مجلة البلاد الإلكترونية

الهيئة العامة للتجمع: "استذكارَ مجزرةِ صبرا وشاتيلا يجعلنا ننظرُ الآن بكثيرٍ من الحذرِ لما يحصلُ في مخيمِ عينِ الحلوة، ونعتبرُ أن هذا الذي يحصلُ هناك هو استمرارٌ لمسلسلِ إنهاءِ المخيمات"

العدد رقم 406 التاريخ: 2023-09-22

روسيا تتهم وأوكرانيا تنفي محاولة اغتيال الرئيس الروسي تصعيد خطير في سياق الأزمة

ابتسام الشامي

روسيا تتهم وأوكرانيا تنفي

محاولة اغتيال الرئيس الروسي تصعيد خطير في سياق الأزمة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ابتسام الشامي

ــــــــــــــــــــــــــــ

شهدت المواجهة العسكرية الروسية الأطلسية تطوراً خطيراً من شأنه أن يغيّر مسارها، فما بعد محاولة اغتيال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يكون كما قبلها حتماً. ولئن دلّت تصريحات المسؤولين الروس على الاتجاه الذي يمكن أن تتطور إيه طبيعة الاشتباك العسكري الجاري في أوكرانيا، فمن المتوقع أن لا يمر الاختراق الأمني لسماء العاصمة الروسية عبر مسيرات مفخخة، من دون تداعيات داخلية.

بتوقيت الهجوم المضاد

أطلقت المحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرحلة جديدة من المواجهة الروسية الاطلسية المفتوحة في أوكرانيا منذ الرابع والعشرين من شباط 2022, فمن وقف خلف قرار الاغتيال يدرك تماماً تداعياته السياسية والميدانية، ويعلم علم اليقين أن القيادة الروسية سترد على هذا التطور بما يتناسب وحجم خطورته، ولذلك يمكن التقدير أن صانع القرار ربما أراد رفع حرارة الصراع، لدرجات من شأنها أن تتجاوز الخطوط الحمر، فضلاً عن تغيير المعادلات التي حكمته حتى الآن. وما يدفع إلى هذا التقدير أن الهجوم، جاء في سياق تزخيم كييف هجماتها العسكرية ضد مناطق في شرق أوكرانيا سبق أن أعلنت روسيا سيطرتها عليها، ضمن ما بات يعرف بالهجوم المضاد، الذي رجّح رئيس مجموعة "فاغنر" العسكرية الروسية الخاصة، يفغيني بريغوجين، انطلاقه بالفعل، مشيراً إلى أن قواته تراقب نشاطاً متزايداً على طول الجبهة. وبناء عليه فإنه توقع أن تبدأ "المرحلة النشطة للهجوم المضاد في الأيام المقبلة"، إنفاذاً لوعد قطعته الحكومة الأوكرانية، لاستعادة السيطرة على الأراضي التي ضمّتها روسيا في شرق البلاد، وهو ما ترجم عملياً بتصعيد أوكراني ملحوظ، في مقاطعة بريانسك الحدودية، حيث استهدف تفجيران خط سكك الحديد، وفي شبه جزيرة القرم، التي أعلن جهاز الأمن الفدرالي الروسي، إحباطه سلسلة من الهجمات فيها، بتخطيط من أجهزة الاستخبارات التابعة لوزارة الدفاع الأوكرانية.

