بقاء قوات الاحتلال في التلال الخمس سيف ذو حدين ولبنان الرسمي يراهن على الدبلوماسية لتحريرها
بقلم محمد الضيقة
أنجزت حكومة نواف سلام البيان الوزاري بعد التفاهم بين مكوناتها على مضمونه، وبانتظار أن يمنحها البرلمان الثقة، يبقى الملف الجنوبي هو الحدث الأبرز بعد انسحاب قوات الاحتلال من كافة القرى الحدودية، باستثناء بعض التلال بحجة تأمين الحماية للمستوطنين الذين ما زالوا يرفضون العودة إلى مستعمراتهم، وكما يبدو لن يعودوا في المستقبل القريب.
أوساط سياسية متابعة أوضحت أن إصرار العدو على خرق اتفاق وقف إطلاق النار من خلال احتفاظه ببعض التلال المنفصلة عن بعضها البعض، يؤشر إلى فشل العدوان الصهيوني في تحقيق أي هدف من أهدافه، خصوصاً الهدف المباشر للحرب، وهو القضاء على المقاومة أو على أقل تقدير توجيه ضربة تضعفها وتدفع ببيئتها الحاضنة بالابتعاد عنها.
وأضافت الأوساط أنه بعد وقف إطلاق النار وفشل العمليات البرية الإسرائيلية في اختراق الحافة الأمامية وهو الذي حشد سبعة فرق عسكرية لهذا الهدف الذي حدده بالوصول إلى الليطاني، بات العدو أمام خيارين في التعامل مع المنطقة الحدودية، إما يكرر التجربة التي اعتمدها بعد اجتياح العام 1978 وإنشاء الحزام الأمني الذي استخدمه فيما بعد كمنطلق لاجتياح عام 1982. وإما الانسحاب إلى ما وراء الخط الأزرق الذي يفصل بين الأراضي اللبنانية والفلسطينية المحتلة.
وكما يبدو – تقول الأوساط – أنه أمام هذين الخيارين استغل العدو الهدنة التي تم الاتفاق عليها وتم تمديدها فيما بعد، ومارس أبشع أنواع الهمجية لناحية التدمير والحرق والتفجير في كافة قرى الحافة الأمامية، إلا أن انسحابه قد أسقط مشروع إقامة حزام أمني في القرى الحدودية واستعاض عنها بالبقاء في خمس تلال، ظناً منه أنها قادرة على إقناع المستوطنين بالعودة إلى الشمال، إلا أن المواقف الأخيرة لرؤساء المستوطنات تؤكد أنهم لن يعودوا، واعتبر أكثر من خبير صهيوني أن البقاء في هذه التلال هو سيف ذو حدين.
الأول، أن المستوطنين الذين عاشوا أيام حرب الإسناد وما قبله في عام 2006 يدركون من أن المقاومة لن تتوقف عن استهداف هذه المواقع من أجل تحريرها، وبالتالي قد تؤدي عمليات المقاومة وليس بالضرورة أن يكون حزب الله إلى انفجار حرب شاملة.
والثاني، أن استمرار وجود الاحتلال في هذه التلال قد يؤدي إلى الغرق مجدداً في المستنقع اللبناني، وبالتالي فإن المستوطنين قد يدفعون وحدهم الثمن، حسب ما يحاول بعض الخبراء الصهاينة الترويج لمثل هذه المخاطر.
واعتبرت الأوساط أن محاولة العدو استخدام هذه التلال من أجل ممارسة الضغط على الدولة اللبنانية وابتزازها من أجل تحقيق ما عجز عنه خلال الحرب بتجريد المقاومة من سلاحها، وهذا الأمر لن يحصل تحت أي ضغط، وما البيان الذي صدر عن الرؤساء الثلاث إلا تعبير عن التفاهم بين أركان السلطة، خصوصاً مسألة تضمين البيان الوزاري نصاً يسمح للبنان باستخدام كل الوسائل من أجل تحرير الأراضي المحتلة بدلاً عن النص الذي يسمح للدولة باستخدام وسائلها للتحرير. لافتة في هذا السياق إلى أن مضمون البيان الوزاري لم يختلف عن كل البيانات الوزارية التي أقرتها الحكومات المتعاقبة منذ العام 2014.
وبالتالي فإن البروباغندا التي تحاول بعض القوى المحلية اعتبار عدم ذكر المقاومة في البيان هو هزيمة لحزب الله هو مجرد أوهام.