إقليميات

عشرة أشهر من المفاوضات العبثية

بقلم توفيق المديني

وتبيَّنَ أنَّ هذه المفاوضات كانتْ بمنزلة حوارِ طُرْشَانْ، لا سيمَا حين وصلتْ إلى طريقٍ مسدودٍ بفعل رفضِ رئيس الحكومة الصهيونية الفاشية بنيامين نتنياهو وقف العدوان على غزَّة، وتصريحهِ بوضوحٍ برغبته في صفقةٍ جُزْئِيَةٍ يَسْتَعِيدُ بها أسرى صهاينة ويواصلُ إبادتهِ لسكانِ القطاعِ.  

ففي سيرورة هذه المفاوضات الشاقة، حدثتْ فيها هدنة أولى، أُفْرِجَ بموجبها عن مئات الأسرى الفلسطينيين مقابل عشرات أسرى الاحتلال الصهيوني، لكنَّ الاحتلال خَرَقَهَا وواصلَ عدوانه بصورةٍ وحشيةٍ على قطاع غزَّة. وفي كل مرَّة تقترب المفاوضات من وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب على قطاع غزَّة، يعيدها رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو إلى النقطة الأولى، مكرِّراً سلسلة من الاشتراطات ترفضها حركة “حماس”، ومضيفاً الكثير من العراقيل والعقبات التي تَحُولُ حتى الآن دُونَ التوصلِ إلى اتفاقٍ مع “حماس” يوقف الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهو ما يفسّر طول أمد المفاوضات وعدم تحقيقها أي تقدم حقيقي وملموس.

والمعرقل الرئيس لهذه المفاوضات هو رئيس الحكومة الصهيونية الفاشية بنيامين نتنياهو الذي يَفْتَعِلُ هذه العرقلة بقصد دفع إيران إلى الردِّ على اغتيال رئيس المكتب السياسي في حركة حماس إسماعيل هنية، وبما يعطيه الذريعة لتوسيع رقعة الحرب لتشمل إقليم الشرق الأوسط، حيث ألتزمت الولايات المتحدة “بالدفاع عن إسرائيل” في حال نشوبها.

موقف حماس من المفاوضات

تتمسك حركة حماس وباقي فصائل المقاومة الفلسطينية باقتراح 2 يوليو2024، الذي يمثل حداً أدنى لمطالب الشعب الفلسطيني. ففي 2 يوليو الماضي، سلّمت حركة حماس الوسيطين القطري والمصري ردّها على مقترح وقف إطلاق النار وصفقة التبادل، الذي يستند في الأساس إلى موقفها من مقترح كانت سلّمته “إسرائيل” في 27 مايو/أيار2024 إلى الوسيطين والإدارة الأمريكية، وإلى خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن، وما عرف يومها بإطار بايدن في الـ 31 من الشهر ذاته.

وتعمل حركة حماس وقوى المقاومة بكل جهد لوقف حرب الإبادة الجماعية التي يشنها العدو الصهيوني وبدعم مطلق أمريكي ضد الشعب الفلسطيني في غزَّة، وهي ترفض قبول أي اتفاق دون اقتراح 2يوليو الماضي. وترى حماس أنَّ جيش الاحتلال الصهيوني  يعتقد أنَّ مزيداً من الضغط العسكري والجرائم وقتل المدنيين الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ ومدنيين في قطاع غزَّة يستطيع تركيع المقاومة لكنَّه واهمٌ.

لن تقبل حماس باستمرار المجازر اليومية التي يرتكبها جيش الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في غزَّة، وهي ترفع شعاراً دائماً أنَّه من دون الأمن والأمان للشعب الفلسطيني، لن يكون هناك أمن وأمان للمحتل الإسرائيلي”، وهي تدعو الوسطاء والمجتمع الدولي للضغط على الاحتلال ونتنياهو لتطبيق الاتفاق وإجباره على وقف الحرب العدوانية.

فمن ثوابت التفاوض لحركة حماس، والتي لا يمكن قبول أي اتفاق من دونها، وقف الحرب، وانسحاب جيش الاحتلال الصهيوني، وعودة النازحين المهجرين إلى أماكن سكناهم، والوصول إلى صفقة تبادل أسرى حقيقية تستطيع من خلالها الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، خصوصاً أصحاب المحكومات العالية، وإعادة إعمار قطاع غزة وإغاثة الشعب الفلسطيني.

