معركة "ثأر الأحرار" منعطف جديد في عملية الصراع
هيثم أبو الغزلان

معركة "ثأر الأحرار" منعطف جديد في عملية الصراع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هيثم أبو الغزلان
ــــــــــــــــــــــ
هَدَف العدو الصهيوني إلى توجيه ضربة قاصمة إلى حركة الجهاد الإسلامي وسرايا القدس، باغتياله عدداً من قادتها، وإحداث شرخ في بيئة المقاومة، ودق إسفين في العلاقة بينها وبين حركة حماس.
فكان رد الجهاد الإسلامي وحدوياً ضمن الإطار الوطني وبغطاء كامل من غرفة العمليات المشتركة التي حمّلت العدو المسؤولية الكاملة عن المجزرة، وتعهدت بالرد الموجع عليها، وهذا ما حصل.
تحوّل
مما لا شك فيه أنّ معركة "ثأر الأحرار" تشكل تحولاً في مسار المقاومة، ضمن سياقٍ تراكميّ تصاعدي بعد 15 جولة صراع ضد العدو الصهيوني منذ 2005، لم تحقق خلالها دولة العدو في أيّ منها أهدافها بنصر كامل. وهذا يستوجب دراسة معركة "ثأر الأحرار" دراسة معمقة، لناحية: الأهداف، والمسارات، والنتائج، والخلاصات التي يمكن البناء عليها لاحقاً لمسارات الصراع وتطوراته ضد العدو.
لقد أقلقت حركة الجهاد الإسلامي العدو في الضفة من خلال قيادتها للمقاومة هناك، ولفعاليتها في إطلاق الصواريخ، بحسب تصريحات لنتنياهو وقادة من كيانه.
وعلى الرغم من النجاح العملياتي للعدو الصهيوني في اغتيال عدد من قادة سرايا القدس وحركة الجهاد الإسلامي، إلا أن سرايا القدس المظفرة قد حققت إنجازات كبيرة في معركة "ثأر الأحرار".
فردّ السرايا جاء ضمن التوافق الوطني، قادته ونفذته سرايا القدس، من خلال الحجم الكامل للرد وطبيعته والإدارة الناجحة والموفقة للمعركة سياسياً عسكرياً، ومن خلال امتلاكها لزمام الميدان بصمتها المرعب للاحتلال لأكثر من 36 ساعة، قبل أن تدك بصواريخها ضمن التوافق الوطني المستوطنات والمدن الصهيونية التي شلتها الصواريخ، وأفقدت الاحتلال القدرة على إعادة ترميم قوة الردع لديه.
لقد استهدفت حركة الجهاد الإسلامي، خلال ردها مناطق ضمن مساحة تبعد نحو 60 -70 كيلو متراً عن غزة ما أربك القيادة العسكرية والجبهة الداخلية الإسرائيلية. يضاف إلى ذلك تنقيطها لإطلاق الصواريخ، وتوسعة الرد تدريجياً، وهدد الناطق باسم سرايا القدس أبو حمزة أن السرايا لديها القدرة لتوسعة شعاع الاستهداف ليشمل كلّ فلسطين المحتلة. في المقابل، دمّر العدو 93 وحدة سكنية بشكل كلي، وأصبحت 128 وحدة سكنية أخرى غير صالحة للسكن، كما تضرر 1820 وحدة سكنية بشكل جزئي.
سوء تقدير
هذا المشهد شهد تحولاً داخل الساحة الإسرائيلية وفي الإعلام العبري الذي مع استمرارية المعركة بدأ يتحدث عن فشل العملية العسكرية الإسرائيلية ضد الجهاد وغزة بتحقيق أهدافها. وبعض القادة والمحللين الإسرائيليين طالبوا نتنياهو بضرورة وقف إطلاق النار، بعدما ثبت سوء التقدير الإسرائيلي حول طبيعة رد حركة الجهاد الإسلامي التي تصدّرت معركة ثأر الأحرار بمساندة فصائلية واحتضان شعبي.
ومن هنا بدأت المعركة تأخذ مسارين: عسكري ميداني، وسياسي دبلوماسي. وظهر بوضوح أن الكيان افتتح المعركة، لكنه لم يستطع التحكم بمساراتها، ولا بنتائجها. وبعد 5 أيام من القتال لم ينجح العدو في ترميم قدرة الردع لديه، وعلى المستوى المتوسط سيفقد نتنياهو كل النتائج التي ادّعى أنه حققها بعد عمليات الاغتيالات في صفوف قيادة حركة الجهاد والسرايا، التي قصفت غلاف القطاع، ووصلت صواريخها إلى "تل أبيب" والقدس المحتلة، وظهر بذلك فشل "القبة الحديدية" في التصدي لأكثر من نصف صواريخ "السرايا"، ما أضاف ثغرة جديدة إلى سور "إسرائيل" الذي أرادته أن يكون درعاً واقياً، فخرقته صواريخ السرايا.
معركة سياسية ناجحة
أما على الصعيد السياسي، فقد خاضت حركة الجهاد الإسلامي معركة سياسية استطاعت فيها فرض شروطها: وقف استهداف المدنيين، والأفراد (وقف عمليات الاغتيالات)، ووقف هدم المنازل. وهي التي صاغت الاتفاق الذي أعلنت عنه مصر كما أعلن بذلك الأمين العام زياد النخالة. الاتفاق الذي ستلتزم به الجهاد بقدر التزام العدو به وبمقتضياته.
لقد شكلت معركة "ثأر الأحرار" مع عملية اغتيال الشهيد القائد خضر عدنان قبلها، منعطفاً جديداً في عملية الصراع ضد المشروع الصهيوني، سيكون لها ما بعدها من مراكمة نقاط القوة وتعزيزها باتجاه التحرير الكامل وما ذلك على الله بعزيز.