ثقافةُ الانتظارِ المَهدويّة بين المضمون القيمي الإسلامي ومفارقات الواقع المتحرك
بقلم: نبيل علي صالح / كاتب وباحث سوري
ما نقصده هنا من الثقافة المهدوية، جملة الأحاديث والخطابات والرؤى والأفكار والمعارف والتحليلات الفكرية التي صيغت بشأن القضية المهدوية المعروفة أنها امتداد رسالة الإسلام المحمدي الأصيل في حركة الزمن المستقبلي..
ولا نضيف جديداً عندما نقول ونشير إلى أن قضية المهدوية والإمام المهدي، حازت على موقعية بارزة في تاريخنا الإسلامي على مستوى الفكر والتراث وانشغالات العقل الإسلامي.. وهذه الموقعية التي احتلتها هذه القضية لا تقتصر على مذهب أو فئة إسلامية محددة، بل هي قضية إسلامية عامة اهتمت بها وبحثت فيها كل مذاهب الإسلام وتياراته وملله وجماعاته.. ومن يدقق في روايات ومنظومات تفكير تلك التيارات والجماعات يجد أن هناك حضوراً روائياً وحديثياً كبيراً وغنياً في مظانها وكتبها الأساسية.. وكل تلك الأحاديث والروايات تؤكد –وبسند مهم- على هذه القضية الدينية الحقيقية التي بشر بها الرسول الكريم(ص) في كثير من أحاديثه ومواقفه، مؤكداً فيها على قدوم ومجيئ رجل من نسله (أهل البيت) يكون به ختام الدنيا ونهاية حركة الإنسان فيها، ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً، بعدما تكون قد ملئت ظلماً وجوراً ..
طبعاً هذا الاتفاق بين مختلف المذاهب الإٍسلامية على وجود القضية المهدوية، تحول خلافاً في كثير من تفاصيلها وحيثياتها.. وهذا أمر فرعي قد لا يؤثر على بنية الفكرة القضية ونوعيتها وأصالتها كركن أساسي في منظومة التفكير العقيدي الإسلامي.. وعلى الرغم من جميع الإشكالات التاريخية والفكرية غير العلمية التي أثارها بعض المشكِّكين في وجود تلك الفكرة الحيوية، برزت عقيدة الإمام المهدي(عج) إلى الساحة الإسلامية بقوة، وأخذت دورها الهام، وموقعها الطبيعي الأصيل والخطير (بالمعنى الإيجابي للكلمة) في البنية الذاتية للوعي العقائدي الإسلامي، والوعي الإنساني المعاصر، الذي لا يزال يبحث عن حلول جذرية شاملة لأزمة الرعب والقلق النفسي والوجودي الذي تعايشه المجتمعات الإنسانية الحالية، وذلك بسبب أنّ تلك العقيدة -الإسلامية في طابعها الديني- عنوانٌ أصيل لطموح واعد وهادف اتجهت، ولا تزال تتجه، إليه البشرية بمختلف أديانها ومذاهبها، وصياغةٌ لإلهام فطري قابع في ضمير الإنسانية الحرة والكريمة في شعورها العميق وإحساسها القوي بضرورة ظهور منقذ للبشرية عندما تتعقّد الأمور، وتتعاظم التحديات، وتدلهم الخطوب والمحن، ويسيطر الظلم على حياة الناس والمجتمع. وما يهمنا ويفترض أن يهم كل المؤمنين بهذه القضية هو ضرورة وعيها وإدراك معاني ودلالات التعامل الإيجابي مع تمثّلاتها الواقعية في كل ما يتعلق بالقيم والسلوك الإنساني الإسلامي لناحية رفض الظلم والاستعباد ومواجهة الظالمين والعمل على بناء مواقع قوية لوجودنا الإسلامي الفاعل والمنتج في كل موقع وعصر… ولهذا نسأل:
