إقليميات

إسرائيل أخطبوطٌ.. يمتد من غزة إلى لبنان وسوريا

بقلم زينب عدنان زراقط

في الوقت الذي لا تزال فيه القمة العربية المخصصة لفلسطين منعقدة، كان نتنياهو يشدّد الحصار على أهل “غزة” بقطع مقومات الحياة من ماء وكهرباء ووقف المساعدات، وكان يقوم باقتحامات واعتقالات الضفة وكان يكمل توغله البري في سوريا وصولاً إلى درعا بسوريا وزيادةً على كل ذلك كان ينفذ غارات على الساحل الجنوبي للبنان ويقتل مواطنين، لأن لغة السلم والدعوة للسلام ونظريات التفاهم لا تجدي نفعاً مع العدو، بل أراد أن يستهزئ بهذه القمة مستعرضاً قوته وإرادته – بالدعم الترامبي – على أن لا رادع له بعد الآن…

فما هي تفاصيل التوغلات الإسرائيلية وامتداده بشكلٍ سافر والتفويض الأمريكي والرضوخ الدولي…؟

في غزة، بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق التهدئة، سارعت “إسرائيل” للتملص من التزاماتها بشكل واضح، ما كشف نواياها الحقيقية وراء الاتفاق. في هذه الأثناء، قدم المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف مقترحاً جديداً، بدا منذ البداية منحازاً بشكل صارخ لصالح “إسرائيل”. المقترح الذي جاء بغطاء أمريكي، ينص على وقف إطلاق نار مؤقت خلال شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي، مع الإفراج عن نصف الرهائن الإسرائيليين في اليوم الأول، وتأجيل بقية البنود حتى يتم التوصل لاتفاق دائم. إلا أن حركة حماس رفضت مقترح ويتكوف بشكل قاطع، واعتبرته محاولة لفرض أجندة “إسرائيل” عبر قنوات أمريكية، وأكدت أن هذا المقترح يتجاهل بشكل كامل المطالب الفلسطينية الأساسية، وعلى رأسها وقف العدوان ورفع الحصار وإعادة الإعمار. فلجأت “إسرائيل” إلى تصعيد إضافي عبر إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات الإنسانية، في خطوة تهدف للضغط على المقاومة من خلال تشديد الحصار والمعاناة على سكان غزة، ما يكشف الطبيعة الابتزازية لهذا المقترح.

الاحتلال الإسرائيلي في سوريا خطر على المنطقة

في سوريا يتبيّن أن الرئيس السوري الجديد الملقب بالجولاني لم يتبقَ خلال حكمه لا الجولان ولا القنيطرة ولا درعا ولا السويدا وأجزاء من دمشق، كلها استولى عليها الجيش الإسرائيلي وأعلن احتلالها. والشعب السوري الذي فرح بسقوط الأسد، تفيد استطلاعات الرأي العام وعبر ناشطين، بأن كل مقومات الحياة من غاز وخبز وكهرباء وماء أمست بتكاليف أغلى ويفرض على التجار الذين يريدون العودة إلى سوريا التنازل عن 70% من ممتلكاتهم. وفي التفصيل أكثر، والأسوأ من ذلك أن أخوة أحمد الشرع هم من يسيطرون على وزارة الصحة والتجارة والاستثمار، ومن المعلوم أن المساعدات الخارجية الوحيدة التي تدخل سوريا هي عن طريق المساعدات الطبية والحقوق الإنسانية، ومن ناحية التجارة فهو يفرض نسب عالية على الممتلكات لاستحواذها والمشاطرة بالأرباح.

واقع سوريا اليوم الاقتصادي والمعيشي والاجتماعي اسوأ مما كان عليه في زمن بشار الأسد حسب رأي المواطنين السوريين – وليس نقلاً عن الترويج الإعلامي المضلل -، ومما يثير الريبة حول الأفراد الحاكمة حالياً أكثر، تطرّقت المقالات الغربية للحديث عن تحاويل مالية من دمشق إلى إدلب ومن إدلب إلى قبرص التركية، في إشارة لوجود خطط بديلة لهذه الإدارة السورية الجديدة في حال انقضى حكمها في سوريا.

أما في بلدة جرمانا التي شهدت توترات غير مسبوقة، حيث استنفر الاحتلال لأجلها وأوعزَ نتنياهو وكاتس للجيش الاسرائيلي بالاستعداد للدفاع عن هذه البلدة السورية. بلدة جرمانا التي تقع جنوب شرق دمشق، وهي مدينة معروفة بولائها لنظام الأسد، ولعبت دوراً في حملاته ضد الثوار السوريين. فما الذي جرى؟!.. اندلعت اشتباكات عنيفة بين مجموعة محلية تُدعى لواء درع “جرمانا وعناصر من الجيش السوري، بعد منعهم من دخول المدينة بالسلاح، ما أسفر عن مقتل جندي وخطف آخر. “إسرائيل” تستغل الوضع حالياً، وقد أصدر رئيس وزراء الاحتلال” “بنيامين نتنياهو” تعليمات للجيش بالاستعداد لحماية سكان المدينة الدروز، مؤكداً أن “إسرائيل” لن تسمح للحكومة السورية الجديدة بإيذائهم، في محاولة واضحة لخلق ذريعة جديدة للتدخل في سوريا.

يشكل الدروز جزءاً أساسياً من النسيج السوري ويتوزعون بين السويداء جرمانا والقنيطرة تبنى معظمهم الحياد خلال سنوات الثورة، مع رفض التجنيد القسري، وتظاهروا باستمرار في السنوات الأخيرة ضد النظام، وظل في المقابل جزء من دروز جرمانا موالياً له.

حسبَ وول ستريت جورنال إسرائيل قالت إنها ستنفق أكثر من مليار دولار لمساعدة الدروز، هذا الاندفاع تجاه دروز سوريا لا يبرره سوى هدف واحد، وهو حكم ذاتي تحت وصاية إسرائيلية، ودعم وتسليح يشبه “جيش لحد” في جنوب لبنان، الذي دمر عام 2000. فهم يريدون أهل الدروز السوريين درعاً لهم. وهل سيغلب صوت العقل والحكمة على أصوات التقسيم والخيانة؟.

آخر التحركات الإسرائيلية التي تم رصدها، وصول أرتال عسكرية ودبابات إلى تل الأحمر الغربي في ريف محافظة القنيطرة قادماً من الجولان المحتل. إضافةً إلى إمعان سياسة الجولاني بفرض الطائفية وانتهاجه نمطاً داعشياً تجاه العلويين في حمص وطرطوس من قتل وتنكيل، وارتكبوا إبادةً جماعية انتقامية بالمدنيين العُزَّل في بلدة المختارية بريف اللاذقية…

بالنسبة للبنان، تتناقل الأوساط السياسية الحديث حول أن النقاط الخمسة التي تتمركز فيها إسرائيل ليست محصورة فيها بل هنالك حزام أمني إسرائيلي مساحته 10 كيلو متر مربع جنوب لبنان وأنه سوف يتوسع به لناحية الناقورة أي أن العدو الإسرائيلي يعمل على خطة توسعية لقضم مساحات إضافية من لبنان.

في ضوء التصريحات الصادرة عن قاده الاحتلال الإسرائيلي يتبيّن أن العدو ذاهب نحو مرحلة جديدة من الاستهداف الممنهج لدول عربية واسلامية فضلاً عن قطاع غزه اليوم بإعلانه امتلاك ترسانة عسكريه جديدة دخلت حيز الخدمة، ممولةً بالسلاح المتطور من الولايات المتحدة بقياده ترامب، التي قدمت قنابل خِلافاً للإدارات السابقة الذين كانوا يحجمون عن إعطاء الكيان الإسرائيلي هذه القنابل الضخمة والهائلة. فقد علا صوت نتنياهو، بالقوة المفرطة ومصطلحات النصر المطلق وتغيير وجه الشرق الأوسط ويستعرض عمليه العدوان التي قام بها في العمق السوري والسيطرة التامة على جبل الشيخ على اعتبار أنه جزء لا يتجزأ من إسرائيل.

ختاماً، لم يكن اجتماع حكام العرب إلاَّ بأوامر واشراف وإدارة أمريكية إسرائيلية في محاولة لإرضاء شعوبهم بأنهم لايزالون على قيد الحياة.. جلسة طويلة في قمّةٍ عربية، لم يستطيعوا فيها إعلان كسر الحصار المفروض على غزة.. ولم يلزموا اسرائيل بتنفيذ بنود الاتفاق التي وقعت عليها.. ولم يقرروا إدخال الإمدادات والدعم والمساعدات إلى غزة بلا قيود. ولم يفرضوا العقوبات ويهددوا بقطع علاقتهم وطرد السفارات الإسرائيلية والأمريكية من عواصمهم وأغلاق المنافذ البحرية والبرية أمام إسرائيل في حال معاودة الحرب على غزة. بل امتدحوا اسرائيل وقالوا بأنهم “يريدوا السلام والعيش الدائم معها..”.

وهذا الحال نفسه تجاه سوريا ولبنان، لا أحد من العربان يكترث بجيرته أو ملّته، والإسرائيلي متروك ليقرصن ويغتصب ما يملي عليه الأمريكان، رحم الله الإمام الخميني القائل ” لو اجتمع المسلمون وصب كل واحد منهم سطل ماء على إسرائيل لجرفتها السيول” (قده).

والآن من بعد سقوط سوريا وتناحر العشائر والنظام الجديد والتصفية الطائفية والاحتلال الإسرائيلي وامتداده، بات ذلك يشكل خطراً مضافاً على لبنان في ظل بقاء التواجد الإسرائيلي في محوره الجنوبي عند الحدود، بينما الجمهورية اللبنانية الممثلة برئيسها الجديد “عون” لم تتخذ أي اجراء أو استنكار دولي، لم نسمع أي خطاب يبدي غِيرة وغضب للمساس باستقلالية لبنان، فإن لم ينتفض المعنيين السياسيين هل تعود المقاومة لاستلام زمام الردع بالزمان والمكان والأسلوب المناسب وفق ما ترتأي؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *