مجلة البلاد الإلكترونية

الهيئة الإدارية: " نتنياهو يؤجل إعلان الهدنة الدائمة ووقف إطلاق النار لأنه يعلم أنه سيدفع الثمن الأكبر لنتائج العدوان على غزة وفشله في مواجهة ملحمة طوفان الأقصى"

العدد رقم 416 التاريخ: 2023-12-01

"مجموعة السبع" تدق ناقوس الخطر.. قمة هيروشيما استنفار أمريكي غربي لإسناد النظام العالمي ومنع انهياره

ابتسام الشامي

"مجموعة السبع" تدق ناقوس الخطر..

قمة هيروشيما استنفار أمريكي غربي لإسناد النظام العالمي ومنع انهياره

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ابتسام الشامي

ــــــــــــــــــــــــــــ

في ما كانت روسيا تعلن سيطرتها الكاملة على مدينة باخموت الاستراتيجية في أوكرانيا، كانت الولايات المتحدة الأمريكية ومعها الدول الغربية تحاول استنقاذ هيبتها السياسية والعسكرية المتآكلة بفعل نتائج المواجهة الأطلسية الروسية..

ومن منصة قمة مجموعة السبع الكبرى، نصبت واشنطن وحلفاؤها مدافعها الثقيلة باتجاه روسيا والصين ودول الجنوب المنكفئة عن الانخراط في مشاريع الحرب الأمريكية، على أمل ردعها وصد قوة تقدمها، ووقف تمردها.

التحولات العالمية

وفّرت المواجهة الروسية الأطلسية الجارية في أوكرانيا، فرصة لاختبار جديد وحساس لموازين القوى الدولية، فرضته تحولات شهدها العالم منذ مطلع الألفية الجديدة، لعل أبرزها فشل الولايات المتحدة الأمريكية في مشروع الهيمنة على منطقة غرب آسيا عبر مشروع الشرق الأوسط الجديد، بالموازاة مع "الانبعاث" الروسي، و"الصحوة" الصينية، إلى جانب نشوء تكتلات دولية ذات طبيعة اقتصادية وسياسية كمنظّمَتَيْ شنغهاي وبريكس. ولئن جاءت هذه التحولات لتشكل تهديداً حقيقياً للنظام العالمي القائم منذ نهاية الحرب العالمية، حيث تمتلك الولايات المتحدة التأثير الأقوى في إدارته والتحكم به، لاسيما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، فقد كان متوقعاً، أن تعمل واشنطن بكل ما تمتلكه من أوراق قوة، على منع تغيير الوضع القائم، مشخّصة بناء عليه، التهديدات والتّحديات، وفي مقدمها تعاظم الصين، وتوسُّع الحضور الروسي لاسيما في أوروبا من بوابة الموارد النفطية، هذا فضلاً عن تعاظم قوة إيران الإقليمية وارتفاع مستوى دعمها لحلفائها بما غيّر في معادلات المنطقة السياسية منها والعسكرية.

وبين إدارة جمهورية وأخرى ديمقراطية، اختلف التكتيك الأمريكي في التعامل مع التهديدات من دون أن يمس ذلك بالجوهر، لتكون الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة جو بايدن، الأكثر توضيحاً لمقاصد الولايات المتحدة الأمريكية في هذه المرحلة وفق أولوية مواجهة الصين وروسيا. وعلى خلفية هذا التشخيص، دفعت أوكرانيا لتكون رأس حربة المواجهة مع روسيا، فيما اختارت تايوان لتكون مقدمة الاحتكاك العسكري المباشر مع الصين، متى آن موعدها.

مقررات قمة هيروشيما

استعادة المشهد الدولي بما فيه من تغيّر في موازين القوى على المسرح العالمي بناء على الأحداث المتتالية منذ بداية القرن الحالي، فرضتها التطورات الأخيرة، في المواجهة الروسية الأطلسية، وما ينتج عن المنخرطين فيها من الدول الكبرى من قرارات ومواقف واستراتيجيات عمل، ولعلّ ما جرى في قمة الدُّول السّبع الكبرى في اليابان وما صدر عنها من قرارات يستدعي هذا النوع من المراجعة لفهم حركة الصراع وتموضوع القوى الكبرى في إطاره، خصوصاً وأن القرارات المتّخذة تمثل في مكان ما، بناء استراتيجية حرب ضد الدول المعادية للقوى الغربية، وهو ما يؤكد بالتالي أن العالم يندفع في حرب عالمية ثالثة تتصاعد درجة حرارتها تدريجياً.

ففي ختام قمة الدول السبع الكبرى التي استضافتها مدينة هيروشيما اليابانية حيث ارتكبت الولايات المتحدة الأمريكية مجزرة إبادتها بالسلاح النووي نهاية الحرب العالمية الثانية، قررت الأخيرة بالتوافق مع كندا واليابان وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا، أخذ المبادرة العملية لوقف انهيار النظام العالمي القائم بما تتمتع فيه من امتيازات الهيمنة على مؤسساته وقراراتها. وتحت شعار مواجهة "التحديات العالمية في هذه اللحظة" شخصت تهديدين رئيسيين هما، التهديد العسكري الروسي، والاقتصادي الصيني. ومن هذه الخلفية العدائية، قررت المجموعة الدولية، اتخاذ مجموعة من الاجراءات في مختلف المجالات لخوض المواجهة مع التهديدين المذكورين، في إطار موحد، بهدف احتوائهما من جهة، وردع الأطراف المترددة التي فضّلت عدمَ الانخراط في الصراع، وبناء سياسات مستقلة في مجالات متعددة.

ولئن عكس البيان الختامي للقمة، مستوى الخطر الذي يتهدّد النظام العالمي القائم، فإن من المهم الإشارة هنا إلى أن حضور القمة لم يقتصر على قادة الدول السبع، وإنما شملت الدعوة أيضاً رؤساء الاتحاد الأوروبي، والمنظمات المنبثقة عن النظام العالمي، بما في ذلك وكالة الطاقة الدولية، وصندوق النّقد الدولي، ومنظمة التعاون والتنمية، إضافة إلى منظمة الأمم المتحدة والبنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة التجارة العالمية، التي اتفقت في ما بينها على الدفاع عن النظام القائم.

ولأن المواجهة في أوكرانيا تعتبر مفصلية في سياق الصراع، فقد قررت قمة مجموعة دول السبع، تعزيز دعمها المتعدد الأبعاد لكييف، وفق ما جاء في بيان القمة، الذي شدّد أيضاً على تعزيز "النظام العالمي الحر القائم على احترام سيادة القانون"، ومعارضة "أي محاولات أحادية الجانب لتغيير الأوضاع القائمة بالقوة أو الإكراه أو الاستيلاء على الأراضي بالقوة في أي مكان في العالم" في رسالة إلى الصين بشأن خططها لإعادة ضم تايوان.

عقوبات جديدة على روسيا

وكما أوضح البيان، فإن النقاشات التي دارت خلال القمة وتوزعت على عناوين مختلفة من بينها الصحة والتكنولوجيا والطاقة والأمن وغيرها، نوقشت بخلفية التهديد الذي يواجه النظام العالمي وبالتالي فإن القرارات الصادرة عنها، جاءت بخلفية المواجهة مع التهديدين الروسي والصيني. وفي هذا الإطار جدّدت القمة إدانة "الغزو الروسي لأوكرانيا"، وتبنّت عقوبات جديدة على موسكو والدول المساعدة لها للتحايل على العقوبات المفروضة عليها، وقد شملت العقوبات حظر صادرات جميع العناصر الحيوية لآلة الحرب. والعمل المحكم على منعها من تعزيز إيرادات خزينتها من خلال إقفال منافذ تصريف ثروتها من الطاقة والموارد الأخرى لاسيما عوائدها من الصناعات المرتبطة بالألماس، فضلاً عن تقييد حركة استفادة البنوك الروسية من النظام المالي العالمي، وإيجاد السبل الآيلة إلى وقف تحايل الأطراف الثالثة على العقوبات الغربية المفروضة عليها. وفي سياق العقوبات على روسيا، فإن الولايات المتحدة بصدد تطبيق عقوبات جديدة على أكثر من 300 من الأفراد والسفن والطائرات المرتبطة بها، فضلاً عن إضافة وزارة التجارة الأمريكية سبعين مجموعة روسية إلى قائمة سوداء. ويهدف الإجراء الأخير إلى منع تصدير المنتجات ذات التكنولوجيا الأمريكية إلى روسيا.

وفي سياق متصل أعلنت بريطانيا، عن شروعها في إعداد عقوبات جديدة تستهدف 86 شخصية وشركة روسية في الصناعات العسكرية، ومجالات الطاقة، والمعادن، والشحن، إلى جانب فرض "حظر تام على واردات روسيا من الألماس والنحاس والألمنيوم والنيكل" وفق ما تعهد به رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك.

الصين أيضاً في دائرة الاستهداف

وإلى ما تعهّدت به قمة هيروشيما من مواجهة "التهديد الروسي" فإنها عزمت كذلك على مواجهة "التهديد الصيني"، وإذ حذّرت القمة بكين من القيام بأي "محاولة لتغيير الوضع القائم في تايوان"، فإنها أكدت دعمها "أمن منطقة المحيطين الهندي والهادئ"، رافضة ما سمتها "مزاعم الصين" بحقوق سيادية لها في بحرَي الصين الشرقي والجنوبي وبحر الفيليبين الجنوبي. كذلك تبنى البيان الختامي للقمة، تنسيق جهود الدول المشاركة، لضمان "الأمن الاقتصادي وتنويع الشراكات، سعياً إلى إزالة مخاطر ميل الكفة في التجارة لمصلحة الصين وتحكّمها في سلاسل التوريد الأساسية للاقتصادات الغربية". وإذ ندّد بيان قمة هيروشيما، بما وصفه "سياسات الصين السوقية وممارساتها التي تشوه الاقتصاد العالمي" تعهد بالتصدي لسلوكيات الشركات الصينية، ومن بينها، "النقل غير المشروع للتكنولوجيا أو سرقة البيانات". وإلى جانب ذلك تعهّدت القمّة، بتعزيز "قدرة الدول على الصمود في وجه منهج الإكراه الاقتصادي الذي تتبعه بكين لتحقيق أغراضها السياسية.. وحماية بعض التكنولوجيات المتقدمة من الوصول إلى أيدي الصينيين".

عصا وجزرة للدول المتمردة

وبقدر ما تستشعر به الدول الغربية من مخاطر على مكانتها وموقعها في النظام العالمي القائم بفعل التحدي الروسي والصيني، فإن الدول التي قرّرت اعتماد نهج جديد في علاقتها الدولية وأخذ مسافة من الانخراط في المشاريع الأمريكية، ترفع بدورها مستويات أخرى من التحديات في وجه القوى الغربية، التي قرّرت في قمة هيروشيما استعادة قوة تأثيرها فيها، لاسيما في أفريقيا وأمريكا اللاتينية، وذلك من خلال رصد 600 مليار دولار للاستثمار في البنية التحتية في تلك الدول، التي دخلتها الصين بمشاريع استثمار كبرى في المجال نفسه. وإلى الإغراء المالي، فإن تلك الدول ستكون خاضعة لضغوط كبرى لإعادة انتظامها ضمن الأجندة الغربية، وفق ما يتضح من البيان الذي تضمن أيضاً "التزاماً" بنزع قدرات كوريا الشمالية النووية والباليستية، ومنع إيران من الحصول على السلاح النووي. أما ما خص سوريا، فإن مجموعة الدول السبع، بدت مستاءة من الانفتاح على دمشق، مشترطة تطبيع العلاقات معها، "بعد إحراز تقدّم حقيقي ودائم نحو التوصل إلى حل سياسي".

خاتمة

المواجهة بين القوى الغربية وأعدائها مفتوحة على احتمالات التصعيد أكثر من التسوية والحلول السياسية، هذا ما تشي به قمة مجموعة السبع الدولية، التي جاءت قراراتها في الدفاع عن النظام العالمي المنتهي الصلاحية، لتؤكّد حجم التّحديات الماثلة أمامها والمخاطر التي تستشعر بها على مكانتها ودورها في النظام العالمي الجديد الآخذ في التشكل.

إخترنا لكم من العدد

إعرف عدوك

تعميق العلاقات الأمنية والاقتصادية بين روسيا وإيران

تعميق العلاقات الأمنية والاقتصادية بين روسيا وإيران ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ترجمة وإعداد: حسن سليمان ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العلاقات السياسية، الاقتصادية والأمنية بين موسكو وطهران ارتقت درجة ...

إقليميات

المناورة العسكرية للمقاومة الإسلامية  عملٌ يحكي ثقافة المقاومة باللغة التي يفهمها العدوّ جيّداً

المناورة العسكرية للمقاومة الإسلامية  عملٌ يحكي ثقافة المقاومة باللغة التي يفهمها العدوّ جيّداً ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ زينب عدنان زراقط ــــــــــــــــــــــــــــــ ذكرى تحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال ...

دوليات

"مجموعة السبع" تدق ناقوس الخطر.. قمة هيروشيما استنفار أمريكي غربي لإسناد النظام العالمي ومنع انهياره

"مجموعة السبع" تدق ناقوس الخطر.. قمة هيروشيما استنفار أمريكي غربي لإسناد النظام العالمي ومنع انهياره ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ابتسام الشامي ــــــــــــــــــــــــــــ في ما كانت روسيا تعلن سيطرتها ...

محليات

بعد فشل القوات اللبنانية في جمع المعارضة واشنطن تراقب من بعيد وباريس متمسكة بمبادرتها وتسعى لتحقيقها

أوساط سياسية للبلاد: بعد فشل القوات اللبنانية في جمع المعارضة واشنطن تراقب من بعيد وباريس متمسكة بمبادرتها وتسعى لتحقيقها ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ محمد الضيقة ــــــــــــــــــــــ وسط الضغوط الدولية ...