آخر الكلام

يا صاحبَيْ

بقلم غسان عبد الله

فدمي اختمارُ الوردِ في الأصقاع يفضحني‏.. ورائحتي تدب على لساني‏

ويداي مئذنتان مشترطاً بنسفهما أذاني‏.. لا تدخلا الريحَ التي حملت ثياب الرمل‏

أما تلقياني‏ أو تعصبان بما استربتم منه‏ لحظة تجلسان لتبكياني‏

لا تسألا الرمل المسف متى وكيف‏ أضعت فيه خطى حصاني‏

خلقت نيراني على حجر من القلق المثار‏.. وجئت يحملني دخاني‏

وحدي أزاولُ طقس رتابتي‏ وفي عنقي رنين أصابع الموتى‏

وحولي من صغار الحرب ينبوعان‏

محترقاً أهشُّهُما‏ فينبجسان في رئتي كيما يحرقاني‏

وعلى يدي نثار مكحلةٍ.. ومسرجة من الليل الطويل‏

ومن بقايا الموت ينبت فوق صدري أصبعان‏

عندي من الوجع الكثير فحاذرا أن تلمساني‏

انا ما وهبتكما إليَّ‏ ففيم تقتربان من جسدي‏ وتبتكراني‏

ها قد عصيتكما.. ففيما تحاولان‏

عندي من الصمتِ الكثيرُ‏ وقد محوتُ ملامحي‏

ويَديّ من قلقٍ إلى جسديٍ أضمهما‏ مخافة لو غفوت ستوقظاني‏

يا صاحِبَيْ‏.. فمن أشار إليَّ كي يلقي قميص الرمل عن جسدي‏

ويفتح ما اشتهى مني‏ لتنسلا إليْ.. وتسكناني‏

يا صاحِبَيْ‏ أنا احتراقكما‏.. وما بيني وبينكما مسافة وردتين وغربتين‏

يمر ظلكما‏ تمر سحابتان.. أغفو على حلمي‏ وفوق يدي تنضج وردتان.. وغربتان‏

لا تشغلاني الآن بينكما‏ وتنشغلا بأيِّكما رآني‏

صوتي بكلِّ مفازةٍ قمرٌ أعلِّقُهُ.. وعصفورٌ يدور‏ وشرفتانِ

وبكلِّ أفقٍ لي مسيلُ دمٍ يجيئكُما إليَّ‏.. فمن أضاعَكما‏ وكيف أضعتماني‏؟!

رأسي على رمحٍ يدورُ..‏ ومثلُه قلبي‏.. وبينهما أدورُ.. لتبصراني‏

عيناي في الأفقِ المغلقِ تعلَّقانِ‏

فأي شيءٍ في اخضرارِ الأفقِ لوَّح أو يلوحُ.. تُراهُما عن أيِّ شيءٍ تَبْحثانِ..‏

الشمس تُلبسني عباءةَ فجرها ظلاً‏

فكيف سألتقي فجراً وقد أَلبَست ظلي‏ ظلاً ثاني‏

ما الشمس إلا سنديانة عشقي المذبوح‏ تعرفه النوافذ‏ والطيور البيض‏

والنجم المعلق في ثياب الليل‏

حتّى أنتما‏ إني كتبتكما على شفتي أغنيةً‏ فما طربت عيونكما‏ ولكن تدمعان‏ لتندباني‏

عجباً‏ برغم قميصي المقدود من قُبُلٍ بحبكما‏ أضعت براءتي‏ وخسرت بينكما رهاني‏

لا تحسبا /شكوت إليكما/ أني أعاني‏

أنا نخلةٌ للطهرِ لي وطنٌ‏ ولي أرضٌ أمسُّ جذورَها‏ بالكادِ تحملني.. فكيف ستحملاني‏

وقلائدي صخب العصافير‏.. وفضةُ فجرٍ هذا الرائع القزحي‏

ما ألقيت إلا فوق تربته جُماني‏.. عودا‏.. فليس يجيرني إلا مكاني‏

عودا‏.. فلي وطنٌ سأحمله‏ إذ انْبَجَسَتْ من الموتِ المؤجل‏ لي يدانِ..