الشيخ الدكتور حسان عبد الله.. مسيرة التجمع في وجه الفتنة والاحتلال
تأسّس “تجمّع العلماء المسلمين في لبنان” عام 1982 في طهران، حيث اجتمع رجال الدين آنذاك بهدف مواجهة العدو الصهيوني والتصدي للفتن المذهبية. بدأ الشيخ حسان عبد الله مسيرته الأكاديمية بدراسة الهندسة المدنية في الجامعة العربية، إلا أنه، في عام تخرجه، قرر التوجه إلى الدراسات الدينية الحوزوية، وهو القرار الذي لاقى معارضة من عائلته في بداية مشواره.
في حديثه لمجلة All Seasons عن التجمع، أشار سماحة الشيخ الدكتور حسان عبد الله إلى أن “أي عدو يريد أن ينتصر على شعب ما، يعمل أولاً على تفريقه”، مضيفاً أن “لبنان، للأسف، أرض خصبة للتفرقة المذهبية”. وأوضح أن الطائفتين الأكبر في لبنان، السنة والشيعة، هما الأقدر على مواجهة العدو الصهيوني، فإذا توحدتا اشتدت المواجهة، وإذا اختلفتا سهلت المهمة على العدو.
وأردف: “بدأنا العمل بعدد لا يتجاوز أصابع اليد، وبدأنا نشاطنا قبل أن نحصل على العلم والخبر بخصوص عدم تمثيل طائفتي الدروز والعلويين في التجمع. مع ذلك، تربطنا علاقات متينة برجال الدين في هاتين الطائفتين الكريمتين، وهم يقومون بالكثير من النشاطات”.
وأشار إلى إطلاق “اللقاء التشاوري للمرجعيات الدينية الإسلامية والمسيحية”، الذي يضم كافة الطوائف اللبنانية، مؤكداً أن “الوحدة الإسلامية تشكل مقدمة للوحدة الوطنية”. وأضاف: “لسنا منغلقين في البيئة الإسلامية، ونعمل جاهدين لعدم عزل أو إقصاء أي طائفة. نعي تماماً أن لبنان لا يُبنى إلا بجناحيه: المسلم والمسيحي. واليوم، هناك من يسعى لعزل الطائفة الشيعية عن الوطن، لكن هذا المسار لا يبني وطناً. فالوطن يُبنى بالتنافس نحو المصلحة الوطنية ووحدة أبنائه”.
قال سماحته: “أول عمل قمنا به كان الوقوف في وجه الاتفاق الذي وقعته الدولة اللبنانية مع العدو الإسرائيلي في 17 أيار، والذي أقره المجلس النيابي. تصدينا لهذا الاتفاق واعتصمنا، فسقط الشهيد محمد نجدي وعدد من الجرحى، لكن في النهاية سقط الاتفاق نفسه”. وأضاف: “طوال قرابة نصف قرن من مواجهة الفتنة المذهبية، تصدّينا لحرب العلمين بين حركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي، وكنا وما زلنا ندعو إلى حلّ الخلافات بعيداً عن الاقتتال، لأن أحداً لا يستطيع إلغاء أحد”.
وأكد أن السياسيين يستغلون المذهبية لشدّ العصب السياسي، مشيراً إلى أن “الخلافات في جوهرها سياسية واقتصادية، وتُغلّف أحياناً بغلاف مذهبي”. وبيّن أن التجمع قام بعدة تحركات لحل النزاعات في المخيمات الفلسطينية، ودعم المحاصرين، كما تدخّل لوقف الصراع بين حزب الله وحركة أمل في الإقليم.
وقال: “طوال فترة عملنا، كنا نركز على الوحدة، ونسعى لمخاطبة العقل لا الغريزة، من خلال خطاباتنا وبياناتنا الأسبوعية التي تهدف إلى تعزيز الوعي والحصانة الفكرية. فإذا استطعنا تحصين المواطن، نحمي لبنان من الفتنة والصراعات”. وأشار إلى أن عدد المنتسبين إلى التجمع يبلغ 350 عالم دين من السنة والشيعة. وأكد قائلاً: نحن نرفض التعصب الذي هو أن نرى شرار قومنا أفضل من خيار قوم آخرين، لذلك فهوغو تشفيز وخليفته مادورو أقرب إليّ من المسلم الشيعي الموالي لأميركا.
قال الشيخ حسان عبد الله: “للأسف، هناك من يدّعي أن المقاومة قد هُزمت، لكن الواقع يقول إنها تلقت ضربة قوية ولم تُهزم. فالهزيمة تعني انهيار الحاضنة الشعبية والسياسية للمقاومة، ووصول العدو الإسرائيلي إلى بيروت. ويوم تشييع الشهيد الأقدس كان دليلاً على أن بيئة المقاومة لا تزال أقوى مما كانت عليه”. وأكد قائلاً: “نحن نحيي ونقبّل أقدام الشهداء والجرحى الذين قدموا أرواحهم لردع العدو الغاشم ومنعه من التقدم. فالمقاومة انتصرت لأنها منعت العدو من تحقيق أهدافه”.
وأوضح أن قبول المقاومة بوقف إطلاق النار جاء نتيجة عدم قدرة العدو على التقدم برياً بسبب تصدي المقاومة له، مشيراً إلى أن الموافقة على القرار 1701 كانت لحماية بيئة المقاومة من خسائر إضافية
وختم الشيخ حسان عبد الله حديثه بالقول: “نحن مستعدون للحوار مع أي فريق سياسي لبناني لبحث سبل الاستفادة من سلاح المقاومة، وليس لسحبه. نؤمن بأن لبنان بدون سلاح المقاومة لا يمكن أن يتمتع بالعزة أو الكرامة أو السيادة. فسلاح المقاومة هو إمداد من الله عز وجل”.
