إقليميات

رصيف أمريكي لنجدة “غزة” أمّ نهب غازها؟!

بقلم: زينب عدنان زراقط

خُطةٌ أمريكية رحّبت بها إسرائيل: نعتها الرأي العام بالمكر “الخبيث”، فهل هي حقّاً لسدّ رمق الجائعين في “غزّة” – القابعين تحت الأمر الأمريكي بالحصار والحربِ أصلاً! – أم هي خطةٌ أمريكية من أجل استغلال ثروات “غزّة”؟ فما الكنز الدفين الذي يلهثُ وراءه الأمريكي في “مياه غزة” وقد نفذَ صبره لأجل ابتلاعه؟، وما هي باقي أهدافه الكامنةِ وراء هذا المشروع الماكر!؟.

جاء إعلان خطة “ميناء غزة” في خطاب “حالة الاتحاد” للرئيس الأمريكي، حيثُ وجّه فيه الجيش – في مهمّةٍ طارئةٍ – لإنشاء ميناءٍ موقت على ساحل قطاع غزة لاستقبال المساعدات الإنسانية إلى سكان القطاع المتضورين جوعاً بسبب الحرب والحصار الإسرائيلي – في خطوةٍ هي بقمّة السفاهة في حين أن أمريكا هي صاحبة قرار إعلان الحرب ووقفها ومُموّلتها! -، في وقتٍ يُعتبر فيه أنّ “إسرائيل لها الحق في محاربة حماس”، وعلى أنّها هي من “تتحمل أيضاً مسؤولية حماية المدنيين في غزة”! وفي مُنقلبٍ آخر، رحبت الأمم المتحدة بكل طريقة لإيصال المعونة للمدنيين…! بينما المقرر الأممي الخاص المعني بالحق في الغذاء “مايكل فخري” – كان صريحاً لدرجة الطّعنِ بهذا الاستهزاء -، وذهب إلى حد وصف مقترح بايدن بأنه “خبيث”، لافتاً إلى أن واشنطن تقدّم في نفس الوقت القنابل والذخائر والدعم المالي لتل أبيب.

يطرح هذا المعطى العديد من التساؤلات، ففي ظل وجود 7 معابر برية لقطاع غزة، أليسَ من المجدي كان لـ “بايدن” أن يقوم بإرسال المساعدات الى القطاع بتكلفة متدنية وبسرعة قصوى، – لكن للشيطان مطامعَ كامنة وراءه.. -، فما تفاصيل إقرار مشروع “ميناء غزة” الأمريكي؟! ولتكون الذاكرة حاضرة، لنُمعِنَ بتصرفات الأمريكي الذي منع المساعدات الأونروا لـ “أهل غزة” وأوقف عملها وحجبها من دون أسباب واضحة. وفي التحليل يتبين مشروعه بالسيطرة الذاتية على هذه المساعدات والتحكم بها، والعمل على توزيعها بعنوان الميناء وغيره. واللافت أنّه ومنذ عدة شهور، تقوم الطائرات الأمريكية “الأواكس” بمسح جغرافي لمنطقة الميناء. فهل جاءت هذه الأعمال بمحضِ الصُدفةِ؟!.

الكنز المفقود في مياه “غزّه”

فيما قد تمّ البدء بتشييد الميناء وتهيئته، نقلت وسائل إعلام أمريكية عن متحدث باسم “البنتاغون” أن أعمال البناء قد تستغرق شهراً واحداً على الأقل أو اثنين حتى يدخل حيز التشغيل الكامل، وأن الميناء سيحتاج على الأرجح ألف جندي لإنشائه. فيما تولّت المشروع إحدى الشركات الرائدة هي شركة Fogbow، المملوكة لضباط سابقين في المخابرات الأمريكية. ومديرها هو “سام موندي”، وهو جنرال سابق في مشاة البحرية قاد القوات في الشرق الأوسط، ونائبه هو “ميك مولروي”، وهو ضابط سابق في وكالة المخابرات المركزية ومستشار لوزير الدفاع، وتموّل من قبل دول العربية مثل الإمارات العربية المتحدة وكذلك في الدول الأوروبية.

