فتنةٌ فاشلة لإسقاط السلاح

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

زينب عدنان زراقط

ــــــــــــــــــــــــــــــ

بعد حادثة الكحّالة... حزب القوات اللبنانية يستهجن من السلاح غير الشرعي ويدعو إلى وجوب مقاومة الاحتلال الإيراني.. فما هي تفاصيل الحادثة التي أدت إلى اشتباك بين الكتائب والقوات مع الشباب المرافقين لشاحنة تنقل عتاداً للمقاومة؟.

 ثم لماذا الحديث عن أن لا شرعية لـ "بُندقية المقاومة" الموجّهة ضد إسرائيل؟ وهل يُعدّ شرعياً السلاح المصوّب في وجه "مقاومٌ" رهن حياته لأجل الدفاع عن "الوطن" فقتلوه!؟ ما خلفية هذا الحقد من قوات زعيمهم "سمير جعجع" على "حزب الله" وتاريخ علاقتهم بالعدو الإسرائيلي؟!.

حادثة الكحالة

بدايةً، تعتبر الطريق الدولية المعروفة بخط الشام التي تربط بيروت بمحافظة البقاع شرياناً اساسياً في الداخل اللبناني، وتمتد الطريق لمسافة 46 كلم بين بيروت وشتورا، مروراً بمناطق الكحالة وعالية وبحمدون وحمانا وصوفر وضهر البيدر. وبينما كانت شاحنة لـ "حزب الله" تعبر الطريق الدولي عند مفرق بلدة الكحالة مساء يوم الأربعاء الماضي، انقلبت على جنبها. وفي تفاصيل الحادثة، أن أفراداً من حزبَيْ القوات والكتائب يهاجمون الشاحنة والفريق المرافق لها، فردّ عناصر الحزب بإطلاق النار في الهواء لتفريق المحتشدين ومنعهم من كشف حمولة الشاحنة، ليُقدِمَ "القاتل" البجاني من القوات اللبنانية بإطلاق النار من قرب حائط الكنيسة بشكل مباشر على عناصر الحزب فارتفع الشهيد "أحمد القصاص" فأطلق عناصر الحزب على الجاني ما أد.

ووأداً للفتنة التي كان يُراد من خلالها جر حزب الله إليها، وبإيعازٍ منه، فقد تدخّلَ الجيش اللبناني لاستلام الشاحنة - ولكن دون الكشف عن محتواها - وفتح طريق بيروت البقاع بالاتجاهين بعد تسكيرها إثر الحادثة. ثم صدر عن قيادة الجيش بيانٌ أكد فيه متابعته الوضع واتخاذ التدابير الأمنية المناسبة، وأضاف أنه "لدى انقلاب شاحنة تحمل ذخائر على طريق عام الكحالة، حصل إشكال بين مرافقي الشاحنة والأهالي ما أدى إلى سقوط قتيلين، وقد حضرت قوة من الجيش إلى المكان وعملت على تطويق الإشكال، وتم نقل حمولة الشاحنة إلى أحد المراكز العسكرية، وبوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص".

وتعقيباً على ما سبق، أصدرت القوات اللبنانية عن منطقة عالية البيان التالي: "مرة جديدة يدفع اللبنانيون ثمن التفلت الأمني وانتشار السلاح غير الشرعي(!!)، وهذه المرة كانت الكحالة الأبية مسرحاً لاستعراض فائض القوة وإطلاق النار المباشر باتجاه المدنيين الذين تجمعوا على إثر انقلاب شاحنة يُعتقد أنها تحمل السلاح ليتبين أن مجموعة مسلحة ترافقها وقد قامت المجموعة بإطلاق النار المباشر على المدنيين ما أدى الى استشهاد فادي يوسف البجاني الذي كان يحاول إنقاذ السائق(!!). إن القوات اللبنانية في منطقة عالية إذ تدعو القوى الأمنية ولا سيما الجيش اللبناني للقيام بدورهم عبر توقيف مطلقي النار واحتجاز الشاحنة وإجراء التحقيقات اللازمة ومنع أي مظهر من مظاهر التفلت الميليشياوي...".

تدخل خارجي وتواطئ

الحقيقة التي على الجميع الالتفات إليها أنه ما من أحد قد عرف ما في الشاحنة من حمولة، حتى فرضية السلاح غير مؤكدة، فلما هاجموا الشاحنة فوراً، وأطلقوا النار على العناصر المرافقة على الرغم من أنهم كانوا مدنيين. فهل كانت هكذا عن طريق الصدفة أن شاحنةً تعبر على طريق دولية فتتدهور، وإذ بالمحتشدين في المنطقة يهجمون عليها ويريدون تفتيشها ويرشقوها بالحجارة!! فيقوم "فادي البجاني" من تحت الكنيسة مباشرة برمي الرصاص على شبان الحزب ويقتل شاباً من حماية الشاحنة فيتم تبادل إطلاق النار ويقتل "البجاني". وفي الوقت عينه، تُطبعُ يافطات مكتوب عليها "مقاومة الاحتلال الإيراني" ويبدأ التحريض على قنوات الأخبار ضدّ سلاح المقاومة...

علامات استفهام توضع حول وقوع الحادثة ومن ردة الفعل التي ووجهت بها... على كُلٍ، إن ذهبنا لنتحقّق من هوية المعتدي فادي يوسف البجاني المنتسب لحزب القوات اللبنانية لوجدنا تاريخه حافلاً بالدم:

1- ‏شارك في حاجز الكحالة عام 1975 خلال الحرب الأهلية.

2- شارك في قصف مدينة بنت جبيل خلال خدمته في جيش لحد.

3- شارك في مجزرة صبرا وشاتيلا.

4- شارك في كمين الطيونة.

5- شارك في الاجتياح لبيروت عام 1982.

6- شارك في السبت الأسود أثناء الحرب

7- أعدم 8 ضباط سوريين عام 1978 رمياً بالرصاص في منطقة اليرزة

8- شارك في مجزرة الكرنتينا

واللافت ذكره أن السلطات الإسرائيلية سمحت خلال الفترة الأخيرة بنشر وثائق سريّة خاصة بجهاز المخابرات – الموساد -، حول دعم الجيش الإسرائيلي لميليشيات لبنانية خلال الحرب الأهلية في لبنان. وتكشف هذه الوثائق التي نشرت باللغة العبرية في صحيفة هآرتس، فصولاً من تاريخ العلاقة بين الجانب الإسرائيلي و"الكتائب والقوات" وتؤكد الوثائق أن علاقة إسرائيل مع أحزاب وشخصيات سياسية لبنانية، بدأت في الخمسينيات. أضف إلى أنه لا داعي لفتح تاريخ سمير جعجع المُلقّب "بالجزار" فإراقة الدم عندهم أهون من شربة ماء!.

ختاماً، الفتنةُ الداخلية لا تخدم سوى العدو الخارجي، واحتمالية وجود أيادي موساد مُحرّضة وفارضة تعليماتها على الخونة في الداخل - وارد جداً -، وبالمحصلة، "حزب الله" الذي يُمثل "مقاومة" لبنان – الدرع - الذي يحمي لبنان من افتراس العدو واحتلاله، من أولئك الذين يريدون السلام مع الكيان الإسرائيلي ومشاركته الأرض؛ وتبقى بالنهاية الثلاثية الصامدة "شعب جيش مقاومة" والسلاح مرفوع في وجه العدو... أما السؤال الذي من الممكن طرحه، أنه لو فعلاً أثبت تواطؤ عملاء الداخل مع إسرائيل، أي أن إحداثيات مكان الحادث كانت بحوزتها، فهل كانت قاصرةً عن ضرب الشاحنة؟!.