مجلة البلاد الإلكترونية

الهيئة العامة للتجمع: "استذكارَ مجزرةِ صبرا وشاتيلا يجعلنا ننظرُ الآن بكثيرٍ من الحذرِ لما يحصلُ في مخيمِ عينِ الحلوة، ونعتبرُ أن هذا الذي يحصلُ هناك هو استمرارٌ لمسلسلِ إنهاءِ المخيمات"

العدد رقم 406 التاريخ: 2023-09-22

مجموعة بريكس الدولية.. البحث عن التوازن في عالم تمزقه المنافسة والتوتر الجيوسياسي

ابتسام الشامي

مجموعة بريكس الدولية..

البحث عن التوازن في عالم تمزقه المنافسة والتوتر الجيوسياسي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ابتسام الشامي

ــــــــــــــــــــــــــــ

في الوقت الذي تخوض فيه الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون معركة الدفاع عن النظام العالمي القائم، تسدِّد القوى المنافسة ضرباتها الموجعة لمكامن قوته..

ولئن نجحت روسيا في ذروة الحرب الاقتصادية المفروضة عليها، في تعويم عملتها الوطنية عبر فرضها في سوق الطاقة العالمية، فإن التجربة تشجع دولاً وتكتلات دولية على المضي قدماً، في استبدال الدولار في التعاملات التجارية لمصلحة عملات أخرى أو عملة عالمية، بدأت مجموعة منظمة بريكس البحث في سبل إيجادها.

ما هي مجموعة بريكس

منذ تأسيسها عام 2009، لم تُخفِ منظمة بريكس الدولية أهدافها في التطلع لنظام عالمي جديد، ينهي عصر الهيمنة الأحادية التي انعقدت للولايات المتحدة الأمريكية منذ سقوط الاتحاد السوفياتي مطلع تسعينيات القرن الماضي. وفي أول قمة عقدتها المجموعة في مدينة يكاترينبورغ الروسية، في حزيران من العام ذاته، تضمن بيان قادة الدول الأربع المؤسسة للمجموعة، وهي روسيا، الصين، الهند والبرازيل، الإعلان عن تأسيس "نظام عالمي ثنائي القطبية.. يقف ضد هيمنة غير متكافئة للقوى الغربية على العالم"، ويدعو إلى تمثيل أكبر للاقتصادات الناشئة الرئيسية على المسرح العالمي.

المجموعة التي انضمت إليها في العام التالي دولة جنوب أفريقيا، مثلت في ذلك الوقت الدول الأسرع نمواً اقتصادياً على مستوى العالم، وفي طريقها لأن تصبح دولاً متقدمة، ولعل ما وضعها في المسار من التقدم، جغرافيتها ومواردها البشرية والطبيعية، ذلك أن المساحة التي تتمدد عليها الدول المذكورة، تقدّر بنحو ربع مساحة اليابسة، بينما عدد سكانها يقارب 40% من سكان الأرض قاطبة، وهي إلى ذلك تمتلك 25% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وبحسب توقعات مجموعة "غولدمان ساكس" العالمية، فمن المرجح أن تنافس اقتصادات دول مجموعة بريكس عام 2050 اقتصاد أغنى الدول في العالم.

عودة التوازن

مجموعة دول بريكس التي ترجمت طموحاتها الاقتصادية في التحرر من الهيمنة الأمريكية لاسيما المالية منها، عبر انشاء مؤسسات مالية خاصة أهمها بنك التنمية الجديد (NDB)، ومقره شنغهاي، تأثر مسارها بالكثير من المعوقات التي حالت دون استكمالها تحقيق الأهداف المنشودة، ولعل أبرزها حجم الضغوط الأمريكية الممارسة على دولها، إما عبر إشغالها بقضايا تخص أمنها القومي، كما يحصل اليوم مع روسيا من البوابة الأوكرانية، أو من خلال تغيير هوياتها السياسية كما حصل مع البرازيل سابقاً عبر دعم وصول اليمين إلى الحكم ممثلاً بجايير بولسنارو.

على أن استعادة دول المجموعة توازنها السياسي، مضافاً إليه "ظروف المواجهة" مع مشروع الهيمنة الأمريكي، فرضت عليها إعادة تزخيم حراكها، ووضع خططها موضع التنفيذ، ولعلّ ما طرح في قمة أصدقاء المجموعة في كيب تاون، مؤشر قوي على تفعيل حراكها في سياق المواجهة المشار إليها آنفاً، وتوسيع مروحة المشاركين فيها، من خلال فتح أبوابها للدول الراغبة في الانضمام.

القمة التي استضافتها جنوب افريقيا مطلع الشهر الجاري، بمشاركة وزراء خارجية بلدان المجموعة الخمس المؤسسة وممثلين عن اثنتي عشرة دولة أبرزها إيران، والسعودية، وكازاخستان، جاءت بمثابة ترجمة عملية لما سبق أن طرح في قمة المجموعة في مدينة شيامين الصينية عام 2017، لناحية توسيع إطار المجموعة بهدف تعزيز فرص حضورها وتأثيرها العالمي، خصوصاً وأنها تسعى في أهدافها ردم الهوة بين عالمي الشمال الغني والجنوب الفقير، وإيجاد التوازن المطلوب بينهما.

وإلى توسيع إطارها بما يحمله من دلالات سياسية مرتبطة بالتطلع إلى التأثير في النظام العالمي الجديد، فإن مجموعة البريكس، تساهم في "تصفية" الحساب مع النظام العالمي من خلال هز أركان قوته، وفي مقدمها، القوة المالية التي يمثلها الدولار، فخلال قمة أصدقاء مجموعة بريكس الممهدة للقمة السنوية للمجموعة التي من المقرر أن تستضيفها مدينة جوهانسبرغ في شهر آب المقبل، جرى البحث في السبل الآيلة إلى وضع حد لهيمنة الدولار على سوق المبادلات التجارية، وذلك من خلال العمل على إصدار عملة جديدة تتداول بها دول المجموعة في تعاملاتها التجارية، هذا بالإضافة إلى توسيع نطاق عمل "بنك التنمية الجديد" وتطوير آليات عمله، بما يسمح له القيام بأدوار شبيهة بتلك التي يؤديها، البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

مواقف

الأفكار التي طرحت في مباحثات القمة، عززتها مواقف وزراء خارجية الدول المشاركة فيها، حيث أكدت طموح كتلتهم في التنافس مع القوى الغربية، وتطلعهم لعالم متعدد الأقطاب، مع الدعوة إلى "إعادة توازن" النظام العالمي. وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الهندي سوبراهمانيام جايشانكار، إن "العالم المتعدد الأقطاب يعيد توازنه والأساليب القديمة لا يمكنها معالجة الأوضاع الجديدة". وفي حين نعى وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف النظام العالمي القديم، قائلاً: إن النظام العالمي أحادي القطب بات من الماضي. وأوضحت وزيرة خارجية جنوب إفريقيا ناليدي باندور، أن "رؤيتنا لمجموعة بريكس هي توفير قيادة عالمية وسط عالم تمزّقه المنافسة والتوتر الجيوسياسي وعدم المساواة وتدهور الأمن العالمي".

خاتمة

انتهت قمة أصدقاء مجموعة بريكس الدولية، التي انعقدت تحت شعار "شراكة من أجل النمو المتسارع والتنمية المستدامة والتعددية الشاملة"، ولم تنته أصداء ما ناقشه المشاركون فيها من أفكار مرتبطة بتغيير قواعد العمل التي حكمت العلاقات الدولية عقوداً من الزمن، فالمجموعة التي تسعى وفق توصيف وكالة رويترز، "لتكون قوة مقابلة للغرب في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا"، تستكمل في قمتها المقبلة في شهر آب، تثبيت حضورها كقوة عالمية صاعدة، تجتذب إليها ثلاث عشرة دولة وازنة على المستوى الدولي وفي بيئاتها الإقليمية، في محاولة جادة للتأثير في مسار بناء نظام عالمي جديد، يقوم على التوازن والتعددية القطبية.

إخترنا لكم من العدد

إعرف عدوك

مهمات شرطية لجنود الجيش الإسرائيلي.. صعوبات ومعضلات

مهمات شرطية لجنود الجيش الإسرائيلي.. صعوبات ومعضلات ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ترجمة وإعداد: حسن سليمان ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ يخصّص الجيش الإسرائيلي جنوداً من وحدات مقاتلة لمهام حماية ...

إقليميات

التطبيع لم يعد ساخناً والكيان يتلقّى الصفعات

التطبيع لم يعد ساخناً والكيان يتلقّى الصفعات ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ هيثم أبو الغزلان ــــــــــــــــــــــ غرَس الجنديُّ المصريُّ الفارس الشهيد محمد صلاح، سيفه في جبهة الصحراء، ...

دوليات

مجموعة بريكس الدولية.. البحث عن التوازن في عالم تمزقه المنافسة والتوتر الجيوسياسي

مجموعة بريكس الدولية.. البحث عن التوازن في عالم تمزقه المنافسة والتوتر الجيوسياسي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ابتسام الشامي ــــــــــــــــــــــــــــ في الوقت الذي تخوض فيه الولايات المتحدة الأمريكية ...