خضر عدنان يَترجّل عن صهوة الجهاد.. شهيداً
هيثم أبو الغزلان

خضر عدنان يَترجّل عن صهوة الجهاد.. شهيداً
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هيثم أبو الغزلان
ــــــــــــــــــــــ
لم يُنْهِ الشيخ المجاهد خضر عدنان، القيادي في حركة الجهاد الإسلامي حياته دون شهادة مباركة. لقد أبى إلا أن يلتحق بركب الصاعدين إلى ذرى المجد؛ لتُشكل شهادته بداية انعطافة جهادية في مسيرة المقاومة الفلسطينية.
مُفجّر المعركة
فجّر خضر عدنان معركة الأمعاء الخاوية، فكان أوّل الواصلين إلى نصر فيها، فكرَّت بعدها جولات الصراع والاشتباك المستمر، بينه وبين إدارات السجون، ليُشكّل بعناده، الذي يشبه عناد الشعب الفلسطيني، الذي يرفض التنازل، أو الاستسلام معادلة الكرامة والمواجهة والاشتباك المستمر. فلو تم تخييره بين حياة قصيرة ملؤها الذل والعار، وبين الموت/الاستشهاد، فإنه يختار الموت الموصل إلى صناعة الحياة الحرة الكريمة، بلا احتلال، أو قيود.
لقد عمل الاحتلال بخطوات مدروسة، ومخطط لها، لكي يصل وضع الشيخ خضر عدنان إلى الاغتيال/الاستشهاد. لقد كانت كل المؤشرات تشير إلى ازدياد وضعه الصحي تردّياً، لكن الاحتلال اختار المُضيّ بطريق تصفية الشيخ خضر، من أجل التخلص من شخصية جهادية إسلامية مقاومة، دائمة الاشتباك معه، وترفض الحلول الوسطية.
لم يمر اغتيال الشهيد خضر عدنان دون الرد بالصواريخ من قطاع غزة، وخرجت الجماهير الفلسطينية في فعاليات مندّدة، وخاض الشبان مواجهات ضد قوات الاحتلال، ونفّذ المقاومون سلسلة من عمليات إطلاق النار على حواجز الاحتلال. فقد رصد مركز المعلومات الفلسطيني "معطى" 20 عملاً مقاوماً بالضفة والقدس، أبرزها 3 عمليات إطلاق نار، ومحاولة دهس، وإلقاء زجاجات حارقة ومفرقعات نارية، واندلاع مواجهات.
واندلعت مواجهات في 15 نقطة متفرقة، رشق خلالها الشبان قوات الاحتلال بالحجارة والمفرقعات النارية.
كما أدى الاغتيال إلى حالة غليان في السجون، وحصلت بعض التحركات والاحتجاجات، وألقى أسير زيتاً مغلياً على ضابط صهيوني انتقاماً لاغتيال الشيخ خضر عدنان.. وبكل تأكيد فإن معركة الرد لن تقف عند هذا الحد، بل ستتفاقم وتزداد اشتعالاً في المرحلة المقبلة.
إن الاحتلال ديدنه مواصلة إجرامه ضد الأسرى الفلسطينيين. فقد سعى إلى تحويلهم إلى مجرد أرقام؛ لكنهم آثروا المواجهة والاشتباك، وحوّلوا المعتقلات إلى مدارس نضالية وكفاحية مقاوِمة رافضة لوجود الاحتلال. والأرقام لها دلالاتها حين تشير إلى وجود 236 أسيراً فلسطينياً استشهدوا منذ العام 1967، ومع استشهاد عدنان يرتفع الرقم إلى 237. وبين دلالة أرقام الاستشهاد ينتظر معتقل آخر دوره ليقضي نتيجة التعذيب، أو القتل البطيء، أو من خلال اغتيال واضح، تسكت عنه، كما العادة مؤسسات حقوق الإنسان التي لا ترى إلا بعين صهيونيّة.
انعطافة
من الواضح أن اغتيال الشهيد القائد خضر عدنان، سيحدث انعطافة في العمل المقاوم، خصوصا في الضفة المحتلة. فمعظم عمليات الاغتيال التي نفذتها دولة الاحتلال لم تحقق أهدافها، بل أدّت في كثير من الأحيان إلى نتائج عكسية، وتحولت بالنسبة له من فرصة إلى تحد.
لقد أحدثت عملية التحرر عبر نفق جلبوع التي قادها القيادي في حركة الجهاد الإسلامي محمود العارضة، تحولاً في مسار العمل المقاوم في الضفة، من خلال إصرار حركة الجهاد على إعادة إطلاق العمل المقاوم، عبر تأسيس كتيبة جنين على يد القائد جميل العموري، تلك التجربة التي توسّعت عبر الفعل المقاوم لتشمل العديد من المدن الفلسطينية شمال الضفة، ويخشى جيش الاحتلال من انتقال التجربة إلى جنوب الضفة، فتصبح كل الضفة تقتدي بهذا النموذج المقاوم الذي قام على أسس: الوحدة الميدانية، والابتعاد عن الخلافات السياسية، واستمرار مقاومة الاحتلال.
دور الأسرى
لقد رد الأسرى الفلسطينيين على سياسات سلطات الاحتلال، واعتداءاتها الوحشية، فخاضوا سلسلة من الإضرابات الجماعية، ولاحقاً الفردية، لكسر سياسة الاعتقال الإداري. بعض هذه الإضرابات حقق إنجازات عديدة، وبعضها ارتقى خلالها شهداء. وفي العموم أثبت الأسرى أنهم قادرون على مواجهة سياسة الاحتلال، وأن تشكّل تحركاتهم الاحتجاجية رافعة للعمل الفلسطيني، فيما لو تم فعلياً البناء عليها.
ومن هنا، وبعد اغتيال العدوّ للشيخ خضر عدنان، لا بدّ من أن يُحدِثَ ذلك، في المرحلة المقبلة انعطافةً جهادية في مسيرة المقاومة، عبر الوصول إلى برنامج وطني فلسطيني جامع أساسه المقاومة المسلحة، وتعريف الوضع القائم على أننا نعيش في مرحلة تحرر وطني، تستلزم تصعيد الكفاح بكل أشكاله وعلى رأسه الكفاح المسلح من أجل تحقيق أهدافنا الجمعية في التحرّر من الاحتلال، والانتصار على كلّ مشاريعه وأدواته، سيما أن الكيان يعيش وسط أزمات متصاعدة ومتلاحقة تهدد الكيان نفسه، ما يستلزم من المقاومة تعميق تلك الأزمات من أجل التخلص من الاحتلال.. وهذا عين ما استشهد من أجله خضر عدنان وكل شهداء شعبنا الفلسطيني.