آخر الكلام

سيد العمق.. شامخ الهامة “إلى السيد الشهيد مصطفى بدر الدين في ذكراه”

بقلم غسان عبد الله

وبعد سنين سبع..‏ وبضعِ جراحٍ..‏ يُراودني الحلمُ كي ألتقيك..‏

تمدّ للروحِ…‏ جسراً من الأغنياتْ، وتأتي راعفاً بانتظار المكانْ..‏

صباحَ الأيائلِ الراكضةِ صوب اصطيادها في أزقة الحارة يا صديقَ الدمِ الجليلْ..‏

كم يشتهيكَ دمُكَ،…‏ والطريقُ انتظارْ..

وصوتُكَ يأتي‏ حبيباً إلى شرفةِ القلبِ..‏ يرفو تفاصيلَ حزنٍ.. ‏

ويمضي بالعمر الطري..‏ إلى مرفأٍ من نضارْ..

صباحَ العصافيرِ يا فتى البطولةِ المسيَّجِ بالضرامْ..

صباحَ العصافيرِ‏ تنقرُ من شفتيكَ ساعةَ التكبير الكلامْ‏..

صباحَ الشهادةِ يصطفيكَ ملاكاً وينتقي لأجلِكَ من قلبِ حوريةٍ كلَّ هذا الهيامْ..

يا صاحبي مهلاً حتى ألقي عليكَ باقةَ أرجوانٍ.. أو لأردَّ عليكَ السلامْ..

حشرجةُ شاعرْ

حملتُ الكلمات دهراً،.. ‏وأدلجتُ في حلكةِ الروحِ‏.. أشعلتُ كلَّ المصابيح…‏

للذاهبين إلى الحربِ.. والقادمين من المهزلةْ‏.. صباحُ الخزامى..‏

لكلِّ الجهاتِ.. دمي..‏ وجنةُ الوردِ،..‏ والجلّنارْ‏.. 

نسيتُ حدود يديّ..‏ ولم أكتشفْ‏ سرَّ أغنيتي‏..

كنتُ أبكي الطفولةَ تهربُ مني..‏ وتمتصّها الأرصفةْ‏..

لكلِّ الجهاتِ دمي..‏ والطريقُ انكسارْ‏..

نارُكَ الحافَّةُ بالقلب منكَ والرمادْ.. تحيطُ من كلِّ صوبٍ دموعي،..‏

وأيارُ.. هذا العرسُ الجليلُ.. انعتاقُ الرؤى الخائفةْ‏..

أنا أيارُ يا يهودُ لا تنسوني..‏ قتلتُ فيكمُ غدر السنين…‏

وشيّدتُ…‏ من حشرجاتِ الرمادِ في القرى الغناءْ..

قريباً سترتحلونْ‏..

وأنت أيها البطلُ الذي بكَ سموتُ..

تذكر.. قبيل ارتحالك عن مدى العين:

قريباً… ‏سيمشي على مقلتي المساءْ‏..

ألفُ سلامٍ لجرحِكَ وارتحالِكَ في غيابات العمر..

أحبُّك..‏ لا تغلقِ البابَ…‏ كيما تمرَّ الفراشات سرب غناءْ‏..

سيدُ العمق.. شامخ الهامة

على وهدةٍ من رؤى الروحِ‏ كان سيدُ العمقِ يغني..‏

وكان يحثُّ الخطى..‏ نحو الأرضِ التي سَرْبَلَتْهُ بماءِ الحنينْ..

على غفلةٍ‏ تلتقيهِ العصافيرُ…‏ تهديهِ‏ ما أغْفَلَتْهُ المواسمُ سرّاً..‏

وكان يثورُ.. ‏

مع الغيثِ كان يجيءُ وحيداً،‏ وعميقاً ينتفضْ‏..

تُرانا عشقناهُ حلماً،..‏ وكنّا نسينا‏ دمَهُ المهراقَ..

وكنّا.. وكنا.. وكنا..

شربنا المَدَامَةَ عزَّةً من راحتيهِ..

‏وكنّا..‏ إذا جُنَّ لَيْلُ الاحتلالِ إليهِ نجرُ الخطى،..‏ والحنينْ..

هو الآنَ‏ سيِّدُ هذا العويل..

‏مداهُ…‏ رؤاه.. وكلَّ الذي لا يجيءُ من كلامٍ سلسبيلْ..

يُغيِّبُنا…‏ لا نغيبْ..

ينادي…‏ يجيءُ الصدى…‏ ثم يوغلُ فينا‏..

فيا سيِّدَ العُمقِ..‏ هذا زمانُكَ..‏

أدْلِجْ إلى سُدْرَةِ الفجرِ مُطْلَقَكَ العذبَ.. دمَكَ الجليلْ…‏ إنّا نسينا.‏

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *