجية التي تجمع بين الضغط السياسي، الاقتصادي والردعي، الرامية إلى ضرب القدرات الإيرانية، لا يضمن تغيير توجّهات النظام وإصراره على الوصول إلى القنبلة، يتعيّن على إسرائيل الاستعداد لليوم التالي ومواءمة استراتيجيتها الأمنية مع الواقع - ليس فقط واقع إيران نووية بل أيضاً إمكانية أن تقرّر دول أخرى السير في طريق إيران وتطوير برنامج نووي وبالتالي الحصول على ضمانة نهائية لبقاء وديمومة أنظمتها.

مركز أبحاث الامن القومي – شمعون شتاين (باحث كبير في معهد أبحاث الامن القومي)

إخترنا لكم من العدد

إعرف عدوك

تقدم إيران في البرنامج النووي.. هل توجد استراتيجية مواجهة بديلة؟

تقدم إيران في البرنامج النووي.. هل توجد استراتيجية مواجهة بديلة؟ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ترجمة وإعداد: حسن سليمان ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ في مقابلة نشرت في صحيفة ...

إقليميات

الرئيس تبون ومحاربة الفساد في الجزائر

الرئيس تبون ومحاربة الفساد في الجزائر ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ توفيق المديني ـــــــــــــــــــــ قبل ثلاث سنوات شهدت الجزائر حراكاً شعبياً كبيراً، وكانت مطالبه تتمثل في المطالب المتعلقة ...

دوليات

الدبابات الثقيلة الى الميدان.. الغرب يطيل أمد المواجهة العسكرية مع روسيا

الدبابات الثقيلة الى الميدان.. الغرب يطيل أمد المواجهة العسكرية مع روسيا ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ابتسام الشامي ــــــــــــــــــــــــــــ بموافقة كل من الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا تزويد أوكرانيا ...

محليات

بعد قرارات البيطار وارتفاع سعر الصرف هل تنجح واشنطن والرياض في إشعال الفتن ونشر الفوضى الداخلية؟!!

أوساط سياسية للبلاد: بعد قرارات البيطار وارتفاع سعر الصرف هل تنجح واشنطن والرياض في إشعال الفتن ونشر الفوضى الداخلية؟!! ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ محمد الضيقة ــــــــــــــــــــــ إن الثابت الوحيد ...