على هامش الاستحقاق البلدي بيئة المقاومة راسخة وثابتة وخصومها يصابون بالإحباط
بقلم محمد الضيقة
تؤشر الانتخابات البلدية التي تجري على عدة مراحل بعد انقطاع دام تسع سنوات، إلى أن لبنان دخل مرحلة جديدة على صعيد بناء المؤسسات، إلا أن اللافت أن هناك بعض القوى السياسية تعاطت مع هذا الاستحقاق باعتباره يؤشر إلى الأحجام السياسية للقوى الحزبية..
إلا ان هذه الرؤيا ليست دقيقة بالمطلق، لأن هذا الاستحقاق يتداخل فيه السياسي والعائلي وحتى الديني، وعلى الرغم من ذلك يصر البعض على اعتباره مقدمة لمعرفة المناخ الذي ستسلكه الانتخابات النيابية العام المقبل.
أوساط سياسية متابعة أكدت أن الخارج وتحديداً في الإقليم وفي واشنطن يتابعون عن كثب هذا الاستحقاق البلدي وهم يتدخلون بطريقة أو بأخرى في القرى الشيعية من خلال رشوة بعض ضعاف النفوس للترشح حتى لا تتمكن هذه القرى من تحقيق وفاق يجنبها معارك سيكون لها تداعيات على النسيج الاجتماعي بين المكونات العائلية في هذه البلدات.
وتقول هذه الأوساط إن جمعيات الـ NGOS وبعض الأطراف في السلطة الجديدة إضافة إلى بعض القوى السياسية التي على خصومة مع حزب الله بذلوا جهداً في المرحلة الأولى وهم يتهيؤون لبذل المزيد عندما يحين موعد إجراء الانتخابات في البقاع والجنوب حيث من المتوقع أن يلجأ هؤلاء إلى دفع الأموال للبعض حتى تجري الانتخابات في كل البلدات الشيعية ولا يكون هنالك لوائح تزكية، من أجل إقناع من يعملون تحت إمرتهم من أن ليس هناك إجماع شيعي على المقاومة، ومن أن هناك فرصة لنشر الفوضى داخل هذه البيئة من أجل استخدامها كذريعة لوضع مسألة سلاح المقاومة على الطاولة.
وتضيف الأوساط أن القوات اللبنانية وحلفائها وبرعاية أمريكية – سعودية سيستثمرون في هذا الاستحقاق لفرض نهج جديد في الساحة السياسية اللبنانية لإحكام الحصار على المقاومة وحلفائها، إلا أن هذا التوجه العدائي من هؤلاء سيكون مصيره الفشل كبقية رهاناتهم السابقة، لأن المرحلة الأولى من هذا الاستحقاق في جبل لبنان شكلت قاعدة أساسية لمعرفة العلاقة التي تربط المقاومة ببيئتها، حيث أظهرت هذه البيئة التفافاً شعبياً بفوز كل لوائح التنمية والوفاء في أقضية الشوف وعالية وبعبدا وجبيل، وهذا الأمر يشكل انتصاراً نوعياً مثبت بالأرقام، حيث لم يظهر في أي قرية بروز اتجاه ضد توجه المقاومة، أي أن المواطنين الشيعة أكدوا أنهم جميعهم مع المقاومة كرَّسوه في صناديق الاقتراع.
وأشارت الأوساط إلى أن لا مؤشرات سياسية في الجولة الأولى إلا عند الطائفة الشيعية وإذا حصل صراع ما في أحد القرى سيكون هو صراع له طابع عائلي وبين لائحتين مؤيدتين للمقاومة.
وتضيف الأوساط أنه في الوقت الذي تواصل فيه القوات اللبنانية وحلفاؤها شن الحملات على سلاح المقاومة، إلا أن هذا الاستحقاق سيثبت واقعاً سياسياً حقيقياً لا لُبس فيه أنه لم يعد أمام المواطن الشيعي سوى خيار المقاومة بعد أن تركته الدولة، حيث لم تبذل جهداً كافياً باتجاه إعادة إعمار ما خلفه العدوان الصهيوني في الجنوب والضاحية والبقاع، إضافة إلى تقصير الدولة وعجزها أمام خطاب سياسي رأس حربته القوات اللبنانية وتفوح منه رائحة طائفية وعنصرية حتى وصل الأمر للمطالبة من بعضهم تهجير الشيعة من لبنان، هذا التوجه الذي يرعاه الغرب سيفشل، والمقاومة قادرة على إعادة التوازن الذي كان قائماً قبل حرب الإسناد.