حركة حماس مستمرةٌ في نهج المقاومة ما دام العدو الصهيوني لا يعترف بحقوق الشعب الفلسطيني، ولن ترفع الراية البيضاء، والشعب الفلسطيني لم يسبق له أنْ رفع الراية البيضاء أو الاستسلام. كما تدعو حماس الوسطاء في مصر وقطر للضغط على الكيان الصهيوني من أجل الالتزام بما اتفق عليه مسبقاً، والضغط على المجتمع الدولي من أجل إنهاء هذه الحرب وإلزام الاحتلال الصهيوني  بالاتفاق.

إذا كانت حركة حماس تتمتع بمرونة معينة في المفاوضات الجارية، فلا يعني هذا أنَّها تقبل القبول بأي شيء. وتنتقد حماس موقف الولايات المتحدة الذي يتسم، بالازدواجية في الأدوار: هي شريك وطرف في الحرب ضد المقاومة والفلسطينيين، وهي وسيط في الوقت نفسه، ويجب عليها أن تقرر وقف هذا العدوان من أجل إفساح المجال للمفاوضات.

من الواضح أنَّ حركة حماس، غير مستعدةٍ لمفاوضاتٍ جديدةٍ بناء على مبادرة بايدن، والورقة الأخيرة التي قدمها الاحتلال الصهيوني، إِذْ أعلنتْ حركة حماس، أنَّها لن تشارك في مفاوضاتٍ جديدةِ، وتطالب بخطةٍ تنفيذيةٍ لما تمَّ عرضه، ووافقت عليه في 2 تموز/يوليو الماضي من قرار مجلس الأمن ومبادرة بايدن، وضرورة قيام الوسطاء بإلزام الاحتلال بذلك.

وعُقِدَتْ جلسة مفاوضاتٍ في الدوحة قبل أيام، لم تشارك فيها حركة حماس، وأرسل نتنياهو كافة رؤساء أجهزته الاستخبارية الموساد والشاباك وممثل الجيش في المفاوضات. وتقدمت الولايات المتحدة في المقابل، بما أسمته مقترحاً لِجَسْرِ الفجوات، كشفت حركة حماس، أنَّه يتناقضُ مع ما اقترحه الأمريكان في مبادرة بايدن وقرار مجلس الأمن، ويتماهى مع الاحتلال الصهيوني. ومن جملة ما ظهر في المقترح الأمريكي، أنَّه لا يدعو لنهاية العدوان على غزَّة، ولا يناقش مسألة محوري نيتساريم وفيلادلفيا ويخضع قضية إعمار غزَّة للتفاوض، ولا يربط بين مراحل تطبيق الاتفاق.

قال القيادي في حركة حماس أسامة حمدان، إنَّ “الحركة وافقت على الاقتراح الذي قدمه بايدن، إلا أنَّ الإدارة الأمريكية فشلت في إقناع نتنياهو به، حيث تراجع الإسرائيليون عن قضايا تضمنتها ورقة بايدن”. وأضاف حمدان في مقابلة تلفزيونية، أنَّ “حديثَ نتنياهو عن الموافقة على مقترح محدث يعني أنَّ الإدارة الأمريكية فشلت في إقناعه بالاتفاق”. وأوضح أنَّ “كل ما يفعله الجانب الأمريكي هو مجرد شراء وقت من أجل استمرار الإبادة الجماعية. نحن لا نريد سوى تطبيق مقترح الرئيس بايدن الذي وافقنا عليه”.

نتنياهو يرفض إنهاء حرب الإبادة الجماعية في غزَّة

يواصل رئيس حكومة الصهيونية الفاشية نتنياهو التعنت بشأن مطالبه في المفاوضات، وخصوصاً مسألة الانسحاب، وقال إنَّ جيش الاحتلال لن ينسحب من محور فيلادلفيا ومحور نيتساريم، على الرغم من ممارسة ضغوط كبيرة علينا. وأضاف نتنياهو أنَّه “نقل موقفه بهذا الشأن إلى وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أثناء اجتماعهما الأخير”.

ماذا يريد نتنياهو من استمرار حرب الإبادة الجماعية على غزَّة؟ تستهدف الحملة العسكرية التي ينفذها جيش الاحتلال الصهيوني على غزّة منذ بدء عملية طوفان الأقصى في 7أكتوبر 2023، تصفية المقاومة الفلسطينية، وتفكيك النظام الاجتماعي وتدميره، وليس تدمير حركة حماس (الهدف المعلن) فقط، ومن ثمّ كان مقصوداً تدمير معالم الحياة الاجتماعية كلّها عبر تهجير وقتل أكبر عدد ممكن من السكّان، حتّى يمكن إيقاف عجلة النظام الاجتماعي، وجعل الحياة اليومية أمراً صعباً.

ويَرْصُدُ البنك الدولي في أحدث إصدارٍ له (إبريل/ نيسان 2024) كيف أنّ مؤسّسات المجتمع والخدمات في غزّة قد تعطلتْ، علاوة على توقف النشاط الاقتصادي وانخفاض الناتج المحلي لقطاع غزّة بما يتجاوز 86%؛ حيث يشهد المجتمع الفلسطيني صدمةً اقتصاديةً غير مسبوقة في تاريخه الحديث، وفقاً لما ورد في التقرير، والذي ذكر أنّ “الدمار في الأصول والممتلكات الثابتة، وكذا التدمير الشامل لجميع جوانب الحياة في غزّة، كان كارثياً، فتشير التقديرات إلى أنّ منازل أكثر من مليون شخص قد دُمرت أو تضرّرت بشدّة، وأفادت مجموعة الإيواء التابعة للأمم المتحدة عن وجود 1.7 مليون شخص جرى تشريدهم في غزّة، أيّ نحو 75% من السكّان، وتعرّضت البنية التحتية لأضرار شديدة، إذ تشير البيانات المنقولة عن شركة إبسوس للدراسات التحليلية إلى أنّ أكثر من نصف الطرق في غزّة تعرّضت للضرر الشديد أو دُمّرت بالكامل”. يضاف إلى ذلك تعطّل قطاعَي الصحّة والتعليم، فتوقّف 80% من المنشآت الصحّية نتيجة تعرّضها لدمار وقصف وحصار واستباحة لمرافقها ومرضاها، وكذلك توقّف قطاع التعليم الذي كان يضمّ 625 ألف طالب قبل العدوان الإسرائيلي؛ وبما لذلك من آثار تربوية وثقافية تزيد من تأخّر جيل كامل، بل وبما ينذر بمشكلات كبيرة في التنشئة الاجتماعية، وبروز صور واسعة من العنف، والانحراف، والاغتراب، علاوة على زيادة حجم تكلفة التضامن الجمعي والعشائري، نظراً لزيادة مُعدّلات الأطفال المعاقين والأيتام؛ سواء من فقدوا أحد والديهم أو من فقدوا الوالدين معاً، وهذا ما أكّده المفوّض العام لوكالة أونروا، الذي صرّح بأنّ “عشرة أطفال يفقد كلّ منهم ساقاً أو ساقين يومياً في غزّة في المتوسط، بالإضافة إلى وجود 17 ألف طفل آخر غير مصحوبين بذويهم”، فالأمر يصل إلى تشويه وتدمير جيل كامل سيظل فترة طويلة من الزمن في حالة غضب وألم ومعاناة اجتماعية ونفسية وعصبية، علاوة على الفقر واحتياجهم إلى من يعولهم، حيث سجّل مُعدّل الإعالة 72% قبل العدوان على غزّة، ومن المتوقّع أن يصل إلى مستويات قياسية، خاصّة مع توقّف الإنتاج وتدمير أغلب المنشآت الصناعية والخدمات العامة، وأدوات وخامات الإنتاج، وغياب “أونروا”، مع توقّعات بانخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلّي الإجمالي، الذي سجّل انخفاضاً ملحوظاً قبل العدوان ليصل إلى 3367.6 دولاراً قبل العدوان، فيما يتوقّع أن ينخفض إلى ما يناهز 36%، وذلك في الوقت الذي يبلغ فيه نصيب المواطن الإسرائيلي 52261.7 دولاراً (مقال للكاتب محمود صلاح، بعنوان: العدوان الإسرائيلي وتدمير النظام الاجتماعي في غزّة، صحيفة العربي الجديد ، تاريخ 19 اغسطس 2024).

في مقال لرئيس وحدة سابق في جهاز الموساد الصهيوني أودي ليفي، تشر في صحيفة “إسرائيل اليوم” بتاريخ 21 أغسطس2024، كتب يقول: “يبدو أنَّ حماس وإسرائيل ليستا ناضجتين للوصول إلى اتفاقٍ إذْ إِنَّ لهما مصلحة مشتركة – البقاء، الذي يستوجب من ناحية الطرفين “نصرا مطلقا”. بالنسبة للسنوار المعنى هو وقف الحرب وإعمار غزة. من ناحية نتنياهو – بقاء حكمه. المقترح المطروح على الطاولة ليس مُرْضِياً لأي من الطرفين”. لكن هل يحتمل أن يكون الطرفان يحللان على نحو غير صحيح “صورة النصر”؟ من ناحية “إسرائيل” هي تركز على إبقاء قوات الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا، آلية رقابة على عبور السكان الى شمال القطاع وإمكانية مواصلة القتال. من ناحية “إسرائيل”، إنجازاتها حتى الان في القطاع مبهرة، ومطالبها ستضمن تحقيق “النصر المطلق”. من ناحية حماس، فإِنَّ قدراتها العسكرية والسلطوية في غزَّة تضرَّرتْ بشدَّةٍ. بالمقابل، فإِنَّ قدراتها في الضفة لا تزال قائمة، ومحور تهريب السلاح والمال من الأردن الذي يُزَوِّدُ المعركة بالوقود يواصل العمل بلا عراقيل تقريباً. لقد نجحتْ المنظمة في أن تبني جبهة جديدة من منطقة لبنان تضم الاف المقاتلين وتعتمد على حزب الله وعلى إيران. وأساساً، نجحتْ حماس في السنة الماضية في تثبيت قوة غير مسبوقة في ارجاء العالم – بنية تحتية فاعلة في كل أرجاء العالم، وهي ظهرها الاقتصادي، اللوجستي والسياسي. بمساعدة قطر والإخوان المسلمين، تعزَّزتْ هذه المنظومة جدّاً وأصبحت درعاً استراتيجياً يجند مئات ملايين الدولارات، يساعد لوجستياً (بما في ذلك بناء الانفاق في غزة) يعنى بالحرب على الوعي، يشغل لوبي إسلامي في العالم، يجند طلاب – وعملياً جعل حماس اسماً مرادفاً لقيادة الشعب الفلسطيني. كنتيجة لذلك، فإن حماس يعترف بها كحركة عالمية وتحظى بدعم قوى عظمى كروسيا.

النفاق الأمريكي- الغربي من إنهاء الحرب

من أكثر الدول الغربية دعماً للكيان الصهيوني بالمال والسلاح في حربه العدوانية والوحشية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، تقف الولايات المتحدة في طليعة الدول الغربية، نظراً للعلاقة العضوية والاستراتيجية التي تربطها بهذا الكيان، رغم حديث الولايات المتحدة الكاذب عن الوساطة في المفاوضات، وإنهاء الحرب في غزة، فإِنَّها عملياً هي التي تقود ماكينة حرب الإبادة الجماعية في غزَّة، عبر الاستمرار في إغراق “إسرائيل” بالمزيد من الأسلحة. وهذا هو النفاق الأمريكي بعينه، وينطبق نفس النفاق على دول أخرى، معظمها غربية، والتي تتظاهر بوقاحة بأنَّها مدافعةٌ عن حقوق الإنسان والقانون الدولي، دون مساءلة أخلاقية أو قانونية. لا يموت الفلسطينيون في غزَّة بسبب فيروس لا يمكن تعقبه أو كارثة طبيعية، بل يموتون في حربٍ بلا رحمةٍ لا يمكن استمرارها إلاَّ من خلالِ شُحْنَاتٍ ضخمةٍ من الأسلحة، والتي تستمر في التدفق إلى “إسرائيل” من قبل الولايات المتحدة وعدَّة دولٍ غربيةٍ أخرى، هي ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا.