وإذا كان هجوم المسيرات المفخخة على مقر إقامة الرئيس الروسي مؤشراً على حدة المرحلة المقبلة من الصراع، فإن تصريحات المسؤولين الروس تعقيباً على الهجوم، كانت أكثر دلالة في التعبير عن سخونة الصراع في المقبل من الأيام، لا سيما مطالبتهم برأس النظام الأوكراني كردٍّ ملائم على الهجوم، علماً أن موسكو سارعت إلى اتهام كييف وواشنطن بالوقوف خلفه، وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، للصحافيين، إن "جهود كييف وواشنطن لإنكار أي مسؤولية لهما عن الهجوم الذي استهدف بطائرتين مسيّرتين مبنى الكرملين بقصد اغتيال الرئيس فلاديمير بوتين، سخيفة تماماً. فالقرارات المتعلّقة بهجمات كهذه لا تتّخذ في كييف، بل في واشنطن. كييف تنفذ ما يطلب منها". وفي بيان لاحق صادر عنه، أعلن الكرملين أنه يعتبر هذه الأفعال "عملاً إرهابياً مخططاً له ومحاولة لاغتيال الرئيس قبيل الاحتفال بيوم النصر وموكب التاسع من أيار الذي من المقرر أيضاً أن يحضره ضيوف أجانب"، مؤكداً أنه "يحتفظ بحق الرد بإجراءات في المكان والزمان اللذين يراهما مناسبين".

التصعيد الروسي

وفي انتظار قرار الرد وما سيصدر عن القيادة الروسية في هذا الشأن، كشفت تصريحات المسؤولين الروس عن المدى الذي يمكن أن يبلغه الرد المرتقب، وفي هذا الإطار قال نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، ديمتري ميدفيديف، إن "هجوم الكرملين لا يدَع أمام روسيا خياراً سوى القضاء على فلوديمير زيلنسكي وأعوانه"، وكتب مدفيديف في قناته على "تيليغرام": "بعد هجوم اليوم، لم يتبق سوى التحييد الجسدي لزيلنسكي وعصابته، لا حاجة له حتى لتوقيع قرار الاستسلام غير المشروط". وأضاف: "هتلر، كما هو معروف، لم يوقع عليه أيضاً.. سيكون هناك دائماً بديل".

من جانبه، صرح رئيس مجلس النواب الروسي فياتشيسلاف فولودين، معلقاً على الهجوم، بأن "نواب مجلس الدوما سيطالبون باستخدام أسلحة قادرة على تدمير النظام الإرهابي الأوكراني. مؤكداً أنه بعد الهجوم "لا يمكن أن تكون هناك مفاوضات مع نظام زيلنسكي، فهو يهدد أمن روسيا وأوروبا والعالم بأسره"، مضيفاً أن "السياسيين الغربيين الذين يضخون السلاح لنظام زيلنسكي أصبحوا شركاء مباشرين للأنشطة الإرهابية".

وفي ما اعتبر نائب رئيس مجلس الدوما، بيوتر تولستوي، بأن الهجوم "عمل إرهابي ضد بوتين، وهجوم على روسيا"، وضع النائب وزعيم حزب "روسيا العادلة"، سيرغي ميرونوف، سيناريوهات الرد المرتقب، وبعدما أوضح أن محاولة اغتيال بوتين مبرر "حرب حقيقية للقضاء على النخبة الإرهابية في أوكرانيا". شدّد ميرونوف على أنه "بالنسبة إلى الرئيس الأوكراني ومجلسه العسكري، يمكن أن تكون هناك ثلاثة خيارات فقط: تكرار مصير هتلر، أو تكرار مصير الإرهابي جوهر دوداييف - في إشارة إلى قائد شيشاني اغتيل عام 1996 - أو مواجهة المحكمة الدولية لجرائم الحرب والجرائم الأخرى".

أما عضو اللجنة الدستورية لمجلس الاتحاد الروسي، ألكسندر باشكين، فقد رأى أن محاولة كييف ضرب الكرملين بطائرات مسيرة، "تفرض على روسيا توجيه ضربات أقوى ضد مؤسسات الدولة الأوكرانية، بما فيها مقر إقامة الرئيس في شارع بانكوفايا في كييف، إضافة إلى المؤسسات الحكومية".

النفي الأوكراني والأمريكي

وأمام رفع روسيا سقف التهديدات ضد أوكرانيا على خلفية هجوم الطائرات المسيرة، سارعت الرئاسة الأوكرانية إلى نفي علاقاتها بالهجوم. وقال ميخايلو بودولياك، مستشار الرئيس زيلنسكي في تصريح صحافي "بالتأكيد، لا علاقة لأوكرانيا بهجمات المسيرات على الكرملين"، قبل أن يضيف "ينبغي فحسب اعتبار هذه التصريحات التي أطلقتها روسيا محاولة لإعداد ظروف يمكن استخدامها ذريعة بهدف شن هجوم إرهابي واسع النطاق في أوكرانيا".

