أَمام الغباء الإسرائيلي مُهلة زمنية مُحدّدةٌ!
زينب عدنان زراقط

أَمام الغباء الإسرائيلي مُهلة زمنية مُحدّدةٌ!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زينب عدنان زراقط
ــــــــــــــــــــــــــــــ
دخل الجيش الإسرائيلي غزة وفي مُخطّطه القضاء على حركة "حماس"، فأبادت قواته البشر ومسحت الحجر، اقتحمت المشافي وقتلت بالخّدج، عطّلت ماكينات التنفّس وفصلت الكهرباء وقطعت الدواء والماء والغذاء والوقود عن القطاع...
كُل هذا الإجرام بما يتعدّى الشهر والنصف، في المُحصّلةِ إسرائيل لم تستطع أن تطال أي مُقاومٍ في غزة، لم تجد أيّ نفقٍ لـ "حماس"، لم تقوَ على صدّ أي صاروخ ممّا تطلقهُ المقاومة... فما هي تفاصيلُ آخر محاولاتها الفاشلة؟ وإلى ما ستؤول إليه الأمور في نهاية هذه الحرب الطاحنة؟.
إسرائيل تقتل الخُدّج بالمشافي
اقتحمت قوات العدو الصهيوني مجمع الشفاء الطبي محوّلةً إياه إلى ثكنة عسكرية ومركزاً للتنكيل والاعتقال، وتعتدي على من فيه وتحاصر مختلف أقسامه. ونقل أنّه خلال اقتحامها كبّلت عدداً كبيراً من الأطباء وأطلقت النار على بعضهم، بما يسمح لهذه القوات توسيع اعتدائها في أروقة المجمع الطبي. فاقتحموا قسم العناية المركّزة وقسمَ الأطفال الخُدّجِ وغسيل الكلى وأقسام تخصصيّة أخرى.. وفي مزيدٍ من الاقتحامات، حاصروا المجمّع بالدبابات وقصفوا أقسامه حتى أصيب بالشلل بأكمله، بدون كهرباء ولا ماء ولا معدات طبية ولا أدوية... فتحوّل المجمع الطبي إلى مركزٍ للاعتقال والتنكيل بالمرضى والنازحين، فضلاً عن الأطقم الطبية.
كل ذلك لأن البيت الأبيض، هو من أعطى الضوء الأخضر للاقتحام، عندما زعم المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي خلال مؤتمره الصحفي، بأن أجهزة بلاده الاستخباراتية تحقّقت بشكل مستقلٍ، حول المزاعم الإسرائيلية بوجود مقرات قيادة وسيطرة للمقاومة الفلسطينية بالإضافة الى مراكز لاحتجاز الأسرى الإسرائيليين تحت مجمّع الشفاء الطبي.
في التسلسل الزَّمني لحصار مشفى الشفاء، تخبُّطٌ إسرائيليٌّ واضحٌ بحثاً عن صورة نصر يُبرِّر بها مجازره المستمرة ويكبح جماح غضب الشارع الإسرائيلي الذي ينتظر أسراه دون جدوى، اقتحم جيش الاحتلال مشفى الشفاء في محاولة لخلق رواية إعلامية ترتكز على سيطرة ميدانية للجيش على مدينة غزّة وضرب غرفة عمليات حركة حماس. لكن التصريحات الأمريكية الإسرائيلية المتضاربة، كشفت عن ثغرات كبيرة في الرواية تصل إلى حدِّ وصف البعض بأن هناك أزمة بين الجانبين وعدم رضا أمريكي عن الأداء الإسرائيلي..
حتى يتبيّن أن "مخبأ حماس" الموجود أسفل مستشفى الشفاء هو في الواقع مخبأ إسرائيلي تم بناؤه تحت مجمع الشفاء عام 1983، عندما احتلت "إسرائيل" قطاع غزة. ولهذا السبب كان الإسرائيليون على يقين من وجود شيء ما تحت المستشفى. ففي عام 1983، عندما كانت "إسرائيل" لا تزال تسيطر على قطاع غزة، قامت ببناء غرفة عمليات آمنة تحت الأرض، وشبكة من الأنفاق تحت مستشفى الشفاء وقبو اسمنتي تحت المبنى الثاني للمستشفى.
كذلك نشرت صحيفة "جروزاليم" الإسرائيلية صورة لمدخل نفق ادّعت أنه تابع لحماس، عثرَ عليه جيش الاحتلال على الجانب الإسرائيلي من حدود غزة، ليتبيّن أن الصورة نشرتها وكالة رويترز في مارس 2014، أي قبل 9 سنوات من الحرب الجاريةِ، وهي تعود لنفق كشفه الجيش الإسرائيلي من الحدود بين "إسرائيل" وغزة في 27 آذار 2014.
