مجلة البلاد الإلكترونية

الهيئة الإدارية: " نتنياهو يؤجل إعلان الهدنة الدائمة ووقف إطلاق النار لأنه يعلم أنه سيدفع الثمن الأكبر لنتائج العدوان على غزة وفشله في مواجهة ملحمة طوفان الأقصى"

العدد رقم 416 التاريخ: 2023-12-01

الغرب يتجند لدعم تل أبيب تغطية سياسية للعدوان.. وشراكة في سفك دماء الفلسطينيين

ابتسام الشامي

بينما تعلن غزة "جدارتها بالحياة" موقّعة بصمود أهلها ومقاومتها وأوصالها المقطعة، يمعن الغرب في كشف سفور تأييده المطلق للعدو، فاضحاً زيف ادّعاءاته عن حقوق الإنسان، وقيم الحرية والديمقراطية.

في الغرب اليوم إما أن تكون إسرائيلياً أو إسرائيليا أما الخيار الثالث فيودي بداعم الفلسطينيين أو المنتقد جرائم العدو، إلى الملاحقة والاعتقال وصولاً إلى الطرد من العمل.

الغرب يقدم فروض التأييد والدعم لتل ابيب

عشية الأسبوع الثالث للعدوان الإسرائيلي الهمجي على غزة، واصل الغرب الاستعماري إظهار تضامنه ودعمه للكيان المؤقت من دون أي قفازات، على الرغم من التوحّش الإسرائيلي في استهداف المدنيين وارتكاب ما يصنف في القانون الدولي بجرائم حرب وإبادة جماعية. وإذا كان من غير المستغرب أن تصطف الدول الغربية لدعم صنيعتها وحامية مصالحها في المنطقة إلا أن مستوى التجنّد في الدفاع عن الإرهاب الإسرائيلي سياسياً وإعلامياً، يعدُّ سابقة منذ تأسيس الكيان الغاصب. الرئيس الأمريكي جو بايدن كان حريصاً للغاية على تظهير ما قام به دعما لهذا الكيان "عدت من إسرائيل، وكنت أول رئيس يزورها وقت الحرب". الرئيس الأمريكي الذي وصل تل أبيب على دماء شهداء مجزرة المستشفى الأهلي المعمداني، طلب من الكونغرس "مساعدات غير مسبوقة".

وإذ اعتبر أن ما يجري "يمثّل نقطة تحول في التاريخ، ستحدد المستقبل لعقود قادمة"، أكد أن دعم بلاده "إسرائيل وأوكرانيا، سيعزِّز أمن الولايات المتحدة لأجيال قادمة". سبق بايدن الذي حضر جلسة "مجلس الحرب" الإسرائيلي، زيارة وزير خارجيته أنتوني بلينكن الكيان المؤقّت مرتين، بعد زيارة مماثلة لوزير الحرب لويد أوستن، ووصول حاملتي طائرات أمريكية إلى البحر الأبيض المتوسط وتحرك سفن حربية أمريكية لمؤازرة الخطط الهجومية الإسرائيلية لقطاع غزة.

ولم يكد الرئيس الأمريكي يغادر "قاعدة" بلاده العسكرية، حتى حط "ريشي سوناك" رحاله في القاعدة ذاتها على متن طائرة عسكرية تحمل أسلحة وعتاداً، داعماً ومؤيداً للإجرام الإسرائيلي. رئيس وزراء بريطانيا صاحبة وعد بلفور الشهير المؤسس للكيان الغاصب ونكبة الفلسطينيين في أرضهم ومستقبلهم، قال لرئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو "فخور بالوقوف هنا معك في أحلك أوقات إسرائيل كصديق لكم، سنقف معكم متضامنين، سنقف مع شعبكم ونريدكم أن تنتصروا أيضاً". وبينما كانت الطائرات الإسرائيلية ترتكب المزيد من المجازر في مناطق متفرقة من قطاع غزة المحاصر وتهدد المستشفيات بالتدمير على رؤوس مرضاها وجرحاها وأطقمها الطبية والتمريضية وكذلك النازحين إلى باحتها، كان سوناك يشارك في الدعاية لمصلحة الإرهابيين الإسرائيليين، قائلاً "أرحب بقراركم الصادر أمس والذي اتخذتموه لضمان فتح الطرق المؤدية إلى غزة لدخول مساعدات إنسانية"، علماً أن زيارة سوناك، جاءت بعدما أعلنت وزارة "الدفاع" البريطانية عن "توجُّه سفن الأسطول الحربي البريطاني إلى شرق البحر الأبيض المتوسط لدعم إسرائيل على خلفية التصعيد حول قطاع غزة"، وفي الموقف البريطاني هذا، اختصار للموقف الغربي الوقح في مقاربة ما يجري في فلسطين المحتلة اليوم كما في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، السلاح "لإسرائيل" لقتل الفلسطينيين، ومساعدات غذائية لمن تبقى منهم لجولة قتل جديدة!!.