كيف يتمُّ التعامل حالياً مع دلالات هذه القضية وأبعادها؟ وما هي الآفاق التي يمكن أن تنفتح أمامنا من خلال ذلك، بخاصة ونحن نعايش هذه اللحظات المصيرية التي يتفوق فيها الغرب على حضارات العالم، وينتشي بكونه حضارة (قاهرة وغالبة) بكلِّ ما فيها من منظومات تفكيرية وأنساق معرفية وثقافات (قشور) حضارية؟ هل استفدنا من هذه القضيَّة في البعد الثقافيّ والإعلاميّ المعاصر في خطِّ الدعوة الرسالية الإسلامية؟ وهل أعطينا ثقافة الانتظار، بأبعادها الرسالية المتنوِّعة، إحساس الواقع ونبض الحياة؟ وكيف يمكن أن نستثمر الطاقة الإحيائية الكامنة في عمق هذه القضية بالشكل الإيجابيّ المنتج والفاعل؟ ثم ما هي مسؤوليتنا، وما هو دورنا الفاعل – بوصفنا مسلمين- في خلال هذا الوقت الذي يتحرّك بسرعة في المدة التي تفصل بين غيبة الإمام المنتظر (عليه السلام) وظهوره؟ هل نتجمَّد أمام مفردات الواقع التي تحيط بوجودنا، وتحاول أن تربك خططنا وحساباتنا من خلال المشاكل والعراقيل التي يضعها (صانعوها) أمامنا، في موقع هنا وموقع آخر هناك.. لنقول ما يقوله أولئك الذين يتعاملون مع مفهوم الانتظار بالمعنى السلبي: يجب علينا أن نوقف الحركة ونتجمَّد أمام الحياة، ولا نقوم بأيِّ عمل أو نشاط فكريّ وجهاديّ يتّصل بمسألة الظلم والظالمين؟ أم هل نتعامل مع هذا المفهوم بطريقة حضارية منفتحة، بحيث نفهم الانتظار بوصفه أملاً حركياً مشرقاً وكبيراً في ضرورة انفتاح الحياة على معنى العدل بكافة صوره وأشكاله (خصوصاً العدل الذي يثير في النفس أحاسيس العزّة والكرامة، ويبعث على النهوض لمواجهة مواقع الظلم والانحراف كلها)؟..
إنها أسئلة إشكالية ومركزية تمثل، في عقيدتي، عناوينَ بارزة لفهم كيفيَّة الارتقاء بواقع الثقافة الإسلامية المقاوِمة، التي تمثِّل “ثقافة الانتظار الرسالية” أحد أعمدتها وأركانها في عصرنا الراهن.. هذه الثقافة التي يجب أن نعمل على تعميمها وتعميقها في ذهنيَّة الأمّة، خاصة في أيامنا هذه، بوصفها ثقافة أصيلة يجاهد أبناؤها في سبيل تحقيق المجتمع الإنسانيّ العادل ويسعون للاحتفاظ بالذات الحضاريَّة الإسلاميَّة على مستوى تطوير حقيقتها الخاصة التي يمكن أن تجعلنا على وعي كامل بطبيعة أدوارنا ومواقعنا وأهدافنا.. لننطلق، بعد ذلك، نحو تحقيق التماثل والندِّية والتكافؤ في تعاملنا مع الآخرين.. في علاقات المجتمع.. في أنظمته السياسية وعلاقاته الاقتصادية والفكرية..!!. خصوصاً مع وجود الوعي الإلهي بالنصر الحاسم، قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنا في الزَّبور من بَعْدِ الذِّكر أنّ الأرضَ يرثُها عبادي الصَّالحون﴾(الأنبياء/105).
لقد أدرك الناس، من خلال هذا الطموح – طبعاً على الرغم من تنوع عقائدهم ووسائلهم إلى الغيب – أنّه لا بد للإنسانية من يوم موعود على الأرض، تتحقق فيه رسالات السماء بمغزاها الكبير، وهدفها النهائي، وتجد فيه المسيرة المكدودة للإنسان على مر التاريخ استقرارها وطمأنينتها بعد عناد طويل . بل لم يقتصر الشعور بهذا اليوم الغيبي، والمستقبل المنتظر، على المؤمنين دينياً بالغيب، بل امتد إلى غيرهم أيضاً، وانعكس حتى على أشد الإيديولوجيات والاتجاهات العقائدية رفضاً للغيب والغيبيات، كالمادية والجدلية، التي فسّرتْ التاريخ على أساس التناقضات، وآمنتْ بيوم موعود تسودُ فيه الشيوعية، ويتوقف الصراع والتناقض المرير بين الأضداد، ويسود فيه الوئام والسّلام. وهكذا نجد أنّ التجربة النفسية البشرية، المتراكمة ثقافياً وحضارياً واجتماعياً عبر العصور المختلفة، والحاوية على هذا الشعور في داخلها، من أوسع أنواع التجارب النفسية أغناها وأكثرها عموماً بين أفراد البشر.
نعم الكل يتأمل وينتظر أن يأتي اليوم الموعود الذي يتحقق فيه العدل، والمساواة، والوعي الكوني الحقيقي، والقيم الإنسانية العليا كلها، ويتحقق، بالتالي، المجتمع الموعود الرافض للظلم والجور والقهر والجبروت، والمؤمن بإمكانية قوة العدل في التجسُّد، بوصفها واقعاً حيّاً ملموساً في عمق التجربة التاريخية الحالية والمستقبلية للناس جميعاً، تواجه العالم الظالم لتزعزعَ ما فيه من أركان الظلم والطغيان، وتقيم بناءه من جديد على قيم الرسالات ومبادئها الإنسانية الإلهية.. وهذه المهمة الجسيمة تحتاج – في طريقة تجسيدها على أرض الواقع – إلى قيادة مطّلعة وعارفة ومعصومة في التزامها ووعيها، وفي جميع جوانب حركيتها وامتداداتها الداخلية والخارجية، لأنَّ مسؤولية تغيير العالم إلى الأفضل والأحسن صعبة وشاقة وليست سهلة التحقق والمنال.
تشكل الثقافة الإسلامية العنوان والوعاء الحضاري الأهم لشعوب هذه المنطقة.. وقد واجهت هذه الثقافة، في تاريخها الطويل، كثيراً من التحديات الخطيرة، وجابهت أمواج الغازين والمحتلين، واستطاعت أن تستوعبهم وتؤنسنهم وتؤثر فيهم وتعطيهم شيئاً من مفرداتها الأصيلة.. وفي هذه المرحلة الحساسة من حياتنا، تواجه هذه الثقافة نفسها، مخاطر لا تقل أهمية عن سابقاتها.. لعل من أبرزها هذه المواجهات مع الكيان الصهيوني الغاصب، في عدوانه الإجرامي على هوية هذه الأمة وتاريخها الجهادي الطويل.. وعدوانه على هويتها بالذات، أي نظرتها إلى الحياة والوجود والدنيا والآخرة.. إنه أفظع ألوان الاغتصاب في تاريخ الإنسان.. اغتصاب شعب وهوية أمة.. وهذا ما يرتكبه النظام الدولي الجديد بقيادة الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط..
أمام هذا التحدّي المفروض، وباعتبار أنّ ميدان المقاومة الميدانية للمشروع الاستسلامي نفسه هو ميدان الثقافة والقيم نفسها.. كيف تتحرك الثقافة المقاوِمة؟ وما هي معالمها وعناوينها؟
قلنا: إن الثقافة السائدة (ثقافة القشور والهزيمة) التي تقوم على تغريب الذات وتغييب الهوية، مدعومة من قبل السّلطات والنّخب السياسية الحاكمة التي لها -على ما يبدو-ـ مصالح سياسية واقتصادية واضحة داخل منظومة ثقافة السلام.. لذلك يجب أن يكون العنوان الأهم لممانعة الثقافة ومقاومتها هو أنْ نعمل على تعرية ثقافة السلطة وفضحها في المنطقة العربية والإسلامية، من حيث أنها ثقافة ضد القيم وضد الإنسان..
