مجلة البلاد الإلكترونية

الهيئة الإدارية: " نتنياهو يؤجل إعلان الهدنة الدائمة ووقف إطلاق النار لأنه يعلم أنه سيدفع الثمن الأكبر لنتائج العدوان على غزة وفشله في مواجهة ملحمة طوفان الأقصى"

العدد رقم 416 التاريخ: 2023-12-01

الغرب والمواجهة مع روسيا.. أولوية دعم أوكرانيا تتراجع

ابتسام الشامي

الغرب والمواجهة مع روسيا.. أولوية دعم أوكرانيا تتراجع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ابتسام الشامي

ــــــــــــــــــــــــــــ

في ما تتجه بعض الأنظمة الغربية لانخراط عسكري مباشر مع روسيا في أوكرانيا، تشهد ساحة الدعم السياسي والشعبي للحرب تراجعاً ملحوظاً داخل الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول الأوروبية، آخرها سلوفاكيا التي فاز حزب الاتجاه اليميني فيها على وقع وعود زعيمه فيكتور فيكو بوقف المساعدات العسكرية لكييف وإعادة وصل ما انقطع موسكو.

سلوفاكيا تنتخب اليمين

وضعت الانتخابات العامة المبكرة التي جرت مطلع الشهر الجاري سلوفاكيا في تموضع سياسي جديد، مع فوز حزب الاتجاه اليميني، حيث نجح خطاب زعيمه رئيس الوزراء السابق في استقطاب الناخبين، على الرغم من أن الأخير سبق وأن أطيح من المنصب بفعل اتهامه بقضايا فساد. "فيكو" وعد خلال حملته الانتخابية، بأن بلاده وفي ظل حكومة يرأسها، لن ترسل "قطعة ذخيرة واحدة" إلى أوكرانيا، وفي مقابل دعوته إلى تحسين العلاقات مع روسيا، ورفض فرض عقوبات جديدة عليها، فإنه كان صريحاً جداً بإعلان رفضه انضمام كييف إلى حلف الناتو، وهو الخيار الذي عملت عليه أوكرانيا، وكان أحد الأسباب الجوهرية خلف خيار موسكو، الدفع بعمليتها العسكرية المتواصلة منذ شهر شباط 2022. وفي ما تصدرت خلال فترة الحرب أولوية دعم أوكرانيا على أي أمر آخر في أوروبا، انتقد فيكو ما يجري، متعهداً بوقف الإمدادات العسكرية عن أوكرانيا، لأن الأولوية بالنسبة إليه، يجب أن تكون في مكان آخر، حيث "الناس في سلوفاكيا لديهم مشاكل أكبر من أوكرانيا، بما في ذلك أسعار الطاقة، وارتفاع تكاليف المعيشة".

تراجع التأييد للحرب

وعلى الرغم من التأثير السياسي المتواضع لسلوفاكيا في إطار الإتحاد الأوروبي، إلا أن الانتخابات الأخيرة وما رافقها من خطاب سياسي وفوز حزب "الاتجاه" على "الحزب التقدمي الديموقراطي الليبرالي" الموالي للغرب، يعكس اتجاهاً شعبياً مناهضاً للحرب في الدول الأوروبية، بعدما أثقلت كلفة الدعم العسكري لأوكرانيا كاهل الاقتصاد الأوروبي، في ما كان للعقوبات الاقتصادية على روسيا مفاعيل كارثية اصابت معيشة الأوروبيين وأثرت في قدرتهم الشرائية، وتأمين حاجاتهم الاساسية، لاسيما ما يتعلق بالطاقة والغذاء.

على أن الدعم العسكري الهائل لأوكرانيا، لم يغير في المعادلات الميدانية بالشكل الذي كان مطلوباً أو على الأقل متوقعاً من تلك القدرات العسكرية، وهي مفخرة الصناعات الغربية. فإذا كان من الصحيح القول إن الدعم المذكور ساعد أوكرانيا على "الصمود" في وجه التقدم الروسي، إلا أنه لم يمكّن "القوات الأوكرانية" من استعادة ما فقدته من أراضيها، وخلال الأشهر الماضية قيل الكثير عن الهجوم الأوكراني المضاد، إلا أن هذا الهجوم كان باعتراف الغربيين أنفسهم فاشلاً في تحقيق الأهداف المرجوة منه. وبين الكلفة العسكرية المرتفعة والنتائج الميدانية المتواضعة، ارتفعت الأصوات الغربية الداعية لإعادة النظر في الاستراتيجية المعتمدة في دعم أوكرانيا وإضعاف روسيا. وفي ما برز اتجاه سياسي داخل الولايات المتحدة، عبر عنه بعض الجمهوريين والخبراء يدعو إلى وقف المساعدات العسكرية واختبار سبل الحوار لوقف الحرب، كانت أصوات غربية أخرى تدعو إلى المزيد من الرهان على الخيار العسكري، ضمن معادلة "ما لا يؤخذ بالقوة، يؤخذ بمزيد من القوة". وضمن هذا السياق الأخير يمكن إدراج المقاربة البريطانية التي عبّر عنها وزير "الدفاع" البريطاني، غرانت شابس، الذي تحدّث عن "خطط لإرسال قوات من بلاده في مهام تدريبية لحساب قوات حكومة الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي". فضلاً عن ذلك، كشف الوزير البريطاني عن توجّه لدى بلاده لإقامة مصانع أسلحة في أوكرانيا، والتلويح باستعداد لندن المشاركة في حماية السفن الأوكرانية ضمن مياه البحر الأسود. ولئن دل كلام شابس على شيء فإنه يدل على استعداد لانخراط عسكري مباشر مع روسيا، مع ما لهذا الخيار من تداعيات خطيرة، يتقدمها الانجرار إلى حرب عالمية ثالثة. وعلى الرغم من أن هذه الأخيرة قائمة وإن بصفة حرب بالوكالة، إلا أن انخراط الدول بشكل رسمي ومباشر فيها من شأنه أن يغير الواقع الدولي برمته بما فيه من أنظمة حاكمة وعلاقات وأحلاف، لذلك بدا أن هناك معارضة متنامية لهذا الانزلاق الخطر وتراجعاً واضحاً في الأولوية الأوكرانية لدى الدول الداعمة. في هذا السياق كان معبراً جداً، أن الاتفاق الذي جرى التوصل اليه، لتجنب الإغلاق الحكومي، استبعد المزيد من التمويل العسكري من اتفاق الكونغرس بشأن الميزانية، علماً أن البيت الأبيض ومعظم الديمقراطيين وعدداً من الجمهوريين في الكونغرس، كانوا قد ضغطوا بشدة من أجل إدراج مساعدات جديدة لأوكرانيا، لكن "مقاومة" حلفاء الرئيس السابق دونالد ترامب الضغوط أدت إلى إخراج دعم أوكرانيا من الميزانية، وتحويل بند الدعم إلى مشروع منفصل يتعلق بأربعة وعشرين مليار دولار من "المساعدات" سيكون على المشرعين الأمريكيين البت فيه.

وإذا كان الدعم الأمريكي من غير المتوقع أن يتوقف وفق الصيغة المشار إليها أعلاه، إلا أن ما جرى يعكس تراجعاً في قدرة إدارة جو بايدن على حشد الدعم لأوكرانيا، وهو ما يترك تداعيات سلبية في الخارج، ويثير قلق كييف وحلفائها الأوروبيين، حول مستقبل الدعم، وهو ما لفتت إليه مجلة "ذا أتلانتيك" التي رأت أن "التشكيك في صحة التورط الأمريكي في دعم أوكرانيا، أصبح، أخيراً، محطّ إجماع في قلب الجناح الشعبوي للحزب الجمهوري الذي لا يعد أقلية". وبحسب المجلة الأمريكية فإن من شأن الانقسام الأمريكي - الأوروبي في ملف الدعم أن يؤدي إلى الانفصال بين الطرفَين، وبالتالي "انهيار أنجح تجمع أمني في التاريخ الحديث بحلول عام 2025"، في إشارة إلى الناتو. اللافت في تقرير المجلة، هو حثّ الدول الأوروبية على التفكير في كيفية أخذ مواجهة روسيا على عاتقها وحدها في المستقبل، في حال تخلت الولايات المتحدة عنها. ومما جاء في تقرير المجلة الأمريكية: "إذا تخلت الولايات المتحدة بكل بساطة عن أوكرانيا، بعد عام ونصف عام من الآن، فأوروبا لن تكون قادرة بأي شكل على تعويض فقدان المساعدات الأمريكية لكييف".

خاتمة

تراجع أولوية دعم أوكرانيا في الأجندة الأمريكية، معطوفاً على اتجاه شعبي متنامي لرفض المزيد من التورط في الحرب، ليسا خبريين سارين في كييف وكذلك في العواصم الأوروبية، والسؤال المطروح، هل يؤدي ما تقدم إلى انحسار الحرب، أم أن المتضررين من وقفها سيشعلون فتيل تمددها؟ الإجابة رهن التطورات الميدانية في المقبل من الأيام لكن مما لا شك فيه أن المواجهة الروسية الأطلسية تدخل مرحلة جديدة محفوفة بالكثير من المخاطر.

إخترنا لكم من العدد

إعرف عدوك

ثلاث سنوات على الاتفاق بين إسرائيل والبحرين: السلام المنسيّ

ثلاث سنوات على الاتفاق بين إسرائيل والبحرين: السلام المنسيّ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ترجمة وإعداد: حسن سليمان ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سياسة الحكومة الإسرائيلية في الساحة الفلسطينية والضغوط ...

إقليميات

تونس والحاجةُ إلى شراكةٍ وتنميةٍ إقليميةٍ مع الجزائرِ

تونس والحاجةُ إلى شراكةٍ وتنميةٍ إقليميةٍ مع الجزائرِ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ توفيق المديني ـــــــــــــــــــــ قام رئيس الحكومة التونسية السيد أحمد الحشاني بزيارة الجزائر يوم الأربعاء 4 ...

دوليات

الغرب والمواجهة مع روسيا.. أولوية دعم أوكرانيا تتراجع

الغرب والمواجهة مع روسيا.. أولوية دعم أوكرانيا تتراجع ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ابتسام الشامي ــــــــــــــــــــــــــــ في ما تتجه بعض الأنظمة الغربية لانخراط عسكري مباشر مع روسيا في ...

محليات

بانتظار عودة الموفد الفرنسي حركة الموفد القطري بلا بركة، وفرنجية ثابت إلى النهاية

أوساط سياسية للبلاد: بانتظار عودة الموفد الفرنسي حركة الموفد القطري بلا بركة، وفرنجية ثابت إلى النهاية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ محمد الضيقة ــــــــــــــــــــــ حتى الآن لا تطورات إيجابية متوقعة ...