أما الولايات المتحدة الأمريكية التي اتهمها الكرملين بالوقوف خلف الهجوم، فقد تبرأت من أي علاقة لها فيه. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الابيض جون كيربي، في تصريحات إلى قناة MSNBC "يمكنني أن أؤكد لكم أن الولايات المتحدة غير ضالعة في هذا... أياً كان ما حدث، فنحن غير متورطين فيه... لا علاقة لنا".

وأضاف أن بلاده لا تشجّع أو تمكّن أوكرانيا من ضرب أهداف خارج حدودها، لافتاً إلى أنه لم يتّضح بعد ما الذي حدث بالضبط في الكرملين، حيث تجري واشنطن حالياً تقييماً للموقف." متهماً الكرملين بالكذب "بكل وضوح وبساطة".

على أن النفي الأوكراني والأمريكي للعلاقة بهجوم الطائرات المسيرة بما يمثله هذا الهجوم من تجاوز خطير للخطوط الحمر، أرفق بسيناريو يوحي بأن روسيا افتعلت حدثاً لتبرير عمل عسكري كبير في أوكرانيا. وإذ لمّح مستشار زيلنسكي إلى هذا السيناريو، فإن موقع "بيزنس إنسايدر" الأمريكي تساءل هل أصبحت لدى كييف ذراع طويلة في الهجوم بالمسيرات؟ أم هل دبرت روسيا مثل هذه العملية لتبرير تصعيد خطير في محاولة لكسر الجمود العسكري؟ وفي إحدى الفرضيات التي طرحها للإجابة عن السؤال، يقول الموقع "ثمة إشارات تشي بافتعال روسيا الهجوم المزعوم، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يكن في خطر أبداً، وهذا المبنى الأيقوني لم يتعرّض لأضرار طفيفة، كما استغل السياسيون الروس هذا الأمر على الفور ليقولوا إن روسيا نفسها تتعرض للهجوم". وقال المؤرخ العسكري ومستشار الناتو في مجال المسيرات جيمس باتون روجرز للموقع إن "من المحتمل أن تكون الضربة والخطاب المصاحب لها قد دبرتهما روسيا لتبرير هجوم اغتيال محتمل على الرئيس الأوكراني زيلنسكي".

ختام

بين الاتهام الروسي لأوكرانيا والولايات المتحدة الأمريكية بالوقوف خلف هجوم الطائرات المسيرة، واتهامهما لها بافتعال حادثة لتبرير أمر عمليات عسكري ما، تدخل المواجهة الروسية الاطلسية منعطفاً خطيراً، سيكون له الكثير من التداعيات العسكرية والسياسية.

إخترنا لكم من العدد

إعرف عدوك

نجاح المحادثات في منزل الرئيس حاسمة لأمن إسرائيل

نجاح المحادثات في منزل الرئيس حاسمة لأمن إسرائيل ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ترجمة وإعداد: حسن سليمان ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تواجه دولة إسرائيل منعطفاً حرجاً من وجهة نظر ...

دوليات

روسيا تتهم وأوكرانيا تنفي محاولة اغتيال الرئيس الروسي تصعيد خطير في سياق الأزمة

روسيا تتهم وأوكرانيا تنفي محاولة اغتيال الرئيس الروسي تصعيد خطير في سياق الأزمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ابتسام الشامي ــــــــــــــــــــــــــــ شهدت المواجهة العسكرية الروسية الأطلسية تطوراً خطيراً من ...

محليات

المبادرة الفرنسية هي السبيل الوحيد لملء الفراغ الرئاسي والرياض لا تضع فيتو على فرنجية

أوساط سياسية للبلاد: وسط التطورات التي يشهدها الإقليم.. المبادرة الفرنسية هي السبيل الوحيد لملء الفراغ الرئاسي والرياض لا تضع فيتو على فرنجية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ محمد ...