أمّا عن حقيقة أهداف “ميناء غزّة” حسب التحليلات اللوجستية والتبيان المنطقي للواقع يتبيّن أنه خطة تطمع إلى:

1- بناء ضمن مخطط غربي سابق وبدراسات بيّنت أن لقطاع غزة حقولاً ضخمة من الغاز وهذا البناء هو الموطئ الأول للقدم الأمريكية التي ستكبر مع الوقت وتصبح عملاقاً لقاعدة أمريكية يمكنها أن تعطي الإسرائيلي غطاءً رسمياً وقوياً لأعمال الحفر والتنقيب البحري، – وبالتالي القضاء على التجارة ما بين غزة وسيناء التي كانت تعتمد على إدخال حوالي 500 شاحنة يومياً إلى القطاع، وبالتالي التمهيد لانهيارها اقتصادياً وتهجير الفلسطينيين إليها -!.

2- دعم حملة بايدن للانتخابات من خلال إعطاء صورة عمل وجهد للجيش الأمريكي على أنه يقوم بالأعمال الشاقةِ لإيصال مساعدات للقطاع!.

3- تضليل القوات اليمنية في البحر الأحمر بسفن المساعدات ما يعطي الأمريكي حرية أكبر في الحركة ويُحرج اليمني في الاستهداف.

4- ضرب قناة السويس وتحويل التجارة البحرية مع ميناء غزة ليكون تحت سيطرة الأمريكي.

5- التحكم بطريق الحرير المقترحة – المشروع الصيني – مع البحر المتوسط فلا يمكن لتجارة عالمية أن تكون خارج سُلطة الأمريكي وقوته.

6- تشجيع هجرة الفلسطينيين طوعاً إلى أوروبا – حسب رأي الخبير الأردني في الشؤون العسكرية والاستراتيجية هشام خريسات -.

أمّا إسرائيلياً، وفي المناقشات السياسية لمجلس الوزراء، فقد أُعطوا لمحة عامة عن مبادرة بايدن لبناء الرصيف الذي يسمح بنقل المساعدات إلى غزة من البحر، والذي لاقى تِرحاباً من الأغلبية، في حين أنّه لم يطلب منهم التصويت على مشروع القرار، واقتصر الأمر على إبلاغهم بالتنفيذ. ولكن خلال النقاش، “صُدِمَ” وزير خارجية إسرائيل “كاتس” عندما ذكر مبادرته في العقد الماضي لإقامة ميناء منظم على جزيرة صناعية قبالة سواحل غزة. وقال “أولئك الذين لا يريدون ميناءً دولياً آمناً على بعد خمسة كيلومترات أمام غزة سيحصلون على ميناء في غزة”. هذا القلق يعبر عنه عيران عتصيون، النائب السابق لرئيس الجمعية الوطنية، الذي يقول إنه إذا تم بناء مثل هذا الرصيف، فإنه سيكون في الواقع أول معبر في غزة لن يكون تحت السيطرة الإسرائيلية أو المصرية، منذ عام 1948. وحذّر أيضاً من احتمال أن يفتح ميناء في غزة إمكانية دخول الأشخاص إلى القطاع أو مغادرته، وليس فقط البضائع. في حين أن آلية تسليم البضائع إلى الفلسطينيين غير واضحة ولا مُعلنة.

في الختام، تكتيكياً، يبقى هنالك استخدام آخر من الممكن أن تلجأ إليه أمريكا عبر هذا الرصيف، باعتباره موطئ قدم لقاعدة أمريكية مُساعدة للجيش الإسرائيلي ومُسانده له في حال نشوب حرب كبرى، في وقتٍ قد تتعطل فيه جميع موانئ ومطارات العدو على يدِ ضربات محور المقاومة، فهل تلعب هذه القاعدة دوراً حينها بتثبيت الدولة الصهيونية وأن تلعبَ دوراً بديلاً لمطاراته تماماً كما كان مُخطّط له من خلال حاملة الطائرات التي أُرسِلت إلى البحر المتوسط “أيزنهاور” فهل  تفضح المقاومة “كذبة” هذا المشروع وتحول دون قيامة أساساً أم أن الأمور سوف تتأزم بعد إنشائه في ظل عرقلة استجرار “غاز” لُبنان ونفطه وتحتدم المواجهة العسكرية وتتوسّع أو تُجرّ الأمور إلى طاولة التفاوض والتّسوية؟!.