وتظل الولايات المتحدة الْمُوَّرِدَ الرئيسي للأسلحة إلى “إسرائيل”. وفي عام 2016، وقع البلدان مذكرة تفاهم أخرى من شأنها أن تسمح ل”إسرائيل” بتلقي 38 مليار دولار من المساعدات العسكرية الأمريكية، وهذه هي مذكرة التفاهم الثالثة التي يتم توقيعها بين البلدين، وكان من المقرر أن تغطي الفترة ما بين 2018 إلى 2028.

ومع ذلك، دفع العدوان الصهيوني على غزَّة، صناع القرار في الولايات المتحدة إلى تجاوز التزامهم الأصلي، من خلال تخصيص 26 مليار دولار أخرى (17 مليار دولار من المساعدات العسكرية)، مع العلم جيدّاً أنَّ غالبية ضحايا غزة، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة، هم من المدنيين، ومعظمهم من النساء والأطفال.

ووفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، فإن أكبر عشرة مصدرين للأسلحة الرئيسية في العالم بين عامي 2019 و2023 تشمل ست دول غربية. وتمتلك الولايات المتحدة وحدها حصة تبلغ 42% من صادرات الأسلحة العالمية، تليها فرنسا بنسبة 11%. ويبلغ إجمالي صادرات الأسلحة من الدول الغربية الست الكبرى ما يقرب من 70 في المائة من الحصة العالمية.

خاتمة.. نحو بلورة مشروع إقليمي جديد للمقاومة

لقد أثبتتْ حرب غزَّة، من جملة ما أثبتته من حقائق واقعية، حقيقتين أساسيتين: أولاهما أنَّ وحدة الجبهات المساندة هي المسألة المركزية في مشروع محور المقاومة الإقليمي الجديد، وهي شرط ضروري لتحرير الأرض وإِنْ لم يكن كافياً، ما لم تدخل إيران وسوريا في الحرب كرافعةٍ إقليميةٍ. وثانيهما تلازم جبهات في جنوب فلسطين بقيادة حماس، وفي شمال فلسطين بقيادة حزب الله، مع تلازم جبهات الإسناد الأخرى من قبل الحوثيين في اليمن، وفصائل المقاومة العراقية، وفصائل المقاومة في سوريا، من أجل العودة إلى حرب التحرير الشعبية ضد الإمبريالية الأمريكية و”إسرائيل”.

وحتى  لو كان صعود حركة حماس بالمعنى التاريخي  متواصلاً كجزء من محور المقاومة في إقليم الشرق الأوسط، فإنَّه من الصعب جدّاً في ظل وجود السلطة الفلسطينية المنبثقة من اتفاق أوسلو الذي كاد يودي بالقضية الفلسطينية إلى التصفية، استبداداً، و فساداً، وتنازلات(أمام “إسرائيل” وأمريكا وليس أمام الشعب الفلسطيني)، أن تستمر حماس في المقاومة من دون تفجير الانتفاضة الثالثة في الضفة الغربية ضد العدو الصهيوني، من خلال اللجوء إلى العمليات الاستشهادية  بوصفها واحدة من الوسائل القتالية، التي لجأت إليها المقاومة الفلسطينية، لتكبيدِ الاحتلالِ الصهيوني خسائر كبيرة، في ظل المجازر الوحشية التي يرتكبها، وعدم امتلاك الأسلحة الكافية، في المواجهة، خصوصاً في المناطق الموجعة للاحتلال، في المدن الكبرى بالأراضي المحتلة عام 1948.

مع اندلاع انتفاضة الأقصى، وتصاعد المقاومة ضد الاحتلال، والعمليات المسلحة، ووفقاً للإحصائياتِ، فقد بلغ مجموع العمليات الاستشهادية في السنوات الأربع الأولى من انتفاضة الأقصى، 219 عملية، قُتِلَ فِيهَا 650 بين جنود ومستوطنين للاحتلال، وأصيب جراءها 3277 آخرون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *