مجلة البلاد الإلكترونية

الهيئة العامة للتجمع: "استذكارَ مجزرةِ صبرا وشاتيلا يجعلنا ننظرُ الآن بكثيرٍ من الحذرِ لما يحصلُ في مخيمِ عينِ الحلوة، ونعتبرُ أن هذا الذي يحصلُ هناك هو استمرارٌ لمسلسلِ إنهاءِ المخيمات"

العدد رقم 406 التاريخ: 2023-09-22

حافة نووية.. حافة حرب وحافة الهاوية

حافة نووية.. حافة حرب وحافة الهاوية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ترجمة وإعداد: حسن سليمان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تواجه إسرائيل مجموعة ظروف التي لا سابق لها والمحفوفة بالمخاطر. في الوقت الذي تتمركز إيران على الحافة النووية والساحة الفلسطينية على حافة التصعيد الواسع، إسرائيل نفسها تسريع مسرعة نحو حافة استكمال تشريع مصيري في نظام حكمها.

أعداء إسرائيل يراقبون برضى، ويكتسبون الثقة وقد يراهنون بالسير على الحافة، التي سيتبعها تصعيد واسع وربما حرب. اجتياز الحافة التشريعية من إسرائيل الحالية إلى تلك التي لا نعرفها مرتبط بقرار حكومة إسرائيل فقط. لكن في مساحة متعددة الجوانب، وحيث يكون مصير إسرائيل على المحك، فإنه لم يفت الأوان للتوقف، والتحدث والتفكير قبل العبور وقبل هاوية الفوضى.

كثرت في الفترة الأخيرة التقديرات بأن إيران تتمركز كدولة حافة نووية، حيث يفصل فقط بينها وبين تحقيق قدرتها الحالية والتسلح بالسلاح النووي – القرار. مطلوب اثني عشر يوماً من القرار وحتى تخصيب كميات كافية لمواد انشطارية لأول قنبلة. قد يستغرق تصميم السلاح وتركيبه على صاروخ أو قنبلة سنة أو سنتين أخريين. بالإضافة إلى الحافة، ينتظر إيران واقع جديد ستحاول عبوره والوصول إلى الهدف - مظلة نووية تحمي النظام من التهديدات، وتسمح له بدفع العدائية في المنطقة وخارجها، وكذلك تشكيل تهديد وجودي على دولة إسرائيل -. بالإضافة إلى التهديد النووي، تظهر العديد من الوجوه المستقبلية الأخرى من مساحة الحافة: السعودية سبق أن أعلنت أنه إذا حصلت إيران على السلاح النووي، فإنها ستتسلح به بنفسها (والتفاهمات الأخيرة للرياض مع طهران لن تغير ذلك). الولايات المتحدة التزمت منع إيران من امتلاك السلاح النووي، إسرائيل أعلنت أنها ستفعل كل ما هو مطلوب لمنع ذلك، والدولتان نفذتا مناورات وتنسيقات لتعزيز هذا السيناريو. على إيران أن تحسم قرارها بين الفائدة المتوقعة من اجتياز الحافة إلى السلاح النووي وبين خطورة ومعقولية المخاطر في الطريق إلى هذا الهدف وإلى ما بعده. إسرائيل، من جانبها، تستعد للأسوأ، وربما في المستقبل الذي ليس ببعيد.

 في السنة الأخيرة ظهر تدهور أمني على الساحة الفلسطينية، مصدره غرق السلطة الفلسطينية في أفول حكم محمود عباس، وبصعود جيل شاب لم يعرف الانتفاضة، بالتحريض ومواصلة الصراع والقتال، وأيضاً بفقدان الأفق وطريق سياسي مسدود.

منذ هجمات آذار 2022 يخوض الجيش الإسرائيلي عملية مستمرة، "كاسر الأمواج"، لإحباط الهجمات. شبان مسلحون في الضفة الغربية ينفذون هجمات ضد الاستيطان الإسرائيلي وقوات الجيش الإسرائيلي وعلى محاور الطرقات، ويهاجمون قوات الجيش الإسرائيلي خلال عمليات الاعتقال. ولا زالت القدس تشكل بؤرة متفجرة للهجمات والصراع على السيطرة على الحرم القدسي. الحساب الدموي يطول، وضمن إطاره تتلقى إسرائيل هجمات صعبة ومؤلمة، والفلسطينيون من جانبهم دفعوا الثمن، مئة قتيل وجريح وآلاف المعتقلين. قبيل شهر رمضان وأعياد الربيع – الصيف (الفصح، يوم الاستقلال، يوم القدس، وفي المقابل يوم النكبة) يزداد التقدير أن الساحة على حافة المواجهة الواسعة، بما في ذلك إمكانية الانزلاق إلى داخل أراضي إسرائيل، كما حدث في عملية "حارس الاسوار".

