إقليميات

فيتو يمني جديد على الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر

بقلم نوال النونو

في البداية أعلن السيد عبد الملك الحوثي زعيم أنصار الله إعطاء مهلة 4 أيام للوسطاء من أجل إدخال المساعدات إلى غزة، لكن المهلة انتهت الثلاثاء الماضي دون أن تلتفت “إسرائيل” لمهلة السيد الحوثي، فخرج المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع ليؤكد في بيان له استئناف حظر الملاحة الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي، ومنع مرور السفن الصهيونية من العبور من هذين البحرين، وهذا يعني عودة الحصار من جديد على ميناء “أم الرشراش” الواقع جنوبي فلسطين المحتلة.

تدرك “إسرائيل” مخاطر الحصار عليها في البحر الأحمر، فالحصار يقطع عليها طريق التجارة باتجاه الهند وجنوب شرق آسيا، وأفريقيا، والعكس، وهذا الحصار يوصد على الكيان أهم منفذ لها على البحر الأحمر، ويجعلها دولة حبيسة، ويكبدها خسائر كبيرة اقتصادياً.

وخلال معركة “طوفان الأقصى” نجح اليمن في فرض الحصار البحري على الكيان، ما تسبب في إعلان ميناء “ايلات” عن افلاسه، وتوقف عن العمل، وارتفعت أسعار السلع داخل كيان العدو، لا سيما من البضائع التي يتم استيرادها من أفريقيا كالمواشي، والأدوات الكهربائية، والسيارات التي يتم استيرادها من الصين واليابان.

وعلى الرغم من محاولة الولايات المتحدة الأمريكية التحرك عسكرياً لكسر الحصار، من خلال تشكيل تحالف “حارس الازدهار” إلا أن العدوان الأمريكي البريطاني على اليمن، لم ينجح، ودخلت القوات المسلحة اليمنية في مواجهة مباشرة مع القطع والبوارج الأمريكية، وصولاً إلى المواجهة مع حاملات الطائرات، وكان من نتائج هذه المواجهات هروب الحاملات من البحر الأحمر، وتمكن اليمن من فرض سيطرته عليه.

سقف التصعيد مرتفع

  ومع أن الحصار البحري يثير حساسية كبيرة لدى كيان العدو، إلا أن “إسرائيل” استطاعت تجاوز هذه العقبات نوعاً ما، من خلال تواطؤ الأنظمة الخليجية والعربية، التي عملت على فتح منافذ برية تمر من الإمارات عبوراً بالسعودية والأردن وصولاً إلى كيان العدو، في مسعى يهدف إلى اضعاف هذه الخطوة اليمنية الهامة.

 غير أن السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي أكد في خطاب له مساء الأربعاء الماضي أن اليمن لن يكتفي بتفعيل ورقة الحصار البحري، وقد يلجأ إلى خطوات تصعيدية ضد العدو الإسرائيلي إذا استمر خنق قطاع غزة بالحصار الصهيوني.

 وقال السيد الحوثي:” حظر الملاحة الإسرائيلية هي الخطوة الأولى فقط، ولدينا خيارات عملية أخرى مطروحة على الطاولة، إذا استمر العدو في تجويع الشعب الفلسطيني، وسقفنا عال جداً”.

ويفهم من كلام السيد الحوثي أن اليمن قد يتجه إلى معاودة إطلاق الصواريخ الفرط صوتية وغيرها باتجاه المستوطنات الإسرائيلية في فلسطين المحتلة، كجزء من الضغط على الكيان لرفع الحصار على غزة، وهي خيارات ستلجأ إليها اليمن طالما وعدت بذلك.

 ويعد هذا أول اختبار لإدارة ترامب في المواجهة مع اليمن، وهو الذي أعلن مؤخراً تصنيف “أنصار الله” منظمة إرهابية أجنبية، وهنا يثار تساؤلاً هاماً: هل ستتحرك واشنطن هذه المرة لتشكيل تحالف دولي لفك الحصار عن “إسرائيل” كما فعل بايدن أم لا؟.

والواقع أنه ليس هناك مؤشرات على تحرك أمريكي حتى الآن، فترامب يتحرك فيما يتعلق بالملف اليمني مسايراً للرغبة السعودية، لكن الأمر مغاير هنا، فالأحداث لها علاقة “بإسرائيل” الحليف الاستراتيجي لأمريكا، وهو ما يضعنا أمام احتمال دخول جديد لواشنطن على خط المعركة، أو أن تضغط من أجل إنجاح المفاوضات في قطر، والعمل على ادخال المساعدات إلى القطاع، لتجنب معركة مع اليمن في البحار.

 نعتقد أن الخيار الثاني هو الأقرب، فأمريكا وإسرائيل ليس لديها القدرة الآن على مواجهة اليمن، لعدة أسباب، من أهمها قوة الموقف اليمني وصلابته، وامتلاكه أهم ورقة، وهي ايلام العدو في أهم مخنق دولي وهو مضيق باب المندب، واستهداف السفن وتجارة الأعداء في البحر الأحمر الذي يربط بين ثلاث قارات [آسيا، أفريقيا، أوروبا].

 لكن إذا اختارت أمريكا المواجهة، فإن المعركة لن تكون سهلة هذه المرة، لا سيما وأن العدو يسعى إلى إيلام اليمنيين لوقف استفزازاتهم في البحر الأحمر، وهذا قد يدفع السعودية والإمارات هذه المرة للمشاركة، لا سيما وأن هناك معلومات لدى صنعاء بأن السعودية قد تعاود العدوان على اليمن، ومع ذلك يظل هذا الخيار صعب المنال لأمريكا والسعودية وإسرائيل لهزيمة اليمنيين.

المعركة مع اليمن هي العقدة الأكبر لدى أمريكا وإسرائيل وحلفائهم في المنطقة، فالقوات المسلحة اليمنية تمتلك صواريخ فرط صوتية قادرة على الوصول إلى تل أبيب، وعلى الوصول إلى حقول ومنشآت النفط في الخليج إذا غامرت هذه الدول في عدوان جديد على اليمن، وقد يكون السيناريو مأساوياً على هذه الدول جراء الضربات اليمنية، إضافة إلى أن اليمنيين يمتلكون طائرات مسيرة تستطيع الوصول إلى عمق كيان العدو الإسرائيلي، ولديهم أهم ورقة وهي مضيق باب المندب والبحر الأحمر.

كل الخيارات مزعجة للأعداء تجاه اليمن، ولهذا تأتي أهمية الموقف اليمني المساند لغزة، فالحصار والعمليات النوعية للقوات المسلحة اليمنية قد تجبر “إسرائيل” على الرضوخ وتلبية مطالب المقاومة الفلسطينية، ومن أهمها رفع الحصار، وإدخال المساعدات إلى قطاع غزة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *