تنامُ على كتف أحلامِنا.. عيترون
بقلم غسان عبد الله
للجنوبِ بِبالِ القصيدةِ في الروحِ.. يمامتانْ
ولأرضِهِ المفعمةِ بالطيبِ على العطرِ وردتانْ..
ما.. للأهازيجِ، تُبلّل ذَرْوَ الليل وتغمرنا
هل نبدأ بالإحرامِ؟!.. صلاةِ الإشراق؟َ.. ونتلو… نَرْجسة الفرقانْ؟
للعزمِ معارجهُ.. وللشهيدِ مباهِجهُ..
للتين والزيتون شَرَرُ الذكرى..
ونحن… غنَّينا الجنوبَ، من طُورِ القصيدِ، إلى عرش الريحانْ…
لدساكرهِ.. والقرى.. طَرَبُ الأرضِ.. وإيقاعُ الغيم النشوانْ
غناءٌ وحداءٌ – والنارُ تُصلّي - من تَسْنيمٍ وزَبَرْجَدْ:
“سبحان الخلاّق.. جبلُ عاملَ.. في صفوته،
في النعناع الدافقِ من الليطاني المكابرِ.. في الأقحوان
في التبغِ والصبَّارِ.. في الزعتر البري.. والعِلْتِ..
في القمحِ الذاهبِ إلى بيادرهِ.. في الكروسةِ.. والعريض..
في الدبشة.. والصوانة..
في كلِّ وهجِ الشباب.. ودمِ الأرجوان..
جنوبنا هذا.. جنوبُ القلبِ هذا.. أطيافٌ من لؤلؤٍ ومرجانْ.
في الزمان الجديدِ، لعرسِ التحريرِ، والثَّمرُ في مستهلّ الولادةِ،
كانت شجيرةُ زيتونٍ بأطرافِ بنتِ جبيلْ.
توزِّع عطرَ المآذنِ، وترتيلَ القرءانْ..
والماءُ بين الترائبِ لا يتحصّن إلاّ لأجلها..
دمٌ.. من دماءِ الشهادةِ، سحابٌ، حقلُ طيورٍ، أُرجوانْ
وموسمُ برقٍ، ونايٌ..
سواها يحبّ جميعَ الورود.. وبنتُ جبيلِ والعزِّ حبيبانْ
لمنْ تَسكب العطرَ في الكأسِ، إن عيونَ القرى تتوهُ
مارون الرأسِ يطلُّ على حقولها..
عيناتا ترافقُ دربها صوبَ عيترون.. وتدلفُ إلى ميس الجبل فبليدا..
ثمَّ.. بغتةً، تَسْمَعُ الأقحوانْ..
بهِ.. نسيمُ بنتِ جبيلِ سوف يعلو..
إذاً لن يضلّ النحلُ.. سنشرب كأسها دِهاقاً.. رَوْحٌ على الرُّوحِ ورَيحانْ.
أرضٌ تطلُعُ من جراحِها لتخط أفقاً له طعم الحياةِ.. طعم الكفاح..
في ليلِ عيترون الجميل.. عرِفَ الغزاةُ ذاتَ هجومٍ على أطرافها
أن الأرض لا تعطي أسرارها إلا لأبنائها..
أنهم كالنسور على القمم الشاهقة..
نسورٌ لم يَكْسُها الألمُ تولدُ كلَّ لحظةٍ من كأسِ الحسين..
تولد في كل كربٍ وبلاء تعيد التاريخ إلى نقطة البدء..
ناسٌ طيِّبون.. شعبٌ أبيٌّ..
من الدبشة.. إلى العريض.. ومن جبل كحيل إلى مارون..
في الطريق إلى الشقة.. وإلى الخانوق.. نمضي ونسلُكُ الأبجديةَ..
قليل من الضوءِ من الصَّبَّاحِ في عتمِ التاريخِ كزوّادةٍ..
ينير درب العلمِ بإشعاعاتِهِ السَّنية..
أملٌ فائضٌ في الفؤادِ وما يشبه الريحَ في رئةِ المدينةِ الأبيةْ..
في كرحبون وعند بئر ناصر.. نسبِقُ الدربَ.. نلتقي الأحبةَ.. تتداولُنا الأزقةُ..
ونعودُ أدراجَنا بعيدَ الأذانِ.. فتنامُ على كتف أحلامِنا.. عيترون.