المُهلة الأمريكية لإسرائيل تنقضي
حقيقةً، إن المُدّة التي أعطاها الأمريكي للإسرائيلي أضحت في مرحلتها الأخيرةِ، بضعة أيامٍ، ولعلّها حسب تقديرات الأوساط السياسية؛ فترةٌ لن تتجاوز الشهر الجاري - نوفمبر -، فقد ضاقَ الأمريكي ذرعاً من الإسرائيلي الذي لم يعُد يُفكر بعقلانية بعد "صفعة - سبعة أكتوبر -" التي أصابته بالعمى!. الإسرائيلي يودّ لو أنه يفتح الجبهات على بعضها في الشمال ضد "حزب الله" وجبهة غزة، إلا أن الأمريكي قد صدّ جنونه. الأمريكي لم يعد يأمن للجنون الإسرائيلي، وعدّه التنازلي للوقوف عند حده ينقص يوماً بعد يوم، وفي إشارةٍ لهذا الخوف والقلق، نشير إلى ترؤس وزير الخارجية الأمريكي بلينكن جلسات الكابينت الإسرائيلي لمرتين خلال زيارته إسرائيل، وذلك ما يخالف سابق عادته - حيث كان ينتظر خارج الاجتماعات ويُبلّغ بالمُلخّص عند الانتهاء - فالأمريكي يدرك تماماً أن المعركة المباشرة مع "حزب الله" تعني حرباً إقليمية يعني - زوال إسرائيل - يعني القضاء على جميع قواعده في الشرق الأوسط، بينما هو يريد المحافظة على مصالحه.
وفي أبشع اعتداءاته، ولعلّه التصعيد الإسرائيلي الأخير في غزة، اقتحام العدو أكبر مؤسسة صحية في غزة - مُجمّع الشفاء الطبّي - بمستشفياته التخصصية الثلاث، - لن يكون هنالك من شفاءٍ للخيبةِ الإسرائيلية - و"نتنياهو" سوف يرميه الأمريكي "كِبشَ محرقةٍ" أمامَ المجتمع الدولي على أنه قد حاسبَ المجرم الجاني وحفظَ شيئاً من ماءِ وجههِ أمامَ جمعيات حقوقِ الإنسان.
وفي سياقٍ متصل، كلمة للسيد "هاشم الحيدري" أن أمريكا الآن مصلحتها بقاء إسرائيل، لكن نقطة مهمة؛ أنّ أمريكا إذا شاهدت أن إسرائيل تغرق، ولا يُمكن إنقاذها، فستترُك هذا الابن أو هذه البنت الحرام – تغرق -، لتُحافظَ على مصالحها في المنطقة، أمريكا لا تعرف إلا مصلحتها، يعني أمريكا كمُستكبر.. لا تعرف صديق.. عندما تُشاهد أن إسرائيل تغرق وذاهبة إلى السقوط، - ستترُك إسرائيل تغرق -"...
كلمة أخيرة، الوقت سينفذ من الإسرائيلي، وكما فشل في أجنداته السابقةِ من حرب تموز إلى حرب سوريا وصفقات تطبيعهِ الفارهةِ، الفشلُ اليوم كامنٌ نُصبَ عينيه، سينزل الإسرائيلي عند شروط المقاومة الفلسطينية وحيثيات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وتحقيق الشروط وفرض قواعد النزال. ولكن كل ذلك يبقى في معزلٍ عن الجبهةِ الشمالية في إسرائيل، شأن المقاومة اللبنانية - حزب الله - مُحايدُ عما تتوصل إليه – حماس - كي لا يبقَى للإسرائيلي أي مُتسع يفرض من خلاله شروطاً على المقاومة في لبنان...فالوضع في غزة محسومٌ إلى التسوية وتدخل الوساطات العربية، إلا أن الجبهة مع "حزب الله" تبقى غامضة الملامح فـ "الوضع في شمال إسرائيل أكثر تعقيداً من الجنوب. وحتى لو كان يوجد وقف تام لإطلاق النار مع حزب الله فإن السكان لن يعودوا"! حسبَ قول رئيس مجلس "الأمن القومي" الإسرائيلي السابق غيورا آيلند.
فهل يبقى الجنوب يُقاوم والإسرائيلي خانعٌ يلقى ضربات الموت دون جرأته على الردّ؟.