المباراة الغربية في إظهار الدعم للكيان المؤقت وجرائمه، كانت قد قادت المستشار الألماني أولاف شولتز إليه أيضاً، حيث أعلن من مقر وزارة الأمن الإسرائيلية في تل أبيب أن لدى بلاده "مسؤولية تاريخية لحماية إسرائيل"، شولتز الذي وثقت منصات ألمانية وصحفيون مشاهد مصورة، للحظة انبطاحه والوفد المرافق على أرض المطار لدى سماعهم صفارات الإنذار في تل أبيب، سبقته إلى هناك وزيرة خارجيته، أنالينا بيربوك، التي عبرت عن دعم برلين القوي "إسرائيل للدفاع عن نفسها"، أما نظيرتها الفرنسية، كاترين كولونا فلم تكن أقل منها دعماً لكيان العدو، وتغطية لجرائمه بحق أطفال غزة، وهي قالت بصريح العبارة إن "حق إسرائيل في الرد على الهجمات الإرهابية غير المسبوقة التي تعرضت لها أمر لا جدال فيه، ولا يمكن لأحد أن ينكر حقها في الدفاع عن نفسها". وإذ شددت الوزيرة التي تباكت من سماهم "الضحايا الإسرائيليين"، نوهت أن "الرد على الإرهاب يجب أن يكون قوياً وعادلاً"، وفي توضيحها معنى "العدالة" في ما آلة القتل الإسرائيلية تواصل حصد أرواح الأبرياء، دعت كولونا حكومة العدو إلى "الحرص على احترام القانون الإنساني وبذل كل الجهود لحماية مدنيي غزة الذين لا ذنب لهم في جرائم حماس"، لكن الوزيرة لم تقل في تصريحها ما إذا كانت بلادها قد زودت جيش العدو صواريخ قادرة على التمييز بين العسكريين والمدنيين في استهداف بقعة لا تزيد مساحتها عن 365 كيلومتراً مربعا وتعتبر الاكثر كثافة سكانية في العالم.

التضامن مع غزة ممنوع

زيارة كولونا التي تمهد لزيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تندرج تحت العنوان نفسه أي دعم الكيان الغاصب، تزامنت وحملة تضييق قوية في فرنسا ومعظم الدول الأوروبية على المتضامنين مع الفلسطينيين وصولاً إلى قمعهم. وفيما شهدت مدينتا باريس وستراسبورغ تظاهرات مؤيدة لتل ابيب، حظرت تظاهرات تضامنية مع فلسطين في باريس وستراسبورغ وليون ومرسيليا بزعم أنها تشكل خطر الإخلال بالنظام العام. وبعد اتساع رقعة التضامن من قبل الشارع الفرنسي، وجدت الحكومة الفرنسية ضالتها بقرار حظر جميع التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، للزعم الآنف الذكر نفسه. هذا في فرنسا، التي تدعي أنها مهد الحريات، أما في بريطانيا فحدِّث ولا حرج عن التضييق الذي يتعرض له النشطاء المتضامنون مع القضية الفلسطينية، وقد وصل حد التجريم. فقد أعلنت وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان بعد ثلاثة أيام فقط على عملية طوفان الأقصى، أن التلويح بالعلم الفلسطيني قد لا يكون قانونياً في بعض الحالات في البلاد، وهذا يعني أن من يرفع العلم الفلسطيني يكون كمن يرتكب جرماً.

وفي ألمانيا لم يختلف الأمر كثيراً، حيث حظرت الشرطة التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، وفرّقت بالقوة تجمعات متضامنة مع أطفال غزة. والمشهد ذاته انسحب على دول أوروبية أخرى ارتأت التجند لمصلحة العدو والشراكة معه في قتل الأطفال والنساء والشيوخ في مجزرة العصر الجارية تحت أنظار وسائل الإعلام العالمية التي ارتأت أن تتجند هي الأخرى لخدمة الدعاية الإسرائيلية. هكذا انفضحت شبكة CNN الأمريكية على الهواء مباشرة في تغطية الأحداث الآتية من غزة، عندما سمع صوت المخرج يوجه المراسلة من أرض الحدث بالظهور وكأنها مذعورة وملاحقة من حماس وأنها في وضع خطر. وهكذا أيضاً انفضح الإعلام الغربي، وبعض الإعلام العربي المتأسرل وهو يبرر مجزرة المستشفى الأهلي المعمداني، مقدماً الرواية الإسرائيلية بأن ما جرى لم يكن سوى "صواريخ صديقة" وأن لا علاقة للجيش الإسرائيلي بها. وهو ما تبناه الرئيس الأمريكي نفسه بعد ساعات قليلة من وقوع المجزرة، "مهنئاً" الجانب الإسرائيلي على تمكّنه من تبرئة نفسه منها.

خاتمة

على مشارف الأسبوع الثالث، تكشف عملية طوفان الأقصى المزيد من الأقنعة، الغرب يظهر سافراً من كل قيم ادّعاها وأصم أسماعنا بها على مدى عقود، بينما الشعوب الحرة على امتداد العالم تواصل إعلان انحيازها للقضية الفلسطينية، وتأييدها حق الشعب الفلسطيني في مقاومته واستعادة أرضه. والسؤال المطروح اليوم هل ينجح الحراك الشعبي العابر للقارات والدول في تشكيل ضغط سياسي على الحكومات للعمل على وقف العدوان المتواصل على قطاع غزة؟.

 

إخترنا لكم من العدد