ماهيّة ردّ المقاومة وتداعياتها على مسار التفاوض
بقلم: زينب عدنان زراقط
مفاوضاتٌ برعاية أمريكية قطرية مصرية جولات تلو الأخرى لكنها مضيعةٌ للوقت إذ أن الطرف الصهيوني المتمثّل بنتنياهو والأمريكي يماطلان لكسب الوقت والرهان على الميدان. وقلقٌ وتأهّب غير مسبوق داخل الكيان الإسرائيلي في شأن ردّ المقاومة – من كُلّ حدبٍ وصوب – مع إصرارها على أنّ التأخير “هو سياق عملي تحضيراً لضربة موجعة”!.
بينما “حزب الله” يصعّد بنوعية هجماته ويُعمّق بمدى ضرباته حتى غدت الحدود اللبنانية – الفلسطينية لا توغّل عسكري إسرائيلي فيها، الرادارات مُخرّبة وكاميراتُ المُراقبةِ مُعطّلة والثكناتُ مُدمّرة، وكأنّ الحدودَ تتحضّر “لشيٍ ما”… و- الجليلُ من إشارة يفهم -!.
فما هي أنواع الردود المحتملة من قبل المقاومة اللبنانية “حزب الله” وما هي تداعيات هذه المرحلة على مجريات أو استمرارية المفاوضات؟.
تتزايد التوترات بين إيران وإسرائيل بشكل ملحوظ، ويُعتبر حزب الله أحد اللاعبين الرئيسيين في هذا الصراع. العلاقة بين إيران وحزب الله تشكل محوراً هاماً في الصراع الإقليمي، ولهذا فإن ردود الفعل المحتملة من إيران وحزب الله على تصعيدات إسرائيل يمكن أن تؤثر بشكل كبير على مسار التفاوض في المنطقة.
أنواع الردود المحتملة
1- الرد العسكري المباشر:
قد يختار حزب الله تصعيد النزاع من خلال شن هجمات صاروخية على الأراضي المحتلة في فلسطين، – مدعوماً بالدعم الإيراني -. هذا النوع من الرد قد يهدف إلى اختبار قوة “إسرائيل” ويكون بمثابة رسالة قوية حول قدراتهم العسكرية. ولربما تدخل المقاومة برّياً من منطقة “الجليل” و”الجولان” في خُطةٍ تعمد إلى استرجاعها!. وفي هذا الصدد، أفصحت وسائل إعلام إسرائيلية على أنّ “رئيس مجلس الجولان” أوري كيلنر يكشف أنه تم الاتفاق مع نتنياهو على تعريف الجولان والجليل في إطار “مستوطنات خط المواجهة”. يعبّر المستوطنون على أنّ الشمال حالياً يحترق، وتحوّل الجولان المحتل إلى كريات شمونة جديدة، عشرات المنازل دُمّرت ومائة ألف مستوطنٍ نزحوا وعلى أنّ من تبقّوا يختبئون في الملاجئ.
إضافة لما سبق، ثمةَ ورقة ضغط بيد “حزب الله”، تتمثل بكون ميناء “حيفا” – قُنبلةٌ موقوتة – لاحتوائه على 800 نوع من المواد الخطيرة، وسبق وهدّدت المقاومة بضرب حاويات الأمونيا التي بداخله. فيما توصلت بلدية حيفا إلى اتفاق مع شركة البنى الوطنية للطاقة ينص على تفكيك 9 خزانات تحتوي على مواد خطرة، بدءاً من يناير/ كانون الثاني المقبل، على أن يجري إخلاء خزانات أخرى في حال تمّ العثور على مواقع بديلة لها، بحسب موقع “كالكاليست” العبري. وأشار إلى أنه على الرغم من الاتفاق، فإن 8 خزانات ستبقى نشطة؛ حفاظاً على أعمال مجموعة “بازان” النفطية، وهي مجموعة كبرى لتكرير النفط والبتروكيماويات في خليج حيفا، تدير أكبر مصفاة للنفط في إسرائيل.
2- الرد العسكري غير المباشر:
يمكن أن يلجأ حزب الله إلى تنفيذ عمليات عبر وكلاء أو جماعات مسلحة أخرى في المنطقة، مثلما حدث في الماضي. هذا الرد يمكن أن يكون أقل وضوحاً ولكنه لا يقل تأثيراً. ولربما من إحدى أشكالها عودة العمليات الاستشهادية داخل “تل أبيب” على الرُغم من أنّها على أهبّة الاستعداد لأيّ حدث أمني مُرتقب وفي أعلى جهوزيتاها، وتمّ خرقها… فيما تزداد المخاوف الإسرائيلية، من تصعيد محتمل في الضفة الغربية المحتلة، بما قد يعقّد أهداف الحرب بالنسبة للاحتلال، وفقاً لتقارير عبرية، خصوصاً عقب تطور العمل المقاوم المسلح بعد السابع من أكتوبر، في الضفة. وقالت تقارير عبرية، إن “الشاباك” الإسرائيلي أعرب عن قلقه من توسع موجة العمل المقاوم المسلح لتتحول الضفة إلى جبهة مركزية على غرار انتفاضة، مما قد يتطلب تحويل الموارد من الجبهتين الجنوبية والشمالية.
3- الرد السياسي والدبلوماسي:
إيران قد تسعى لتعزيز موقفها من خلال الضغط السياسي على المجتمع الدولي وإثارة قضية الصراع مع العدو الصهيوني في المحافل الدولية، فيما بإمكان “حزب الله” أن يدعو إلى تشكيل تحالفات جديدة أو تعزيز التعاون مع دول إقليمية أخرى. كما جرى الحديث عن مفاوضات يكتنفها كتمانٌ متشدّد حول الإفراج عن أصولٍ بعشرات مليارات الدولارات المتجمّدةِ للجمهورية الإسلامية “إيران” في الولايات المتحدة الأمريكية.
4- الرد الاقتصادي والتهديدات:
قد تتجه إيران إلى استخدام قوتها الاقتصادية، مثل تعطيل خطوط الشحن أو التأثير على أسعار النفط، كرد غير مباشر على التصعيد. عداك عن التعطيل شِبه الكامل لميناء أشدود وتوقف حركة الملاحة ومصانع الشمال بكافة مجالاتها وحركة الطيران شبه معدومة في مطار “بن غوريون” – تل أبيب.
تداعيات هذه المرحلة على التفاوض
أ- تصعيد التوترات:
كلما زادت حدة التوترات، فإن ذلك قد يؤدي إلى تأجيل أو تعقيد مفاوضات السلام أو الاتفاقات المحتملة. التصعيد العسكري يمكن أن يزيد من عدم الثقة بين الأطراف ويجعل التوصل إلى حلول دبلوماسية أكثر صعوبة.
ب- تشكيل ضغط دولي:
تصعيد النزاع قد يجذب انتباه المجتمع الدولي، ما قد يؤدي إلى تدخلات وضغوط دولية إضافية. قد تضغط القوى الكبرى على الأطراف المعنية للجلوس إلى طاولة التفاوض من أجل تخفيف حدة الصراع.
ج- تعزيز موقف الأطراف:
من ناحية أخرى، قد يستخدم كل من إيران وحزب الله الردود العسكرية أو السياسية لتعزيز موقفهم في أي مفاوضات قادمة، ما قد يؤدي إلى رفع سقف المطالب أو تغييرات في الشروط التفاوضية.
د- التحولات الإقليمية:
قد يؤدي التصعيد إلى تغييرات في التحالفات الإقليمية، ما يؤثر على الديناميات السياسية ويجعل التفاوض أكثر تعقيداً. في ظل هذا الوضع، قد يكون من الصعب التوصل إلى توافق بين الأطراف المعنية.
في الختام، إن ردود إيران وحزب الله على إسرائيل تؤثر بشكل عميق على مسار التفاوض في المنطقة. التصعيد العسكري أو السياسي يمكن أن يعقّد التوصل إلى حلول دبلوماسية، بينما التوجهات الدولية والإقليمية تلعب دوراً حاسماً في تحديد نتائج الصراع وتوجهاته المستقبلية. فهل تنجح الإدارة الأمريكية بإيجاد حل دبلوماسي يوفّر مكاسب للمقاومة فتنتهزها كونها الطرق الأسلم لوقف التدهور في المنطقة؟.