أمين سر مجلس الأمناء يلبي دعوة مركز الجنوب الثقافي الإسلامي في العراق
لبى أمين سر مجلس الأمناء في تجمع العلماء المسلمين سماحة الشيخ علي خازم دعوة وُجِهت له من مركز الجنوب الثقافي الإسلامي في العراق لحضور افتتاح المهرجان الإنشادي الدولي الثاني، برعاية سماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ رعد الباهلي.
وألقى سماحة الشيخ علي خازم كلمة في المهرجان، هذا نصها:
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين
﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾ صدق الله العظيم.
أيها الحضور الكريم لا بد بداية من أن أتوجه بالشكر الجزيل لسماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ رعد الباهلي ومركز الجنوب الثقافي الإسلامي على تشريفه لي بالدعوة لحضور هذا المهرجان الإنشادي، كما أتوجه بالشكر والتقدير للجهود المبذولة منهم ومن مركز فنون الجمهورية الإسلامية وكل الجهات المساهمة في إحياء هذه المناسبة العزيزة بما يليق من إظهار الفرح والسرور وبالتعبير عن ذلك بما يثير العواطف ويحرك المشاعر الصادقة، الصادحة بالولاء للنبي وآله العترة الطاهرة في يوم الغدير الأغر.
أيها الحضور الكريم، سأتحدث إليكم في نقاط ثلاث سريعا إن شاء الله.
الأولى: عن الإنشاد الديني لأنه عنوان المهرجان.
الثانية: عن الإمام علي عليه السلام وعلاقتنا به.
الثالثة: عطفة لا بد منها عن الواقع ربطاً بصدر آية إكمال الدين وإتمام النعمة.
أولاً: على أرضية الإنشاء الشعري في الابتهالات إلى الله تعالى، والمدح للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، نشأت فنون متداخلة في عالم الإسلام منها الإنشاد الديني والمدائح النبوية والسماع. وقد استفادت هذه كثيراً من التطوير الفني للأداء الصوتي لقراءة القرآن الكريم وربطه بالمقامات الموسيقية من ألحان العرب والعجم. وحيث ضبطت أحكام التجويد سقف التصويت بالقرآن الكريم فمنعت غالباً من التطابق بين المقام الموسيقي والمقروء من الآيات حفظاً لأحكام التجويد، فإن التصويت في الإنشاد الديني والمدائح النبوية تحرر للقيام بوظيفة التأثير في مجالس السماع، كذلك تحرر الإنشاد الديني من حرمة استعمال الآلات الموسيقية التي مُنعت من مصاحبة التلاوة القرآنية.
وقد استخدمت الموسيقى والأناشيد تاريخياً في إثارة وتحفيز الجند والمقاتلين فُوجدت الموسيقى العسكرية وفرقها سواء في الجيوش أو فرق المقاومة الشعبية.
وقد استفادت الحركة الإسلامية عموماً والثورة الإسلامية في إيران خصوصاً من الإنشاد الثوري وغيره، فقدمت نماذج جيدة ومقبولة من النواحي الشرعية والفنية، وشهدنا في دول العالم العربي والإسلامي العديد من الفرق التي قدمت نماذج راقية من الإنشاد، لكننا مع الأسف شهدنا أيضاً انزلاقاً نحو مخالفة الشرع ومخالفة الذوق العام أحياناً، بل ومتابعة الثقافة الموسيقية الغربية الاستكبارية أحياناً.
وأختم هذه النقطة بالتوجه إلى القيمين على هذه الأنشطة من شعراء وكتاب وملحنين أن يراعوا فيها الأغراض والأحكام الشرعية، إذ لا يُطاع الله من حيث يُعصى.
النقطة الثانية: عن الإمام علي عليه السلام. ترك لنا عليه السلام نهجاً في طريق الإسلام جمع بعضه الشريف الرضي في كتابه نهج البلاغة، والمطلوب ممن لهج وأولع بحب الإمام علي عليه السلام أن ينهج نهجه، وإن العناية بقراءة كتاب نهج البلاغة تساعدنا في ذلك كثيراً.
قلت في بحث عن أثر الإمام علي عليه السلام في التصوف العملي، إن التصوف العملي زهد وفقر وورع وعبادة وعمل وتوبة، وإن الفتوة شجاعة وسخاء وحياء، وللإمام في هذه النصيب الأوفى، بل هو المقدم فيها عن غيره دون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما وصفه هو بذلك في نهج البلاغة حيث قال عليه السلام:” كان لي فيما مضى أخ في الله وكان يعظمه في عيني صغر الدنيا في عينه، وكان خارجاً من سلطان بطنه فلا يشتهي ما لا يجد، ولا يُكثر إذا وجد”.
وقد دعا الإمام إلى متابعة سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله بقوله: “فتأسى بنبيك الأطيب الأطهر صلى الله عليه وآله فإن فيه أسوة لمن تأسى وعزاء لمن تعزى قضم الدنيا قضماً ولم يعرها طرفاً، أَهْضَمُ أهلِ الدنيا كشحاً، وأَخمصُهم من الدنيا بطناً”. الى آخر ما وصفه به سلام الله عليه.
فمن أحب الإمام علي عليه السلام وتولاه حقاً، ظهر ذلك في سلوكه وحياته اليومية وموافقتها لدين الله والتأسي برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
النقطة الثالثة: أختم بالانعطاف الى صدر الآية حيث قال سبحانه وتعالى: ﴿الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ﴾ ثم امتن علينا بإكمال الدين وإتمام النعمة وبالإسلام ديناً، وها نحن نعيش أثر يأس الكفار من قدرتهم على تغيير ديننا، فقرروا الحروب العسكرية علينا.
أيها الأخوة، إن أبرز معالم تمسكنا بالإسلام ديناً هو ما تمارسه قوى المقاومة الإسلامية في غزة وفي دول محور المقاومة المساندة لها، إن الوقوف في وجه الغاصب الإسرائيلي وجهاده ومقاومته هي اليوم من أبرز عناوين الولاء للإسلام والقرآن، ومن أبرز عناوين البراءة من أعدائه، وهي عنوان الولاية الحقة للإمام علي عليه السلام. إن التصدي للعدوان الإسرائيلي الغربي من اليمن والعراق وسوريا ولبنان، وعملية الوعد الصادق خصوصاً من الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي من مظاهر الولاء الحق للحق.
إن دماء شهدائنا وجرحانا وصبر عوائلهم الشريفة هي من القربات العظيمة عند الله. وإن الوحدة الإسلامية تُعطي للأمة موقعها الذي تستحقه بين الأمم، وأن هذه كلها مواضيع تستحق من أهل الفن والأدب الملتزمين عناية خاصة وتظهيراً بديعاً يحفظها ويحفظ تأثيرها.
وفقنا الله وإياكم لكل خير ونصرنا على أعدائنا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
