مجلة البلاد الإلكترونية

الهيئة الإدارية: "بداية محاكمة رياض سلامة والادّعاء عليه من قبل الدولة اللبنانية هو خطوة في الاتجاه الصحيح نأمل أن تصل إلى النتائج المرجوة"

العدد رقم 380 التاريخ: 2023-03-17

اتفاق إيراني - سعودي خسارة أمريكية - إسرائيلية مدوية!

زينب عدنان زراقط

اتفاق إيراني - سعودي خسارة أمريكية - إسرائيلية مدوية!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

زينب عدنان زراقط

ــــــــــــــــــــــــــــــ

تلقّى حُلفاء واشنطن في الشرق الأوسط صفعةً جلت بصرهم بعد إفلاس أهم وأكبر البنوك الأمريكية وهكذا دواليك فإن المصارف الأوروبية على غرارها... ليُدرك العالم بأن أمريكا لم تعُد بعدَ الآن حاكمة النظام العالمي الموثوق، فلا أحد بعد على ثقة من إبقاء احتياطاته لديها خوفاً من أن تُصادرها وبدأ تقلّص دورها وازدادت الحاجة لتطوير بديل!.

لقد تبيّن أن الصين وإيران وروسيا، مجموعة بريكس وحُلفاءهم المُتزايدين والأعضاء الجدد الذين سيظهرون في المستقبل ويُطوّرون بدائلهم الخاصةَ عن نظام السويفت، إنه العالم الجديد الذي سيفرض حيثيات الواقع الإيديولوجي الاقتصادي العالمي، وتطوّر العملة البديلة عن الدولار، - إن النفط بدأ يُباع باليوان الصيني -!.

وعلى نفس المنوال فإن الكيان الصهيوني - صنيع ربيبتهِ - يتدحرجُ في مُنزلق الانهيار الداخلي وترقّب حربٍ أهليه تُفكّكِه وتُشتّته أشلاءً وهو يتخفّى وراء أحداث أمنيه على حدوده ليُسلّط الضوء عليها بينما المجهر مُتمركز على آلاف المُستوطنين المُتظاهرين الذين يعمّون الساحات والشوارع الإسرائيلية يُطالبون بإسقاط الحكومة.

من بعدِ كُلّ هذا اللهثِ وراء وعود أمريكا بشرقِ أوسط جديد بحمايةٍ صهيونية ورعايتها المباشرة، أدركت المملكة العربية السعودية أخيراً أن لا حربها على اليمن ومُعاداتها محور المُقاومة ولا ترويجها للتطبيع مع الاحتلال الصهيوني رفعها درجةً في اقتصادها ولا بأمنها ولم تستفد بأيّ شيء يُذكر بل تصدّعَ بُنيانها!. ولعلها عادت أدراجها، واسترجعت رُشدها، لتعود لدى المربع الآمن لها.

إنها خسارةٌ أمريكية - إسرائيلية صافية، وبروزٌ يسطع لنجم محور المقاومة وشقّ طريقٍ عريض أمام مشروع "الحزام والطريق" - المبادرة الصينية - التي تفتح المجال أمام تحالف أوراسيا - الصين وإيران وروسيا - لقيادتهم ريادة العالم الجديد، وتلك هي السعودية أولى الدول العربية التي بادرت باستئناف علاقاتها مع الجمهورية الإسلامية في إيران وهذا ما سيحمل في جُعبته تأثرات إقليمية، فما هي انعكاساتُه على المنطقةِ وتحديداً على وجود الكيان الإسرائيلي وواقع المُقاومة الفلسطينية؟.

خطرٌ إسرائيلي ودعمٌ للمقاومة

اتفاق إيراني سعودي وعودة العلاقات الدبلوماسية ها قد أُبرِمَ من بعد ما يَقرُب من نصف قرن من أزمة العلاقات السياسية بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة السعودية التي سارت وفق التوجّه الأمريكي "الإسرائيلي" بعد قيام الثورة الإيرانية - بقيادة الإمام الخميني(قده) -، وتسمية الجمهورية الإسلامية الإيرانية عام 1979 م، ليُشكّل هذا الاتفاق ضربةً سياسية كبيرة لحكومة نتنياهو التي كانت وما زالت تروِّج لضربة عسكرية ضد إيران لكونها المهدد الأكبر لمنطقة الخليج العربي، ما يعني عملياً فشل المحاولات الإسرائيلية في إحداث شرخ عميق في العلاقات العربية الإيرانية، لمصلحة كيان الاحتلال.

وبالطبع ستترك آثارها الإيجابية على القضية الفلسطينية، وقد بثّت قوى المقاومة الفلسطينية رسائل الطمأنينة للقيادة السعودية في محاولة جادّة لتبديد مخاوف المملكة، وإعادة العلاقات السعودية الفلسطينية إلى سابق عهدها كعلاقة أخوية بين الشعبين الفلسطيني والسعودي، لاسيّما أن عضو المكتب السياسي لحركة حماس خليل الحية قد رحّب باستئناف العلاقة بين المملكة العربية السعودية وبين جمهورية إيران لكونها خطوة مهمّة على طريق توحيد صفوف الأمّة، وتعزيز الأمن والتفاهم بين الدول العربية والإسلامية، وتحقيق الاستقرار في المنطقة، مؤكداً أن هذه الخطوة تصبّ في صالح القضية الفلسطينية، ودعم صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال.

فيما اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق "نفتالي بينيت" بأن "تجديد العلاقات بين السعودية وإيران تطوّرٌ خطير وخطير "لإسرائيل" وانتصار سياسي لإيران بدّد جهود بناء تحالف إقليمي ضد إيران" واتهم حكومة نتنياهو بالفشل السياسي والاقتصادي وحمّل حكومته تعريض إسرائيل للخطر. كذلك، "بيني غانتس"، وزير الحرب السابق، وجد أن تجديد العلاقات بين إيران والسعودية تطور مقلق، يزيد من التحديات الأمنية الهائلة التي تواجه دولة إسرائيل، مُنتقِداً رئيس الوزراء وحكومته "المشغولين بالانقلاب على الشعب".

هذا القلق الجسيم والخطر الذي حذّر منه قادة العدو من بعد عودة العلاقات السعودية الإيرانية لما لها من تداعيات مُتوقعة على المقاومة الفلسطينية بنجاح التدخلات الإيرانية بتغيير السياسة السعودية تجاه المقاومة الفلسطينية، باعتبارها حليفاً استراتيجياً لإيران، وهذا تعززه التغيرات السياسية في المنطقة العربية، وعودة العلاقات مع النظام السوري، بمعنى أن تشمل عملية ترميم العلاقات حركات المقاومة الفلسطينية أيضاً، وهو مسلكٌ يحتاج لوقتٍ كافٍ لإعادة المملكة ترجمة مواقِفها والتراجع عن اعتبار إسرائيل كحليف "محتمل"، ولعلَّ المرجّح بدايةً اتخاذ السعودية قرارات بالإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين والأردنيين المناصرين للمقاومة الفلسطينية، وطي صفحة الخلافات السابقة، في ظل استمرار منع وملاحقة أي دعم للمقاومة الفلسطينية - وهي سياسة دأب عليها النظامين الأردني والمصري طوال السنوات الماضية -، إنها مبادرات قد نلتمس أُفقها في الأشهر المقبلة، مع تعزيز العلاقات الإيرانية السعودية، ووضع حلول سياسية للصراعات في اليمن وسوريا.

تسويات إقليمية ونهاية إسرائيل

ومن المتوقع أن تنعكس عودة العلاقات بين البلدين على مجموعة من الملفات على مستوى الإقليم، وخصوصاً فيما يتعلّق بالملف اليمني بشكل أساسي، وعلى عودة العلاقات بين السعودية وسوريا التي شهدت عدّة مخاضات ولم تولد بعد. وفي الدرجة الثانية ستنعكس هذه العلاقات على خفض التصعيد الكلامي والتوتر السياسي لحلفاء السعودية في لبنان.

أما بالنسبة للعراق، فالسعودية لديها تحفّظ على تعيين رئيس الوزراء العراقي الحالي محمد شياع السوداني باعتباره رجل الفصائل العراقية الموالية لإيران في العراق. ومع ذلك واصلت بغداد جهودها لدفع الحوار بين إيران والسعودية لمعالجة القضايا العالقة، حيث رعت 5 جولات من المفاوضات. وفور إعلان عودة العلاقات بين البلدين، صرّحت الخارجية العراقية بأنّ هذا الاتفاق "سيُعطي دفعة نوعية في تعاون دول المنطقة، بهدف إطار يحقق تطلعات جميع الأطراف ويؤذن بتدشين مرحلة جديدة".

في الختام، ما حصل بين إيران والسعودية هو نموذج لما تريده الصين وروسيا في منطقتنا، التي تعتبر قلب العالم، من حيث أنها تشكل صلة الوصل بين شرق آسيا وأوروبا وأفريقيا. وفي المنطقة التي تحتوي أهم ممرات التجارة الدولية وأهم موارد النفط والغاز لا مكان لـ "إسرائيل" مستقبلاً التي ستغدو مع تراجع الهيمنة الغربية أكثر قلقاً وتخوّفاً من المشروع الإيراني ورؤية إيران - التي ما توانت يوماً عن مساعدة المقاومة الفلسطينية -، فهل يتفكك المشروع الصهيوني مع نهاية الهيمنة الغربية المطلقة من دون الحاجة لحصول حرب أو مواجهة؟.

 

 

إخترنا لكم من العدد

إعرف عدوك

حافة نووية.. حافة حرب وحافة الهاوية

حافة نووية.. حافة حرب وحافة الهاوية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ترجمة وإعداد: حسن سليمان ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تواجه إسرائيل مجموعة ظروف التي لا سابق لها والمحفوفة بالمخاطر. ...

إقليميات

اتفاق إيراني - سعودي خسارة أمريكية - إسرائيلية مدوية!

اتفاق إيراني - سعودي خسارة أمريكية - إسرائيلية مدوية! ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ زينب عدنان زراقط ــــــــــــــــــــــــــــــ تلقّى حُلفاء واشنطن في الشرق الأوسط صفعةً جلت بصرهم بعد ...

دوليات

الصين وروسيا تحذران من التداعيات: بدء الخطة العملية لاتفاقية أوكوس

الصين وروسيا تحذران من التداعيات: بدء الخطة العملية لاتفاقية أوكوس ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ابتسام الشامي ــــــــــــــــــــــــــــ تمضي الولايات المتحدة الأمريكية في خطة تطويق الصين وخلق تحديات ...

محليات

تداعيات إيجابية للاتفاق السعودي – الإيراني وانطلاق قطار انتخاب رئيس جديد للبنان قريباً

أوساط سياسية للبلاد: تداعيات إيجابية للاتفاق السعودي – الإيراني وانطلاق قطار انتخاب رئيس جديد للبنان قريباً ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ محمد الضيقة ــــــــــــــــــــــ أحدث الإعلان عن عودة العلاقات السعودية ...