ومن المعروف أن عمر هذه الثقافة (ثقافة السلطة) ليسَ قصيراً، بل إنه، مع الأسف، يمتد إلى العصر العباسي. والمسار الانحداري للتاريخ الإسلامي يمكن ربطه، إلى حد كبير، بنمو ما يسمَّى بثقافة السلطة، يعني – بصورة أوضح – مصادرة الحريات بصورة مستمرة، وأبرز أشكال التعبير عن الحريات هو الثقافة، فباتت الثقافة سلاحاً، بدل أن يكون في يد الأمة في مواجهة السلطة، أصبح في يد السلطة في مواجهة الأمة وقمعها. بهذا المعنى نحن الآن أمام فكرة مواجهة تحديات الواقع الراهن.. نحن، إذاً، أمام مهمات ثقافية كبيرة جداً نعمل، من خلالها، على تجاوز الشعارات إلى فعل بنيوي عميق له علاقة في رؤية بنية الثقافة وإقامة (تأسيس) هذه البنية، على اعتبار أنها ثقافة مقاوِمة اعتراضية تؤسس لمجتمع ممانع ومقاوِم ومواجِه ورافِض مقابل السلطة.. لأن التسوية المقبلة تهدف إلى جَعْل الزمن العربي والإسلامي القادم زمن صراعات وتفكك وتشرذم.. وتتجه، أساساً، إلى المجال الحساس، وهو دائرة الوعي (دائرة الثقافة).. وهكذا يستمر زمن المقاومة الحقيقي لأنه يتناول أخطر ما في الشخصية والهوية الإسلامية، ألا وهو وعي هذه الهوية..
طبعاً نحن لا نريد أَنْ نضخّم العدو ونعطيه أبعاداً أكبر من حجمه، ونرضخ لقضائه وقدره الذي يحاول فرضه علينا.. لأن العدو أعجز من أن يعمل على تجويف التراث الإسلامي الذي يعدّ أهم عامل وأكبر عنصر من عناصر الممانعة والمواجهة في شخصيتنا ونسيجنا الثقافي. لكننا، في الواقع، نخاف أن نبقى ساكنين، وأن يظل تراثنا ساكناً لا يتحرك، وألاّ ينتج نفسه ويصوغ خطابه من جديد وفق مقتضيات الواقع لا أن يرتهن لمفاهيم العصرنة والحداثة وما إلى ذلك. ولكن أن ينتج معادلة معاصرة لوجوده.. أن نجعله يعيش حس العصر ونبضه، لكي يبقى ممتدَّاً وفاعلاً في الأمَّة.
من هنا فإننا مطالبون بأنْ نقدّم قراءتنا المعاصرة والتجديدية التي تمليها ضرورات عصرنا، كي تتحول في داخلنا إلى عنصر مواجهة ثقافية للآخر، وتسهم في بناءِ مشروع ثقافي إسلامي مقاوِم متمرِّد على واقع القهر والتسلُّط (الذي هو مرض جوهري في جسد الأمة تسبب بكثير من كوارثها وهزائمها)، قادر على استعادة مساحة الحرية المغتصبة. وأن نسترد الثقافة من السلطات، بحيث نكون قادرين على أن نسترد لها الحوار الضروري بين النخب المعنية بإقامة ثقافة مقاومة تحيي روح الخدمة والجماعة بين التيارات والقوى الفاعلة، وتحول أفكارها إلى برامج عمل مؤاتية لإحداث اتجاهات جديدة للنمو والوعي الثقافيين، وتستفيد من آليات توزيع الأدوار والمهمات، وتجنّد أبسط القدرات وأكثرها تركيباً وتعقيداً في عملية ممانعة ونماء منتظم لما به الإنسان من عقل وضمير وإرادة وقيم تحوله إلى صاحب بصيرة وعقل منتج.. مقابل البصر المتبلد والمتلقي ببلاهة لقوالب الإعلام الجاهزة.
وفي طريقها إلى صياغة ذلك الإنسان المقاوم تغرق ثقافة المقاومة بحب سحق الأنا والغيرية والإيثار من العرفان، وجمال الأسلوب من الأدب، والحكمة من تجارب الأمم، والتوازن من الفقه، والعمق من الفلسفة، والبرنامج الواعي من القرآن.. وعلى طريق استعادة الذات ومعرفة النفس نستعيد الأرض، كل الأرض، ونواجه التحديات، كل التحديات، ويكتمل الانتصار على طريق صياغة الدور الأمة الريادي، وإقامة الحق والعدل في ربوع الأمة والعالم، مستفيدين من الثقافة الموجودة في تراثنا بهذا الاتجاه، وذلك من خلال بعض المرتكزات التي يحددها لنا الشيخ حسن الصفار في الآتي:
أولاً: تعزيزُ الأمل والتطلعات للإصلاح في داخل واقع الأمة، وتبني دور الريادة على المستوى العالمي؛ لأن قضية الإمام المهدي لا تتحدث عن إصلاح شيعي أو إسلامي فقط، وإنما تتحدث عن إصلاح كوني، حيث عبرت النصوص عنه أنه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً.. وهذا يتطلب منا أن نعزز بفكرة المهدوية الأمل في نفوس الناس لأنهم يواجهون أمواجاً من الظلم، وعصوراً من الاستبداد والقمع، وجولات لانتصار الباطل والفساد، لكن الإنسان المؤمن يجب أن يتمسك بالأمل مهما ادلهمّت الظروف وحلكت، ولكن بعض الناس قد ربط ترمومتره على الأحداث اليومية؛ فحينما يتحقق انتصار يكون متفائلاً، وحينما تحصل نكسة تراه متألماً محبطاً. والقضية المهدوية تريد أن تجعل الأمل ثابتاً في نفس الإنسان المؤمن، وأن ينظر إلى الأحداث ضمن معادلة التدافع البشري، ﴿وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ الناسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَن اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِن اللهَ لَقَوِي عَزِيزٌ﴾(الحج/40).. ولهذا يجب أن تكون القضية المهدوية وسيلة لتعزيز هذه الحالة النفسية المتفائلة، في مقابل حالة الانكسار والانهزام النفسي، واليأس والقنوط أمام المشاكل والظروف الحالكة.
ثانياً: ينبغي الاستفادة من الثقافة المهدوية في بناء الكفاءة استعداداً للمشاركة في بناء الواقع والمستقبل الموعود؛ فإن المؤمن الذي ينتظر أن تملأ الأرض قسطاً وعدلاً، ويتطلع لإزالة الظلم والجور عنها، ينبغي أن يهيأ نفسه بالكفاءة والقدرات المهارات ليكون جزءاً من عملية تحقيق هذا الوعد الإلهي كما نقرأ في فقرات الدعاء: “اللهُم إِنا نَرْغَبُ إِلَيْكَ فِي دَوْلَةٍ كَرِيمَةٍ، تُعِز بِهَا الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ، وَتُذِل بِهَا النفَاقَ وَأَهْلَهُ، وتَجْعَلُنَا فِيهَا مِنَ الدعَاةِ إِلَى طَاعَتِكَ، وَالْقَادَةِ فِي سَبِيلِكَ، وَتَرْزُقُنَا بِهَا كَرَامَةَ الدنْيَا وَالْآخِرَة” . وكيف يكون الإنسان من الدعاة والقادة إلا إذا توفر على الكفاءة والقدرات؟؛ من هنا فإن الثقافة المهدوية يجب أن تدفع الإنسان المؤمن لتنمية قدراته وكفاءاته حتى يكون أهلاً لحمل هذه التطلعات والآمال والهموم.