إقليميات

الواجهة العَسكرية الأمريكية تَهشّمت.. والخَطرُ مُحدق بها!!..

بقلم زينب عدنان زراقط

ترامب الذي دخل البيت الأبيض على أساس إنهاء الحروب، كيف استنزفه قراره الخاطئ بالعدوان على اليمن وما هي التبعات الأمنية التي لحقت بالولايات المتحدة ووضعتها في دائرة الخطر العسكري؟!.

ترامب رجُل سلم أم مجرم حرب؟

“التدخل في الشرق الاوسط هو أسوأ قرار تم اتخاذه على الإطلاق”. هذه تغريده لـ ترامب عبّر فيها عن موقفه المعروف المناهض لتورط الولايات المتحدة في الحروب وخصوصاً في منطقه الشرق الأوسط وهو الموقف الذي استند عليه في الترويج لنفسه في حملته الانتخابية الأخيرة التي خاضها في 2024. وخلال حملته الانتخابية قال ترامب لأنصاره إنه عندما يربح الانتخابات سوف يطرد دعاة الحرب الذين ينتهجون الحروب طوال الوقت ويعشقون إلقاء الصواريخ في كل مكان بينما تكلفة الصاروخ الواحد 2 مليون دولار! وقال إنه سيُنهي كل الحروب التي لا تتوقف.

إلا أن ترامب وبعد دخوله البيت الأبيض والعمل على وساطة إنهاء حرب غزة والتوصل لاتفاق إطلاق نار، سُرعان ما فشل في تحقيق ذلك واستأنف الجيش الإسرائيلي عدوانه بشراسةٍ أشدّ بدعم أمريكي كامل، لا وبل وفي خطوة مناهضة للنهج الذي عمد على الدخول فيه إلى البيت الأبيض، أقدم ترامب على الحذو بنهج سلفه بايدن وشنَّ حملةً عسكرية على اليمن التي تَحُول دون الدعم لإسرائيل عبر البحر الأحمر. حتى بلغ عدد الغارات الجوية التي نفذها الجيش الأمريكي في غضون ستة أسابيع من العدوان الذي أمر به ترامب على اليمن تفوق ضعف الغارات التي تم تنفيذها على مدار 13 شهراً في عهد بايدن.

أمريكا بين الاستنزاف والخطر

حملةٌ بهذه الكثافة من غير المفاجئ أنها ستكون باهظة التكاليف، ففي 4 أبريل 2025 CNN كشفت نقلاً عن مصادر أن الهجمات التي شنها الأمريكيين على الحوثيين كلفتهم مليار دولار في أقل من ثلاث أسابيع ونفقات نشر الأسلحة قاربت من 2 مليار دولار حتى مايو. حيث أن تكلفة تشغيل حاملات الطائرات فقط التي حُمِلت من المحيط الهادي للشرق الأوسط من USS Harry S. Truman وUSS Carl Vinson يُكلف أمريكا ستة ملايين دولار ونصف كذلك فإن ساعة الطيران للقاذفات الشبح 2 Bالمتطورة التي استخدمها الأمريكان مؤخراً تكلف الجيش الأمريكي 90 ألف دولار. بينما لا يوجد أي درجة من التكافؤ أو التماثل بين تكاليف القوة النارية التي يستخدمها الطرفين فمثلاً تستخدم البحرية الأمريكية صواريخ اعتراضية قيمة الواحد منها 2 مليون دولار لأجل إسقاط الطائرات المسيرة اليمنية التي لا يتجاوز سعرها بضعة آلاف الدولارات كذلك الصواريخ الرخيصة الثمن التي استخدموها في إسقاط 9MQ- Reaper ونجحوا في إسقاط سبعة منها تبلغ قيمتها 30 مليون دولار للطائرة الواحدة. أضف على الحساب 67 مليون دولار الذي هو سعر المقاتلة الأمريكية 18super hornet FA التي غرقت في البحر قبل أيام أثناء محاولة حاملة الطائراتUSS Harry S. Truman تفادي هجوم عليها من قبل الحوثيين.

بعيداً عن مسالة التكلفة الضخمة فإن نهج إدارة ترامب في التعامل مع الحوثيين سوف يكون له تداعيات استراتيجية خطرة مهمة على الولايات المتحدة، بحسب تقرير نشرته نيويورك تايمز في 8 أبريل عن مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأمريكية صرّح مؤخراً لمساعدين في الكونجرس بين البحرية الأمريكية وقيادة منطقه المحيطين الهندي والهادي حول قلقهم الشديد من سرعة حرق الجيش الأمريكي لمخزوناته من الذخيرة في اليمن، ما يجعل الجيش الأمريكي في الوقت الحالي معرّضاً بشكل كبير لأن يواجه مخاطر عملية في حال اندلاع أي صراع في أسيا ما يُشكّل خطراً على أمريكا إذا ما شنّت الصين ضربة مباغتة على أمريكاً، وخصوصاً أنه لا يوجد مجال كبير لاستبدال المخزونات المستنفذة في الصراع مع اليمن في ظل أن عمليه إنتاج الصواريخ المتطورة معقدة وتأخذ وقتاً طويلاً جداً وبالتالي كان وقت إطلاق النار وإنهاء الحرب أمراً لا بُدَّ منه لأجل الولايات المتحدة لحماية نفسها أولاً ومن المذلة التي لحقت بها وبعتادها العسكري المتطور الذي تحطمَ أمام القدرة العسكرية البسيطة لليمن.

إنَّ إعلان الرئيس الأمريكي عن توقف العمليات الحربية العدوانية ضد اليمن وشعبه مؤخراً، بعد تعرّض البوارج الحربية الأمريكية وطائراتها المغيرة لهزائم وصفعات متتالية على أيدي أبطال الجيش اليمني، جاء ذلك مع تأكيد القوات المسلحة اليمنية على الاستمرار في عمليات الجيش اليمني ضد مواقع العدو الصهيوني وفَرْض حظرٍ جويٍّ على الطيران المدني في سماء فلسطين المحتلة ما شكل ضربة اقتصادية مضافة تعرض لها الكيان الغاصب إلى جانب الحصار اليمني البحري ضد السفن المتجهة لموانئ هذا الكيان. إذاً، هو نصرٌ للحق والإيمان والثبات والصمود وكل معاني الإسلام الأصيل الذي تجلّى بالموقف العربي الأصيل فيما عجزت دول كثيرة عن الوقوف وقفة حق خوفاً على حكمهم.

ختاماً، ومع خروج القدرة العسكرية الأمريكية مهزومة من بعد هذا الانتصار اليماني العظيم، يبقى الكيان الصهيوني الغاصب تحت ضربات الجيش اليمني الذي لم يتخلَ عن مساندة الشعب الفلسطيني ليعزز قدرة وسطوة اليمن في فرض معادلة الردع التي ستحقق له الحضور الدولي والقيادة الميدانية الإقليمية في المرحلة القادمة.

ولكن هل انسحاب أمريكا من مهاجمة قوات أنصار الله اليمنية في البحر الأحمر هو تنصّلٌ من حماية إسرائيل ودعمها في حربها على غزة؟ وفي سياقٍ متصل هل تقوم الصين باستغلال هذه النكسة الأمريكية التي استنزفت جزءاً من الخط الدفاعي الأمريكي وتموضعها في المحيط الهادي وزعزعة جهوزيتها، وتباغت أمريكا بهجوم مفاجئ لأجل استعادة تايوان؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *