مجلة البلاد الإلكترونية

الهيئة الإدارية: "تفاجأنا بتأييد أصدقائنا في التيار الوطني الحر لجهاد أزعور وهو من قالوا عنه بالأمس: "أن الإبراء له مستحيل" فكيف تحول إلى ممكن بين ليلة وضحاها؟!!"

العدد رقم 392 التاريخ: 2023-06-09

عمران خان يتحدى المؤسسة العسكرية الصراع في باكستان يتعمق ويتمدد

ابتسام الشامي

عمران خان يتحدى المؤسسة العسكرية

الصراع في باكستان يتعمق ويتمدد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ابتسام الشامي

ــــــــــــــــــــــــــــ

رفعت التطورات الجارية في باكستان منسوب الخطر الأمني في البلد المترامي الأطراف جغرافياً وديموغرافياً، وعلى الرغم من الإفراج عن رئيس الحكومة السابق عمران خان بقرار قضائي، فقد بقيت الصدامات بين الشرطة والمتظاهرين الداعمين لخان عنوان الحدث الأبرز وسط توقعات بأن تزداد الأمور سخونة ربطاً بالانتخابات المنتظرة في شهر آب، وأن تتمظهر اتساعاً في الشرخ بين المؤسستين القضائية والعسكرية.

تطورات الاحداث

بقرار المحكمة العليا عدم قانونية اعتقال رئيس الحكومة الباكستانية السابق، يكون عمران خان قد حقق انتصاراً سياسياً في إطار معركته المفتوحة مع الدولة العميقة في البلاد منذ أن أقصي من منصبه في نيسان من العام الماضي، بانقلاب داخل البرلمان أطاح بالائتلاف الحكومي الذي حمله إلى رئاسة الحكومة. ولئن نجح الانقلاب في إخراجه من موقعه، إلا أنه فشل في "إعدامه" سياسياً، وإخراجه بالتالي من الحياة السياسية، بعدما تمكّن خلال سنوات صعوده مع حزبه "حركة الإنصاف" من بناء شعبية كبيرة في أوساط الباكستانيين، عبّرت الأحداث التالية للانقلاب عن اتساعها وتمددها، لاسيما في الأسبوعين الأخيرين حينما تصدى أنصاره لقرار اعتقاله بتظاهرات شهدت اشتباكات عنيفة مع الشرطة والجيش، نتج عنها سقوط ضحايا وجرحى، ووضع البلاد على حافة الاحتراب الداخلي. ولم يكن الإعلان عن اعتقال خان للتحقيق في تهم فساد نسبت إليه، سوى محطة في سياق صراع ترتفع حدّته بين رئيس الحكومة السابق والحالي شهباز شريف، ومن خلفهما المؤسستين القضائية والعسكرية، صاحبتي التأثير الاقوى في التوازن السياسي لباكستان.

وإذا كان قرار الاعتقال قد دفع بأنصار خان إلى الاستبسال في الدفاع عنه، في وجه المؤسسة العسكرية وقراراتها، وبالتالي إنتاج لحظة الحدث الحالية ممثلة بالصدام مع الشرطة والجيش، إلا أن مسلسل الأحداث كان قد بدأ مطلع العام الجاري، مع سعي خان للدفع بانتخابات نيابية مبكرة لإعادة إنتاج السلطة، وهو من أجل ذلك أوعز إلى محازبيه بالاستقالة من برلمانَي البنجاب وخيبر بختونخوان، حيث يتمتع حزب الإنصاف بغالبية مقاعدهما، وكان الهدف من وراء هذه الخطوة، حثّ الحكومة على إجراء انتخابات برلمانية، خلال مهلة 90 يوماً من تاريخ حل البرلمانَين، وفق ما يقتضيه الدستور. وقد أظهر هذا القرار تصميم خان وأنصاره على الذهاب بعيداً نحو تغيير مفاعيل الانقلاب عليه، وتصعيد المواجهة مع الحكومة ومن خلفها الجيش.

لهذه الأسباب خان ليس مرغوباً فيه أمريكيا

وبمعزل عن الأجندة السياسية الداخلية وآليات إعادة إنتاج السلطة من خلال الانتخابات المبكرة سواء العامة منها أو المحلية، فإن ما يجري في باكستان اليوم يمثل صراعاً قوياً بين رئيس الحكومة السابق بما يمثّله من قوة شعبية، والدولة العميقة وفي مقدمها المؤسسة العسكرية صاحبة النفوذ الأقوى في البلاد، التي انقلبت على خان واتخذت، بحسب القراءة السياسية لحزب الإنصاف قراراً بشطبه من المعادلة السياسية في باكستان، على خلفية مواقفه وقراراته المتعلقة بإدارة السياسة الداخلية والخارجية لبلاده، وإجراء تحوّلات جذرية في علاقاتها مع "أصدقائها" التاريخيين وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية. وفي هذا السياق يمكن الإضاءة على النقاط التالية في المواقف والأداء السياسي لعمران خان:

- رفضه طلباً بإقامة قاعدة عسكرية أمريكية في باكستان بعد الانسحاب من أفغانستان.

- رفضه التطبيع مع الكيان المؤقت، في خضمّ موجة التطبيع الأخيرة التي حملت اسم اتفاقيات أبراهام.

- تعزيز علاقات إسلام آباد مع كلّ من موسكو وبكين.

- رفضه إدانة روسيا في الأمم المتحدة على خلفية عمليتها العسكرية في أوكرانيا، والرد على طلب الأوروبيين بالإدانة بالقول "لسنا عبيداً عندكم"!

- مواقفه الداعمة للمقاومة الفلسطينية إبان معركة سيف القدس.

من دون أن ننسى أيضاً، أن عمران خان عارض، من موقعه النيابي آنذاك، العدوان السعودي على اليمن، مع انطلاقته عام 2015، وعمل لأن تكون باكستان وسيطاً للحل السياسي، لا شريكاً في سفك الدم اليمني.

هذه المواقف غير المعهودة، في السياسة الباكستانية، مذ ارتضت إسلام أباد أن تدور في الفلك الأمريكي في المنطقة، أثار غضب الولايات الأمريكية وحلفائها الإقليميين، الذين عملوا مجتمعين على إضعاف خان، بالتحالف مع رموز الدولة العميقة، من أولئك المتضررين من حملته ضد الفساد والفاسدين. ولئن نجح الفريق المعادي في إقصائه عن السلطة مرحلياً، فإنه فشل حتى الآن في إقصائه عن الحياة السياسية، وفي التأثير في تنامي شعبيته التي يراهن عليها خان، لتصحيح الوضع القائم، متكئاً أيضاً على المؤسسة القضائية التي أعطت قراراتها الأخيرة، لاسيما قرار ابطال اعتقاله - بحجة حصول الاعتقال من دون إذن قضائي - مؤشراً على أنها جزء من الصراع في مواجهة المؤسسة العسكرية، في تطور لافت في الحياة السياسية الباكستانية، بدأ الحديث معها عن نجاح خان في "تقريب" قضاة منه.

في هذا السياق تنقل مجلة "فورين بوليسي" عن مصادر مقربة من حكومة شريف، قولها، إن "الخلاف بين الحكومة والمحكمة العليا يندرج في إطار مؤامرة مدبرة من قبل قضاة موالين لخان". وفي قراءتها لمآلات الصراع، تشير المجلة الأمريكية، إلى أن ما ذهبت إليه الحكومة الباكستانية يشي بأنها "لن تسمح لقرارات المحكمة العليا بأن تقف في طريق أهدافها السياسية في وجه خان. وعن استراتيجية حكومة شريف لمواجهة خان، تعتقد "فورين بوليسي" أن "للحكومة مصلحة قوية في الحفاظ على غموض نواياها في شأن الانتخابات الوطنية، بالنظر إلى أن حالة الضبابية وعدم اليقين من شأنها أن تبقي مصير خان وحزبه وجمهوره على المحك، وفي حالة من التوتر والترقب". مضيفة أنه "إلى حين التزام الحكومة بإجراء انتخابات وطنية كما هو مقرر، سيبقى موقف خان، شأنه شأن قاعدته الشعبية المتنامية، متيناً وصلباً".

خاتمة

يعزز تموضع المحكمة العليا والمؤسسة العسكرية، كل في وجه الأخرى وإن بشكل غير مباشر حتى الآن، الفرضية القائلة بأن لا نهاية وشيكة للصراع الجاري في باكستان، وبانتظار ما ستحمله التطورات والتمظهرات الأمنية للصراع، فإن مستجداً طرأ على الواقع السياسي في البلد النووي، جوهره هزّ مكانة المؤسسة العسكرية ممثلاً بإصرار رئيس الحكومة السابق على تحدّيها، والانقلاب على انقلابها ضده، وإذا كان هذا الأمر يعتبر مساً بإحدى الخطوط الحمر الداخلية، فإن "خطورة" ما يجري، يكمن في أن أداء خان يستند إلى حاضنة شعبية، وبالتالي فإن الحديث يدور عن إنتاج حالة تحدي للمؤسسة الأقوى في باكستان على الإطلاق.

إخترنا لكم من العدد

إعرف عدوك

نهاية عهد الاضطرابات: الانفراج الإقليمي وانعكاساته

نهاية عهد الاضطرابات: الانفراج الإقليمي وانعكاساته ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ترجمة وإعداد: حسن سليمان ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ برزت في الآونة الأخيرة أولوية واضحة لدول أساسية في المنطقة ...

إقليميات

"إسرائيل" أعجز وأضعف من أن تدخل في حرب طويلة ومفتوحة

"إسرائيل" أعجز وأضعف من أن تدخل في حرب طويلة ومفتوحة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ زينب عدنان زراقط ــــــــــــــــــــــــــــــ ما حصل في غزة الأسبوع الماضي من عملية عسكرية ...

دوليات

عمران خان يتحدى المؤسسة العسكرية الصراع في باكستان يتعمق ويتمدد

عمران خان يتحدى المؤسسة العسكرية الصراع في باكستان يتعمق ويتمدد ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ابتسام الشامي ــــــــــــــــــــــــــــ رفعت التطورات الجارية في باكستان منسوب الخطر الأمني في البلد المترامي ...

محليات

بعد فشل حوارها مع التيار الوطني القوات تبحث عن مرشح لمواجهة فرنجية والثنائي ثابت على دعمه

أوساط سياسية للبلاد: بعد فشل حوارها مع التيار الوطني القوات تبحث عن مرشح لمواجهة فرنجية والثنائي ثابت على دعمه ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ محمد الضيقة ــــــــــــــــــــــ بات الملف الرئاسي ...