حبر على ورق
غسان عبد الله

حبر على ورق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غسان عبد الله
ــــــــــــــــــــــــــ
منتهى
أفتحُ دفاترَ أحزاني.. أشرَبُ قصيدةَ أرَقْ.. وأسهرُ الليلَ كلَّهُ.. أعبُّ من كأسِ أحزانِ أصدقائي المهاجرين.. عبرَ الأنفاقِ بلا وطنٍ ولا قصائدَ ولا جوازات سفر.. أكتبُ أسماءَهم اسماً، اسماً.. أو جثةً، جثةً.. وحين أسقطُ على الرصيفِ من الثمالةِ سيحملونني – في توابيتهم – إلى الوطنْ.
الشاعرُ المصلوبْ
ماذا تُسَمِّيهِ العواصفُ والرِّياحْ..!؟.. ماذا تُسَمِّيهِ الجراحْ..!؟.. يخشى ليالي الهجرِ والكتمانْ.. وينامُ حنجرةً بلا عنوانْ.. يَسْتَسْلِمُ السلطانُ والشعراءُ تحتَ قصيدِهِ.. وينامُ تحت رمادِهِ الإعصارْ.. ماذا لَدَيْهِ الآنَ غيرُ شواطئِ الأحزانِ غيرُ شواطئِ التذكارْ..!؟.. وَجَدُوهُ مطعوناً بقافيةٍ تسيلُ دماً.. بعاصفةٍ تَصُدُّ يداً بدائرةٍ قتيلْ... وَجَدُوهُ مصلوباً على دربِ الصهيلْ.
فاتحةُ الجمال
كم وردةٍ حَبِلَتْ بها الكلماتُ.. كم زيتونةٍ شرقيَّةٍ غَنَّتْ بها الشَفَتَانِ.. كم تُفَّاحَةٍ لمليكةِ التُّفَّاحِ والزيتونِ والرُّمَّانِ.. كم صَفْصَافَةٍ نَهَضَتْ على جَرْسِ النِّبَالْ.. كم سِرْتُ في وطنِ البَلاَبلِ والسِّلالْ!!.. لَمْلَمْتُ لهفتي لا مُعَاتَبَةً ولا تَعَبٌ بِبَالْ.. لَمْلَمْتُ عِطْرَ البرتقالْ.. أنا كُلَّما صَلَّيْتُ فاتحةً لَهَا أَدْرَكْتُ فاتِحَة الْجَمَالْ.
مشاكسة
لأنَّ الشمسَ ظلتْ نائمةً إلى الضحى في قصرِ الإمبراطورْ.. لمْ تستيقظ المدينةُ – هذا الصباح – غير أن السجينَ المشاكسَ مدَّ أظافرَهُ الطويلةَ الحادةَ – عبرَ القضبانِ – ووخزَ جلدَها الأرجوانيَّ فاندلقَ دمُها فوقَ كوةِ زنزانتهِ وأضاءَ العالم.