عبرة الكلمات

عبرة الكلمات 491

بقلم غسان عبد الله

برد الطريق

بمشيئة الله تعالى التقيا في درب من دروب الحياة.. المؤدي الى أعلى قمة..!! كان لكل منهما هدف.. لكل منهما غاية.. وكان هناك توقُّعُ اتحاد الغايات.. الأمنيات.. ربما كان ذلك وسيلة من أحدهما ليصل على أكتاف الآخر.. مشيا.. سوياً.. ساندا بعضيهما.. على طرف الحياة بنيا قصوراً من رمل وسافرا عبر أجنحة الحس كثيراً.. وعندما وصل الأول إلى مبتغاه.. ترك رفيقه وحيداً في برد الليل.. ووحشة الطريق وكأنه لم يساعده ليكون..!! صرخَ بملء جوارحِه.. إلى أين؟؟ “تركتني.. لبرد الطريق”!!.

على قارعة الطريق

طفل صغير.. يفترش قارعة الطريق.. تاهت به الدروب، وأخذته دوامة الحياة!! وصل به الهذيان.. حد التخمة.. حد الغثيان!!.. أخذ الناي يغني وأمام عينيه إناء نحاس صغير أكل الدهر عليه وشرب!!.. مع خيوط الصباح الأولى استعار خيطاً واحداً وابتدأ مهرجانَ مرحٍ لأروع لحنٍ!!.. لحنٍ تراقصت عليه الطيور مختالة بعنفوان ريشها!!. مرّ به رجل هَرِم.. غطّت مرارة الحياة ملامح الحياة على ملامحه وكادت تنزعها من رأسه!!.. لم يكن يملك ذلك الرجل سوى قطعة معدنية واحدة رمى بها في ذاك الإناء.. وعانق رنينها نغمات ذاك الناي!! وبذلك اشترى ذاك الرجل لحظة فرح.. ورمى بها خلفه وذهب.. واستمر الطفل يغني.. «خذ الناي (وغني) من ألمي بسرور.. وأرقص مع طيري لأنسى عمري المكسور..!!

غربة

عِمْ صباحاً أيّهذا الصمتُ‏.. لم أغلقْ عليَّ البابَ‏ لكني تواريتُ خجولاً‏ حينَ مَدَّ العمرُ طميَ الماءِ نحوي‏.. غربةٌ واحدةٌ تكفي‏.. وأغمضتُ جراحي‏، وشربتُ الماءَ من نبعِ تبدّى‏ في عيونِ الأصدقاءْ‏.. غربةٌ واحدةٌ تكفي…‏ وهذا البرُّ لا يكفي لهذا البحرِ‏.. هلْ عذّبتِ بالأحلام غيري يا سماءْ؟‏ عِمْ مساءً أيَّهذا الصبحُ‏ لمْ أنهِ مسيري‏ حينَ صارتْ خطواتي برزخاً‏ بينَ مكاني والأمامْ‏.. الماءُ يا ما أَنْشَبَ الرملُ به‏ كثبانه.‏ الطلقاتُ الحمرُ يا ما‏ أخرستْ نجوى الحمامْ‏.. وقريباً‏ سوف تشكو هذه الأرضُ خطانا‏.. ثُمَّ نشكو القلقَ الدائمَ فينا‏ للذي أوجدنا من ألف عامْ‏.. آن أنْ يمنحنا جرحاً يؤاخينا‏ وموتاً يبعثُ النشوةَ فينا‏ وحياةً حينَ ندنو‏ مِن خريفِ العمرِ تبكينا‏ وترجونا البقاءْ‏.. ميتةٌ واحدةٌ تكفي‏ وهذا القبرُ لا يكفي لهذا العمر‏.. هذا القبرُ لا يكفي أحدْ..‏ غربةٌ واحدةٌ تكفي‏ وكمْ من غربةٍ في الروحِ تشدو‏ بينَ آفاقي وأغلال الجسدْ‏.

يدٌ واعدة..

لمسةُ اللّطفِ والقوّةُ الماردَةْ والفنونُ الذّكيّةُ.. والابتكارُ المباغتُ في يدِهِ.. وعلى يدِهِ تُصْنَعُ المكرُمَاتْ.. كم بنتْ للحياةْ.. من جسورٍ وأبنيةٍ.. وبروجٍ.. حَمَامُ السّماءِ يرفرفُ من حولِها والنّجومُ تزيِّنُ أدراجَها الصّاعدَةْ.. لمسةٌ.. وتكونُ على يدِهِ المنجزاتْ.. لمسةٌ.. وتدبُّ الحياةْ.. تستفيقُ الينابيعُ والقمحُ والصبحُ والأغصنُ الواعدَةْ.. يدُهُ.. مثلما تمنحُ الشّمسُ للكائناتْ.. تمنحُ العمرَ والدّفءَ والبَرَكاتْ نِعَماً خالدَةْ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *