مجلة البلاد الإلكترونية

الهيئة العامة للتجمع: "استذكارَ مجزرةِ صبرا وشاتيلا يجعلنا ننظرُ الآن بكثيرٍ من الحذرِ لما يحصلُ في مخيمِ عينِ الحلوة، ونعتبرُ أن هذا الذي يحصلُ هناك هو استمرارٌ لمسلسلِ إنهاءِ المخيمات"

العدد رقم 406 التاريخ: 2023-09-22

واشنطن تتمركز نووياً في شبه الجزيرة الكورية: "إعلان واشنطن" تهديد لكوريا الشمالية وتطويق للصين

ابتسام الشامي

ابتسام الشامي

ــــــــــــــــــــــــــــ

في ما تواصل الولايات المتحدة الأمريكية حشد الدعم العسكري لأوكرانيا لضمان صمودها في مواجهة روسيا قفزت خطوة اضافية في سياق استفزاز كوريا الشمالية، من بوابة جارتها الجنوبية التي توصلت معها إلى اتفاقية، تعزز الحضور العسكري الأمريكي التقليدي والنووي في شبه الجزيرة المنقسمة.

إعلان واشنطن

لم تكن زيارة رئيس كوريا الجنوبية يون سيوك يول، إلى الولايات المتحدة الأمريكية نهاية الشهر الماضي عادية، ليس لكونها الزيارة الاولى لرئيس كوري جنوبي إلى واشنطن منذ اثني عشر عاما، بل في الاساس لمضمون التفاهمات العسكرية التي توصل اليها مع نظيره الأمريكي جو بايدن وحملت اسم "اعلان واشنطن".

ولئن جاء الإعلان لمناسبة الذكرى السبعين لتحالف واشنطن وسيول، فإنه ذهب ابعد من كونه تعزيز التحالف بين الجانبين، ليكون بمثابة التهديد لكوريا الشمالية وتعزيز الردع في قبالتها. فالإعلان الذي يلتزم فيه الرئيسان "بتطوير علاقة دفاع متبادل أقوى من أي وقت مضى" يحدد الكيفية التي سترد بها الدولتان على "الأحداث غير المتوقعة "في اشارة إلى بيونغ يانغ، حيث التزم الرئيس الأمريكي، بأن "أي هجوم نووي من جانبها-اي كوريا الشمالية- ضد جارتها الجنوبية سيقابل برد سريع وحاسم". ووفقاً للإعلان ذاته، اتفقت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية على تعزيز تعاونهما بشكل كبير في مجال الدفاع، بما يشمل النووي، من خلال تكثيف المشاورات. وفي هذا السياق أوضح الرئيس يول انه اتفق مع بايدن "على مباشرة مشاورات ثنائية فورية في حال حصول هجوم كوري شمالي نووي، وتعهدا بالرد عليه بسرعة وبشكل حاسم من خلال استخدام كل قوة تحالفنا بما في ذلك أسلحة الولايات المتحدة النووية". ومن الإجراءات المتفق عليها في "إعلان واشنطن" توقف غواصة نووية قادرة على إطلاق صواريخ في كوريا الجنوبية للمرة الأولى منذ أربعة عقود، كما يوفر الاعلان آلية تشاور وتبادل معلومات مع سيول على صعيد الردع النووي.

ويعتبر تطوير العلاقات العسكرية بين الجانبين على النحو الذي تضمنه إعلان واشنطن تطوراً لافتاً يوضح مستوى الاهتمام الذي توليه الولايات المتحدة الأمريكية لمنطقة المحيطين الهادئ والهندي ضمن استراتيجية احتواء الصين وحلفائها وفي مقدمهم كوريا الشمالية ذات البرنامج النووي العسكري الآخذ في التطور. وهو ما يعكسه كلام مسؤول أمريكي نقل عنه موقع الجزيرة نت، ملاحظته ان الاجراءات التي اتفقت عليها بلاده مع كوريا الجنوبية "لم تتخذها زمن الحرب الباردة مع بعض أقرب حلفائنا في أوروبا". موضحاً أن الولايات المتحدة تسعى من خلال ذلك إلى "جعل آلية الردع الخاصة بنا أكثر بروزاً عبر نشر وسائل إستراتيجية بشكل دوري".

رسائل تهديد

إعلان واشنطن الذي توّج زيارة رئيس كوريا الجنوبية إلى الولايات المتحدة لمناسبة الذكرى السبعين لتحالف البلدين، هدف بشكل أساسي لردع كوريا الشمالية بعد سلسلة تجارب أجرتها لتطوير قدراتها النووية، لكنه هدف أيضاً إلى توجيه رسائل قوية للصين من البوابة الأمنية، فالاتفاق بين الجانبين على نشر غواصات أمريكية مسلحة نووياً في كوريا الجنوبية، لا يمكن الا ان تنظر اليه بكين بعين القلق، وهي تلاحظ اتجاه كوريا الجنوبية لتبني الاستراتيجية الأمريكية لاحتواء نفوذها، وهو ما عكسته مواقف يول خلال الزيارة لا سيما تلك المتعلقة بمسألة تايوان، حيث سجل انزياحاً ملحوظاً إلى جانب المقاربة الأمريكية للمسألة التايوانية، من خلال تأكيده "أهمية ضمان الاستقرار في مضيق تايوان"، وهو موقف يعني عمليا معارضة أي محاولة من جانب الصين لضم تايوان بالقوة. ولم يكتف يول بهذا في إطار اظهار تحول في سياسية بلاده حيال قضايا حساسة بالنسبة للصين، بل ذهب ابعد من ذلك، بتأييده "الجهود التعاونية التي تدعمها الولايات المتحدة لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة بما في ذلك إقامة تحالف أوكوس"، الذي يهدف بشكل جوهري، من خلال مراقبة تحركات البحرية في المحيطين الهادئ والهندي.

ردود الفعل

وبقدر خطورة الرسائل التي وجهها لكليهما، جاءت ردود فعل الصين وكوريا الجنوبية على اعلان واشنطن، اذ سارعت بكين إلى التحذير من "إثارة مواجهة" مع كوريا الشمالية، بعدما قال الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الكوري الجنوبي يون سوك يول إن أي هجوم نووي تطلقه كوريا الشمالية "سيفضي إلى نهاية" نظامها. وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ "يتعين على جميع الأطراف مواجهة جوهر قضية شبه الجزيرة – الكورية - والقيام بدور بناء في تعزيز تسوية سلمية للقضية". ودعت إلى وقف "الإثارة المتعمدة للتوترات والمواجهة والتهديدات". وإذ أكدت بكين أن واشنطن "تتجاهل الأمن الإقليمي" من خلال استغلال قضية شبه الجزيرة الكورية، رأت أن "ما تفعله الولايات المتحدة يقوّض نظام عدم الانتشار النووي والمصالح الإستراتيجية للدول الأخرى".

وفي بيونغ يانغ نشرت الوكالة الرسمية لكوريا الشمالية، تعليقا وصفت خلاله زيارة "يون"، إلى الولايات المتحدة بأنها "الرحلة الأكثر عدائية وعدوانية واستفزازاً، وخطورة بالنسبة لحرب نووية". منتقدة باسم القيادة "اتفاق القمة بين سيول وواشنطن بخصوص تعزيز الردع الموسع الأمريكي، وأكدت أنه "نتاج سياسة عدائية شائنة ضد بيونغ يانغ".

وبحسب الوكالة ذاتها فإن إعلان واشنطن "مؤامرة حرب نووية خطيرة تتستر بلافتة الأمن"، ومن خلال هذا الإعلان "أظهر عملاء الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية مخططهم لغزو كوريا الشمالية بصورة أوضح من ذي قبل"، وفق تعبيرها. وفي سياق متصل رات كيم يو جونغ، شقيقة زعيم كوريا الشمالية، أن الاعلان المشترك لواشنطن وسيول سيعرض الأمن الدولي للخطر. ونقلت وكالة الأنباء المركزية عنها قولها، ان "الاعلان سيؤدي فحسب إلى تعرض أمن منطقة شمال شرق آسيا والعالم بأسره لخطر أكبر، وهذا عمل لا يمكن الترحيب به".

خاتمة

قبل زيارة رئيس كوريا الجنوبية إلى الولايات المتحدة، بأيام قليلة، أرسل الرئيس الصيني شي جين بينغ رسالة إلى نظيره الكوري الشمالي كيم جونغ أون، ابدى فيها عزمه على الدفع بالعلاقات بين بيكين وبيونغ يانغ نحو مستوى أعلى. الرسالة في توقيتها جاءت ردا على ادانة مجموعة السبع من اليابان التجارب الصاروخية التي تجريها كوريا الشمالية. وما بعد اعلان واشنطن وما حمله من رسائل امنية وعسكرية للصين وكوريا الشمالية، فإن التوقع ان يدفع الاعلان إلى تسريع خطوات رفع مستوى العلاقات، كاستجابة طبيعية لتحد جديد يواجه البلدين معاً.

إخترنا لكم من العدد

آخر الكلام

سيد العمق.. شامخ الهامة "إلى السيد الشهيد مصطفى بدر الدين في ذكراه"

سيد العمق.. شامخ الهامة "إلى السيد الشهيد مصطفى بدر الدين في ذكراه" ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ غسان عبد الله ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ على شرفةٍ من دمكَ.. ‏يستحمُ المساءْ‏.. كسيرَ الخطى.. ...