وسط أوضاع إقليمية خطيرة ومعقدة هل ينجح لبنان في الحفاظ على سيادته والتحرر من الضغوط الأمريكية؟
بقلم محمد الضيقة
تواصل واشنطن حملة ضغوطها على لبنان من خلال مبعوثتها مورغان أورتاغوس المرتقب زيارتها لبيروت من أجل العمل على تنفيذ شروط إدارتها وذلك بتشكيل لجان ثلاثة للحوار مع العدو الصهيوني، وهو شرط أمريكي من أجل السماح بإعادة إعمار القرى الجنوبية..
ولا يقتصر الضغط الأمريكي على المسؤولين، فقد طاول في الآونة الأخيرة المؤسسة العسكرية حين اتهمت أورتاغوس الجيش اللبناني بأنه لا يبذل جهوداً كافية تمنع إطلاق الصواريخ على إسرائيل، في الوقت الذي لم ترَ هذه المسؤولة الأمريكية الاعتداءات الصهيونية التي لم تتوقف منذ الإعلان عن وقف العمليات العدائية.
أوساط سياسية متابعة أكدت أن ما يُقرأ بين السطور في الموقف الأمريكي أن واشنطن تعتمد الكيان الصهيوني كأداة لتنفيذ أجندتها وفرض شروطها على لبنان، ما يعني أن لبنان سيبقى معرضاً للاعتداءات اليومية في ظل إصرار واشنطن والعدو على تفسير القرار 1701 مع ما يتطابق مع أهدافهم، وهذا ما تعجز عنه السلطة اللبنانية خصوصاً مسألة تجريد المقاومة من سلاحها.
وتضيف الأوساط أنه في انتظار عودة المبعوثة الأمريكية لا يزال الموقف اللبناني ثابتاً لجهة الشرط الأمريكي بشأن تشكيل ثلاثة لجان سياسية من أجل التحاور مع الكيان الصهيوني، والضغط الأمريكي على الدولة تواكبه وتساعده بعض القوى السياسية وتحديداً القوات اللبنانية وحزب الكتائب وحلفاؤهما الذين يعتبرون أنهم حققوا انتصاراً على حزب الله من خلال العدوان الصهيوني المستمر والمتواصل على لبنان، ويظهر من أداء هذه القوى أنها تهدد كل يوم بجر لبنان إلى حرب أهلية جديدة.
وتضيف الأوساط أن الخطأ القاتل الذي ارتكبته السلطة الجديدة هو محاولتها نقل لبنان من محور المقاومة إلى المحور الذي يدور في فلك واشنطن الساعية إلى دفع دول المنطقة إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني في تكرار للتجربة التي أعقبت اجتياح لبنان عام 1982 ومحاولة رئاسة الجمهورية آنذاك والتي كان على رأسها أمين الجميل جر لبنان إلى الاعتراف بالكيان الصهيوني من خلال اتفاق 17 أيار.
لافتة في هذا السياق أن الإدارة الأمريكية تستحضر تجربة 1982 لتبني عليها، وذلك باستخدام بعض القوى السياسية اللبنانية والتي كان آخر ابتكاراتها تشكيل تجمع أطلق على نفسه “تجمع المحافظون الجدد” والذي أعلن صراحة في بيان تأسيسه أنه مع الفدرلة ولا مشكلة لديه بالحوار مع الكيان الصهيوني والاعتراف بوجوده ككيان طبيعي في المنطقة من أجل أن تتمكن إدارة ترامب من تغيير موقع لبنان.
كل هذا – تقول الأوساط – يحدث وسط انقلابات كبيرة في المشهد الإقليمي من النتائج للعدوان على غزة إلى التغيير الكبير الذي يفتح الساحة السورية على مفاجآت غير معلومة حتى الآن، وصولاً إلى زيادة الضغوط الأمريكية على الدول العربية من أجل تنصيب الكيان الصهيوني كمرجعية لا يمكن تجاوزها في الإقليم.