رحيلُ النهار
بقلم غسان عبد الله
لا تقرأوا تَعَبَ الصُّخُورِ فإنَّني.. سَلَّمْتُ عمري للشواطئِ والرَّحِيلْ..
لا تقرأوا تَعَبَ الصَّهِيلْ.. فأنا الملفَّعُ بالعويلْ..
سَلَّمْتُ عمري للسَّرَابِ.. أنا المُلفَّعُ بالرؤى وبالغيابْ..
لا تقرأوا وَجَعَ السَّحَابْ..
لَكَأَنَّني.. والتِّينُ والزيتونُ جَاثٍ
لا يُوَاسِيني سوى صفصافةٍ نَاحَتْ على أوراقِها
وَأَجِيءُ من نافورةِ الأحزانِ من حُلْمٍ يَبَابْ..
جَسَدِي فضاءٌ للضراعةِ وَالْعَذَابْ.. جسدي كتابْ..
لا تقرأوا وَجَعَ السَّحَابْ..
فأنا الْمُوَزَّعُ بينَ أُغْنيَةٍ تَطَالُ النَّجْمَ
والزفراتِ والأمَلَ النُّضَارْ.. وأنا المُكَبَّلُ بِالْحِصَارْ..
شَرِبُوا دمي.. نَهَبُوا قريضي.. عَلَّقُوا جسدي على دَرْبِ الْحرَابْ..
هُمْ سَلَّمُوني غِيلَةً؟.. وأنا الذي عَلَّقْتُ قافيتي لَهُمْ جَرَساً وَأَدْنَيْتُ الْجَوَابْ..
هَتَكُوا نُجُومي أَلْبَسُوني جُبَّةَ اللَّيْلِ الْمُسَوَّرِ بالأفاعي والذئابْ..
وأنا الذي فَصَّلْتُ من جَسَدِي لَهُمْ خَزَّ الثيابْ..
هَتَكُوا نُجُومي أحرقوني دُمْيَةً وأنا الذي أَوْرَثْتُهُمْ مَجْداً وَأَحْنَيْتُ الرِّقَابْ..
اِقْرَأوا على الجسدِ المُسَجَّى سورةَ الياقوتِ
اِقرأْوا دمعةَ الميلادِ قد طَلَعَ النَّهَارُ ولا نهارْ..
من هاهنُا عَبَرُوا.. على أجْسَادِنا عَبَرُوا.. على أَشْلاَئِنا عَبَرُوا.. على أعيادِنا
اِقْرَأْوا.. فقد هَطَلَتْ على أَرْتَالِنَا حُمَّى الدُّوَارْ..
كَبِدِي عليَّ مُلاَحَقاً ومطارداً.. كبدي عَلَيْ..
هُمْ سَلَّمُوني بِقُبْلَةٍ وَمَضَوْا إليْ..
مُتَعَطِّشينَ لِحِكْمَةٍ هُمْ أَلْبَسُوني منَ الروايةِ ما يُبَاعُ وما يُعَارْ..
هُمْ سَلَّمُوني وعاتَبُوني وعاتَبُوا عَطَشَ الْبِحَارْ..
فاقْرَأْوا على الجسدِ المُسَجَّى بالغُبَارْ..
اِقْرَأْوا فقد رَحَلَ النَّهَارْ…