أول الكلام

نبعُ الهدايةِ

بقلم غسان عبد الله

نَشَجَتْ سروةٌ في السّرِّ وقالتْ: ترحلُ مَعنا!!.. أُفْرِدّْتُ على أبوابِ الموبقاتِ.. وحيداً‏.. لا تَقْبَلُني أو تَرْفُضني‏ وصَحوتُ على أشلاء الروح وَقَدْ… شَطَرتْني‏ رَسَمَتْ خَطّاً بالنّارِ على صَدريْ.. والتسويف وقفتْ قدمايَ على الخطِّ المحروسِ بنارِ لغاتٍ‏ لا أعرفُها‏.. ناداني نشيجي العشقيُّ.. فلبيَّتُ.. تَلقّاني.. برصاصِ الندماءِ الغرباء‏!.. وشَكَوْتُ إلى رقيبي العتيد.. فواساني..‏ بعوسج من أشواك الحزنِ‏ وصاحَ بظلِّي صوتٌ تسكنُهُ الرهبة: “لا تَعْبُرْ هذا الخطَّ المَرْصُودَ.‏. لغيركَ في رياض الروح”..

بُهِتُّ.. بكيتُ.. دعوتُ.. رجوت…‏ وكيفَ أواصلُ بَعْضِيْ…؟‏ كيفَ.. وأحبابي خلفَ الخطِّ‏ وبُقْيَا من أمالٍ وأدعيةٍ، من بُقْيا.. أملي؟؟‏ هَلْ أرْقَى خارطةَ الأحزانِ تِلالاً، وجبالاً..‏ أينَ أريدُ…؟‏ في خارطةِ الأحزان تضاريسٌ،‏ لا يرقاها الإنسانُ الطّينُ،‏ ويرقاها الزاهدُ والعابدُ والصابر.‏ فأينَ أريدُ؟!‏ أمْضِي، تَتَلقّاتي كُهوفٌ مُوحِشَةٌ…‏ غاباتٌ.. راياتٌ.. وبُنُودُ‏ تَتَقاذَفُ رأسَي أَسْلاكٌ خانِقةٌ… وحُدودُ‏ يثقلُ كاهلَي الوْجْدُ…‏ وحُمَّى الشَّوقِ إلى الأحبابِ‏ ولَيْلٌ أبَدٌ.. مَمْدودُ‏ غابَ الأحبابُ وراءَ ضياءات التوبة وآيات العشق.. وماتَتْ فيَّ ذاكرةُ العشقِ وغاضَ الماءُ المَورودُ‏.. عَمِيَتْ عينايَ وأنا أدُسُّ الأنفَ بأشلاءِ وجيبٍ ما كنتُ صاحبَهُ.

أين أريدُ؟!.. أمضي؟!! أوَ أبكيْ وَهْماً مأسوراً؟!‏ نازعَني الذّنبُ حُشاشَةَ روحٍ واجفةٍ.. مهجَ الأحبابِ…‏ وما زالتْ تَتَرصَّدُ روحي بعضُ وسوسات الشّيطانِ‏ فأينَ أريدُ؟!..‏ هل النَّبْعَ.. أريدُ‏؟؟ أم ادْخُلْ مَلَكُوتَ اليأسِ وقاعَ الذنب؟!.. أم ادْخُلْ ملكوتَ النور.. يواصِلْني الأحبابُ‏؟!.. ويستأنسْ في أضلاعِي هذا الجمرُ المفؤودُ؟!!.‏

يا نبعَ الهدايةِ.. يا بُقْيا أملي.. مَهلاً، خُذْني‏.. خذ راحلةَ إبليس من صدري إنّي أطرقُ بابَكَ منذُ زمانٍ أزليٍّ،‏ أطرقُ بابكَ.. أُلقي أسلحَتي.. أستسلمُ مختاراً أَدْخلني في الغيبوبةِ، في ملَكوتكَ.. قُدْ بِيْ نحوَ ينابيعِ الأسرارْ‏ ثُمَّ اطْرَحْني‏ في رياض الروحِ سوسنةً من توبةٍ.. أو أمةً من أدعيةٍ وأحراز قد بي من ليلي المظلم بالذنبِ.. إلى سماوات النهارْ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *