كيف يؤثر الإصلاح القضائي على جاهزية الجيش الإسرائيلي للحرب؟

كيف يؤثر الإصلاح القضائي على جاهزية الجيش الإسرائيلي للحرب؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ترجمة وإعداد: حسن سليمان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاحتجاج الجماهيري ضد الانقلاب القضائي الذي تدفع به الحكومة، أدى إلى موجة تهديدات من قبل جنود الاحتياط، من بينهم ضباط كبار، بالتوقف عن تطوعهم بالجيش. بعضهم نفذ هذه التهديدات.
في الأركان العامة في الجيش الإسرائيلي تجري نشاطات جارية، خشية إلحاق الضرر بجاهزية والكفاءة العملياتية والتداعيات على تماسك جيش الشعب. في خلفية هذه الأيام العاصفة، موقع والاه يعرض تحليل لجاهزية الجيش الإسرائيلي للحرب، على عدة جبهات بشكل متوازي.
في هذه المرحلة، ينجذب انتباه المؤسسة الأمنية والمستوى السياسي إلى سلاح الجو وشعبة الاستخبارات، ولكن ليس فقط. فقد أوضح مسؤولون كبار في الجيش الإسرائيلي أنه ليس من قبيل المصادفة أن ينصب التركيز على سلاح الجو وشعبة الاستخبارات: "يتعلق الأمر بمجموعات نوعية متجانسة وليست متنافرة كما هو الحال في القوات البرية".
سلاح الجو
مقر العمليات: تعرض لأشد الأضرار، من أجل تحديد "مستوى الضرر"، سيُطلب من الجيش الإسرائيلي استدعاء جنود الاحتياط في المقر إلى الاحتياط وفحصهم: من يحضر ومن لا يحضر. وفقاً لمسؤولي الجيش في الاحتياط، "مقر العمليات يقترب من الشلل بخطوات عملاقة ".
المقر هو "دماغ" السلاح، الذي يخطط ويشغل في حالة الطوارئ جميع مراحل جمع المعلومات الاستخبارية وتحديد مواقع الأهداف، التخطيط لها ومهاجمتها. معظمه يعتمد على جنود الاحتياط قدماء جداً، بعضهم أبناء 55 – 60 عاماً، لديهم تجربة واسعة، ومن بينهم طيارون سابقون. في هذه المرحلة، أعلن المئات منهم أنهم لن يأتوا للخدمة الاحتياطية حتى إشعار آخر. سيكون التأثير العملي لهذه الخطوة واضحاً في الحرب وحالات الطوارئ المختلفة، وليس في الروتين. إذا نفذ المئات من أفراد مقر العمليات في الاحتياط تهديدهم، فسيكون سلاح الجو مشلولاً تقريباً بطريقة تمنعه من مهاجمة آلاف الأهداف يومياً وإنتاج أهداف في الوقت الحقيقي.
مدرسة الطيران: تعتمد على طيارين مخضرمين كمدربين في الاحتياط، في هذه المرحلة عدد كبير وسري من الطيارين لم يحضر، حيث يدّعي بعضهم أن الأمر يتعلق بإجازة صيف. وفي هذه المرحلة النقص في مدربي الطيران يشكّل عبئاً على مدربي المدرسة في الخدمة الدائمة، ويدفع إلى القيام بنوبات (عمل) مزدوجة. يوجد لهذا تداعيان واضحان: إلحاق ضرر بالنشاطات الجارية للسلاح، حيث الطيارون في الخدمة الدائمة المخضرمون يتواجدون تحت عبء ولا ينفذون مهام أخرى، وخشية أن يؤدي هذا العبء إلى مشاكل السلامة إلى حد وقوع حوادث. جودة الكفاءة تضررت لأنه لا يوجد بديل نوعي لأقدمية وخبرة الطيارين الاحتياطيين.
الأسراب القتالية، النقل، ساعر، الاستخبارات والرصد، الرقابة والتزود بالوقود: الوضع داخل الأسراب يتغير من سرب إلى سرب، وفي بعضهم، يقدر مسؤولون كبار في سلاح الجو، سيأتي وضع يلحق ضرراً خطيراً في وظيفة السرب والجاهزية للحرب على عدة جبهات بشكل متوازي، في حال طلب استدعاء الطيارين. هناك أسراب الضرر فيها نقطوي في النشاطات العملياتية، لكن الخشية أنه بعد مرور عدة أشهر تهبط الكفاءة العملياتية عشرات النسب ومستوى جاهزية الطيارين بشكل يكون من الصعب إعادة الوضع إلى الوراء، خلال الحرب، عندما تكون الصواريخ تسقط على الجبهة الداخلية في إسرائيل. التقدير في سلاح الجو هو أن عدد الطيارين الذي سيعلنون عن وقف الطيران أو وقف التطوع سيزداد درامتيكيّاً قبيل الأعياد إذا لم يحصل تغيرٌ في اللحظة الأخيرة في تصرفات الحكومة.
مشغلو الطائرات غير المأهولة: احتجاج مشغلي الطائرات غير المأهولة يعتبر ضررا "من تحت الرادار"، لأن حجمهم منخفض نسبة للطيارين والجهات الاستخبارية المختلفة، لكن وزنهم النوعي مرتفع. يتجاهل الجميع احتجاجاتهم ومشاركتهم الكبيرة في انتقاد الحكومة، لكن أيضاً ضد رئيس الأركان وقائد سلاح الجو، الذين توقعوا منهما دعما أوسع بكثير، ولم يكتفوا بعدم المعاقبة أو بالطرد، لكن "بالضرب على الطاولة" بحب وصفهم، على طاولة الحكومة.
تدعي مصادر في سلاح الجوّ إنّه منذ الآن يُلاحظ تراجع في مناوبات مشغّلي الطائرات، الذين يتغيّب بعضهم عن التدريبات أو عن الأنشطة العملياتية، ويقول أحد الاحتياطيين المطّلع على أنشطة الأسراب:" من المهمّ أن نفهم أن لا أنشطة عملياتية من دون مسيّرات. دائما توجد مسيّرة في السماء. ولذا دائماً ستظّل تلحق بالنشاط العملياتي ضربة قاسية. أنا لا أريد التفكير بما سيحصل لو تدنّى عدد مشغّلي المسيرات بشكل متطرّف، بمستوى الكفاءة والأهلية، إذا لم يتدرّبوا أكثر من شهرين، وما سيحصل حين يحتاجونهم في أنشطة متنوّعة".
قوات خاصة: في هذه المرحلة ما زال الضرر صغيرا، لكن يوجد ضرر، خصوصاً في التماسك.
دفاع جوي: في هذه المرحلة الضرر صغير في الغلاف لكن الأبصار شاخصة إلى كتيبة الاحتياط الخاصة بالقبة الحديدية، عدم إمكانية استشراف المستقبل السياسي الإسرائيلي وردّ جنود الاحتياط في هذه المرحلة، يتماهيان بشكل شبه كامل.
الضرر الأكبر في سلاح الجوّ: التماسك، سمعة سلاح الجو وردع السلاح مقابل دول معادية وتنظيمات إرهابية. على مدى عشرات السنوات استفاد سلاح الجوّ من دعم وتقدير وافرَيْن من الجمهور، على أفعاله وكونه منارةً بالنسبة للمجنّدين الشباب. لكن في نصف السنة الأخيرة يتلقّى سلاح الجوّ ضربات، وقد تأذّت سمعته لكنّ الأخطر منها هي مشكلة التماسك ولا سيمّا التوتر بين الطواقم الجوية في الاحتياط والطواقم الأرضية، التي تنقسم في غالبية الأحيان حول انتقاد الحكومة واستخدام أسماء الطيارين لمقتضيات الاحتجاج. قائد سلاح الجو "تومر بار" اعتبر أنّ الحديث يدور عن ضرر سيكون صعباً إصلاحه، طوال سنوات.
شعبة الاستخبارات
8200: أساس اهتمام ومخاوف مسؤولي الأركان العامة في الجيش، تجذبه وحدة الجمع الاستخباري الأضخم. في هذه المرحلة تؤدّي الوحدة عملها بكامل طاقتها، ولا شواذات في نشاطها العملياتي أو في الجاهزية للحرب، لكن جهات سابقة في أمان تحدّثت لـ "والا!" عن وجود عدد كبير من بؤر المعرفة والخبرة في الاحتياط، داخل الوحدة، الذين سيكون صعباً جداً التصرّف من دونهم. "أنا لن أعدّد أصحاب المناصب الذين قد "ينقلبون" في وضع حربي، إذا ما فكّروا أن رئيس الحكومة اتخذ قراراً غير صائب. وعندها، بسبب سنّ التطوّع، أو مجموعة أعذار أخرى، لن يصلوا بالضرورة إلى الخدمة الاحتياطية أو سيكونون، عموماً، خارج البلاد مع العائلة ولن يسارعوا في العودة".
تشكيل العمليات الخاصة: جنود الاحتياط في هذا التشكيل فاجأوا الجيش في حجم مشاركتهم في الاحتجاج ضد الحكومة، لكن في هذه المرحلة لا ضرر مهم وكبير بأداء التشكيل.
سييرت متكال: في هذه المرحلة لحق ضرر خفيف بالبلورات والتدريبات التي يواكبها عناصر احتياط.
ذراع البرّ
وفق سياسة الأركان العامة في الجيش، ممنوع استدعاء جنود احتياط على نطاق كبير من غير داعٍ، من أجل تفادي حالات رفض وتمنّع، استفزاز أو احتجاجات أثناء تدريبات، مناورات وأنشطة عملياتية، إلا إذا كان الحديث يدور عن أوضاع طوارئ ومستوى عال من الضرورة. لكن جهات مسؤولة في الجيش تعي أنّ السياسة سيكون عليها إجراء مراجعة قبيل فترة التدريبات والمناورات المقبلة في الجيش مع انتهاء عطلة الصيف.
في هذه المرحلة لا ضرر فعلي في الجاهزية العملياتية، باستثناء حوادث موضعية جداً، لكن توجيهات قائد الأركان تشمل استمرار مراقبة ويقظة الكادر القيادي المسؤول، الكادر القيادي العادي، وحدات نخبة ووحدات خاصة وتعزيز جنود الاحتياط. قال قائد في ذراع البرّ الأسبوع الفائت: "ممنوع اعتبار أي التحاق بخدمة الاحتياط، أيام دراسية وتشغيل عملياتي كإجراء واضح ضمنا والعمل على تعزيز التماسك" وأضاف "قائد الكتيبة ونائب قائد الكتيبة اللذان لا يصلان إلى التدريبات هذه مأساة. نحن لسنا هناك بعد".
سلاح البحر
في هذه المرحلة الضرر اللاحق بجاهزية السلاح العملياتية يبرز خصوصاً في مجال ركن العمليات، التخطيط، كوادر البلورة، غدنا (كتيبة الشبيبة) والمدرّبون لكن ليس بالشكل الذي يمنع السلاح من تنفيذ عمليات خاصة وأنشطة عملياتية واسعة. ولذا أمر قائد السلاح، اللواء ديفيد سلما، في ضوء وضع المجتمع وإعلان مسؤولين سابقين في السلاح أنّهم لن يلتحقوا بالخدمة الاحتياطية، بزيادة الرقابة والحوار خصوصاً حول بؤر معرفة وخبرة، مناصب خاصة في مختلف التشكيلات ولا سيّما طواقم كاملة مثل الشييطت 13 وسرايا الأمن الجاري في قاعدتي أسدود وحيفا.
القضاء العسكري
في هذه المرحلة لم تسجّل وفرة استثناءات وشواذات في خدمة الاحتياط أو احتجاجات في المحاكم العسكرية، لكن توجد خشية واقعية من موجة مغادرة محامين عسكريين حدّ انتهاك برامج خدمة عسكرية وقّعوا عليها مع الجيش.
قيادات مناطقية
أساس اهتمام القيادات المناطقية، الشمال، الجنوب وقيادة الوسط، منصبّ على مراكز النار المعتمدة على الاحتياطيين. بينها: طيارون، مشغّلو مسيّرات، ضباط رقابة وتحكّم، ضباط إسناد جوي قد يعلنون عدم الالتحاق بالخدمة الاحتياطية خلال تدريب، مناورة والأخطر من ذلك أن يعلنوا أنّهم بسبب أعمارهم سيعلنون وقف التطوّع. ولذا، أمر قائد الأركان بزيادة التواصل والحوار بين القيادات المناطقية وبين سلاح الجو. في هذه المرحلة لا ضرر فعلي بالكفاءة العملياتية وفي الجيش يصفونه بأنّه "ضرر محدود".
مع هذا من المهم أن نفهم أنّ القيادة المناطقية لا تستطيع تنفيذ مخططات هجومية واسعة في الحرب من دون مراكز النيران (هجوم، دفاع وإنتاج أهداف في الوقت الحقيقي).
موقع والاه – أمير بوخبوط (كاتب ومحلل في الشؤون العسكرية)