مجلس الأمن اجتمع مرتين لمناقشة الوضع على هذه الساحة، وفقط بتدخل الولايات المتحدة تم الاكتفاء بإعلان إدانة وليس بقرار ضد إسرائيل. القيادة السياسية - الأمنية للولايات المتحدة وكذلك لمصر والأردن، منشغلة في مساعي للتهدئة قبل وقوع الكارثة. تدفع حكومة إسرائيل من جانب بسياسات تسعى إلى التهدئة وإدارة الصراع، ومن جانب ثاني إلى سياسات تصعيدية تسعى لحسم الأمور. إضافة إلى الحافة، ينتظر هناك أيضاً تصعيد واسع إضافي، بما في ذلك في قطاع غزة ومنه، وأيضاً الضم يتوسع في الضفة الغربية، وأيضاً يرتسم وجه المستقبل: توسيع ترتيب قوات الجيش الإسرائيلي التي تستثمر هناك، أعمال إجرامية قام بها مثيرو شغب يهود في حوارة أثناء غياب قوات الشرطة والجيش الإسرائيلي من التواجد هناك، دعوات لمحو القرية نالت دعم من وزير كبير (حتى لو تراجع بعد ذلك)، هجمات المستوطنين على قوات الجيش الإسرائيلي، وصعود وزير وأعضاء كنيست إلى النقطة الاستيطانية أبيتار، من خلال انتهاك أمر الجيش باعتبارها منطقة مغلقة.

في نفس الوقت، في الأشهر الأخيرة مرّت إسرائيل بهزة أرضية سياسية لا سابق لها، في مركزها حملة تشريعية سريعة وعدوانية لتغيير ميزان القوى بين سلطات الدولة. الحكومة تقدّم ذلك كإصلاح قضائي لإعادة القوة للشعب، للكنيست وإلى الحكومة، بينما معارضو هذه العملية يرون فيها انقلاباً سلطوياً لتركيز جميع صلاحيات الحكم بيد الحكومة، والتي تبدأ بتسييس الجهاز القضائي، من أجل الحكم بلا قيود. حملة الحكومة السريعة موجّهة لاستكمال التشريع في الدولة الشهرية للكنيست وتتقدم بسرعة نحو هذه الحافة، التي بالإضافة لها ينتظر واقع جديد. من مساحة الحافة الحالية ظهر وجه: انقسام اجتماعي يتوسع، عنف وتحريض يتزايد، تدهور اقتصادي سريع، عرائض ورسائل لاقتصاديين كبار، من قطاع الهاي تيك، عناصر يخدمون في الاحتياط بمنظومات رأس الحربة في الجيش الإسرائيلي، تحذيرات من يهود الشتات وأيضاً من جانب الإدارة الأمريكية في واشنطن، التي يترأسها أحد أكثر رؤساء الولايات المتحدة ودّية لإسرائيل على الاطلاق.

حتى الآن، يبدو أن قادة الزخم التشريعي نحو تجاوز الحافة يتجاهلون كل هذا، ويلومون المعارضين لعدم قبول نتائج الانتخابات وكل النتائج السلبية، رافضين التوقف "ولو لدقيقة واحدة". أصوات متعددة من الائتلاف تدعو إلى الإبطاء في الإصلاحات والدخول في محادثات بما يتوافق مع المخطط الذي اقترحه الرئيس إسحاق هرتسوغ، لكن المفهوم الذي ما زال سائداً هو الإسراع نحو الحافة التي خلفها الهاوية التي تنتظر إسرائيل.

وفي الخارج يجلس أعداء إسرائيل من طهران إلى بيروت، ويفرحون. الدولة الصهيونية انتفضت على نفسها بعاصفة انتحارية، وظهر في جيشها التصدعات التي تشكل تهديداً على وظيفته، قواته التي تستثمر في الساحة الفلسطينية لا يتم توجيهها إلى الإعداد لحرب محتملة في لبنان، اقتصادها ضَعُف، والدعم الدولي لها في انخفاض. قنوات الدعاية "لمحور المقاومة" قد طرحت بالفعل دعاية "بيت العنكبوت"، التي تؤكد ضعف المشروع الصهيوني، والأمين العام لـحزب الله، حسن نصر الله، تنبأ ألا تشهد إسرائيل عامها الثمانين. إن تباهي أعدائها لا ينذر فقط بتحدي على المدى البعيد، بل على خطر فعلي: شهية متزايدة لأعداء إسرائيل لتحمل المخاطر والسير على الحافة، التي في نهايتها سوء تقدير وتصعيد. سواء حرب لبنان الثانية أو معركة "الجرف الصلب" اندلعتا هكذا، بالخطأ، من دون أن تقصد الأطراف في البداية الوصول إلى تصعيد واسع النطاق.

كل واحد من التحديات الأمنية التي في الخارج، النووي الإيراني، التصعيد على الساحة الفلسطينية والتهديد من الشمال، معقد بما يكفي لجذب الانتباه الكامل للقادة في إسرائيل، عندما يكون كل قرار أو فعل أو إغفال مسألة مصير وعندما تكون أرواح الكثيرين ومستقبل البلاد على المحك. ولكن، المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، الذي لم يجتمع، قليلون هم من لديهم تجربة أمنية مهمة، ومن المشكوك فيه أن يتمكن أي منهم من تخصيص الوقت المناسب لدراسة متعمقة للقضايا الأمنية المطروحة. بعد حوالي شهرين على توليها منصبها تركّز الحكومة بشكل أساسي على "الإصلاح القضائي"، بالضرورة على حساب التحديات الأمنية المقبلة.

الواقف على حافة الباب يتواجد في واقع واحد، معروف ومعلوم، لكن أمامه مساحة غير معلومة، بعضها مرئي أمام ناظره وبعضها مخفي. اجتياز الحافة إلى ما بعدها يمكن أن يكون بقرار واعي، أو بالانزلاق من دون إدراك ذلك. في هذا الوقت، يبدو أن حكومة إسرائيل تندفع مسرعة نحو هاوية تشريعية وتسعى لإيقافها قبل اجتياز حافة التصعيد الواسع مع الفلسطينيين. في نفس الوقت، إيران أصبحت دولة حافة نووية، قبيل اتخاذ قرار في طهران يستوجب اتخاذ قرارات صعبة أيضاً في القدس. مساعي كثيرة تستثمر في ردع إيران عن اتخاذ قرار للتقدم نحو السلاح، لكن هذا القرار سيتخذ في نهاية الأمر في طهران. التصعيد على الساحة الفلسطينية مرتبط بتصرفات الجانبين، ولإسرائيل وزن كبير في هذا، إيجاباً أو سلباً.

إن اجتياز حافة التشريع من إسرائيل الحالية إلى تلك التي لا نعرفها مرتبط بقرار حكومة إسرائيل فقط. في مساحة مليئة بالتشعبات، وعندما يصبح مصير إسرائيل على المحك، لم يفت الأوان بعد للتوقف والتحدث والتفكير قبل العبور وقبل هاوية الكارثة.

معهد أبحاث الأمن القومي – آساف أوريون (باحث كبير في معهد أبحاث الأمن القومي والرئيس السابق للواء الاستراتيجية في الجيش الإسرائيلي)

إخترنا لكم من العدد

إعرف عدوك

حافة نووية.. حافة حرب وحافة الهاوية

حافة نووية.. حافة حرب وحافة الهاوية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ترجمة وإعداد: حسن سليمان ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تواجه إسرائيل مجموعة ظروف التي لا سابق لها والمحفوفة بالمخاطر. ...

إقليميات

اتفاق إيراني - سعودي خسارة أمريكية - إسرائيلية مدوية!

اتفاق إيراني - سعودي خسارة أمريكية - إسرائيلية مدوية! ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ زينب عدنان زراقط ــــــــــــــــــــــــــــــ تلقّى حُلفاء واشنطن في الشرق الأوسط صفعةً جلت بصرهم بعد ...

دوليات

الصين وروسيا تحذران من التداعيات: بدء الخطة العملية لاتفاقية أوكوس

الصين وروسيا تحذران من التداعيات: بدء الخطة العملية لاتفاقية أوكوس ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ابتسام الشامي ــــــــــــــــــــــــــــ تمضي الولايات المتحدة الأمريكية في خطة تطويق الصين وخلق تحديات ...

محليات

تداعيات إيجابية للاتفاق السعودي – الإيراني وانطلاق قطار انتخاب رئيس جديد للبنان قريباً

أوساط سياسية للبلاد: تداعيات إيجابية للاتفاق السعودي – الإيراني وانطلاق قطار انتخاب رئيس جديد للبنان قريباً ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ محمد الضيقة ــــــــــــــــــــــ أحدث الإعلان عن عودة العلاقات السعودية ...