يا أيةَ الرَّشَدِ المقيمِ إلى الأبدْ إلى روحِ الإمام الخميني العظيم(قده)
بقلم غسان عبد الله
تتحاورُ الأعضاءُ مشعلةً ملاحمَ للبقاءِ، وأنتَ وأنا الكوكبانِ، وكلُّ نبضٍ سيّدٌ في الكونِ، هل أدركتني قبلَ انطفائي؟.. هل كنتَ قربي حينَ طيَّرتُ الأغاني؟!.. أبداً نظلُّ معاً ونسبحُ في الفضاءِ. تتداخلُ الأغصانُ مزهرةً، وتنشرُ في السماءِ أريجَ بهجتها مزهوّةً برفيفها، ونشيدِ حالتها وقدْ طارتْ إلى شجرِ الدماءِ.. أيكونُ فوقَ الأرضِ أغلى من لقاءِ الكائناتِ؟ هل غير هذا الحب يبقي المعجزاتِ؟..
أهفو إلى وطنٍ دمٍ، وأعيشُ وهْجَكَ في الخلايا، حيثُ يتبعني الصباحُ، وأقومُ من رممي وحيداً دونَ قبّرةٍ وأبحثُ عنكَ في بحر السماءْ.. ويضيئني هذا الجناحُ…
“أنتَ الضراعةُ والبشـــــــاشةُ لا أقلُّ
أنتَ اشتعالاتُ القصائدِ أو أجَلُّ
وضياءُ فجرِكَ يمنحُ الكونَ ارتعاشةَ روحهِ..
أجَّجْتني عَبْرَ الأزلْ بطلاً لتاريخٍ أفَلْ
وأنا وأنتَ الخافقانْ.. وعلى جنائنكَ النديّةِ كل مبتدأٍ يهلْ..
يا غايةً عبْرَ المدى المفتوحِ: قلبُكَ لم يزلْ..
يُعطي ارتعاشتَهُ العظيمةَ مثلَ زلزلةٍ، وقلبي لا يَقِلْ“..
يأتي إليَّ القاتلونَ جميعهمْ.. يأتي إليّ الحاقدونْ.. يأتي المهرّجُ والمناضلُ والمقاتلُ والمُتاجِرْ.. يأتي الشتاءْ.. تأتي المشاعلُ والمزاهرْ.. يأتي الحجرْ.. يأتي الشجرْ.. يأتي الصغارْ.. والأرضُ تأتي والسماءْ.. والنارُ تأتي والدماءْ.. والكائناتُ جميعُها تأتي كأحلامِ النَّهَرْ.. لكنَّ وهجَكَ لا يملُّ من الضياءْ!..
تتراكمُ الأشياءُ فوقَ سنابلي.. ويقودُني هذا الرمادُ إلى غدي.. ـ لا أستطيعُ ـ بغير همسِكَ أن أطيرْ.. وأنا الهشيمُ إذا اشتعلْتَ، أنا الشتاءُ إذا انهمرْتَ، أنا التفرُّدُ إن أضأْتَ.. سأزفُّ كلَّ الأخيلة.. وأشيِّدُ تاريخَ الحدائقِ، سأشيِّعُ كلَّ الأسئلة.. وأظلُّ أبحثُ عن نوافذها فهلْ أحدٌ يقدّمُ ما تبقى من زمانِ الجلجلة؟ سأزفُّ كلَّ المسألة.. علِّي أكوِّنُ بعضَ ما تبتغيه رغمَ المهزلة.. والأفقُ حولَكَ مثل خاتَمِكَ المكللِ بالعقيقْ.. والعشقُ يبعثُ في ركامِ العمرِ هذي الزلزلة..
يا أيةَ الرَّشَدِ المقيمِ إلى الأبدْ: منكَ المسارُ إليكَ في زمنِ النهارْ، وإليكَ أُلقي حالتي وحكايتي، وأنا أكوّنُ غابتي في خافقيكَ إلى الأمدْ.. ها أنتَ مئذنةُ الضراعةِ حينَ يشتعلُ الحسدْ.. وإليكَ تتّجهُ اليفاعةْ، وإليكَ أوّلُ ذكرياتي، يا منْ تؤرّخُ لي بداياتِ الحنينْ، وتعيدُني بدءاً وتزرعُ حلْمَ قلبي.. متهادياً حمَلَ طموحَ رحيلِه، وتشرَّدَ خلفَ انتشاراتِ الحدقْ، لا يستقرُّ على مدىً أو هالةٍ، في الأرضِ سيّدُ الندى، وله اشتعالاتُ الحبقْ، والكونُ شيءٌ مدهشٌ في قلبه.. لا شيءَ يوقفُ مدَّه..
لو كنتَ ورداً عابراً، هل كنتُ أمطرْتُ البذورَ على فؤادي؟ ها أنتَ أوسعُ من مساحاتِ الرؤى.. يا سيِّدُ؟ كم أنتَ سيّدٌ على مدِّ الطرقْ!! وتكونُ في زمنِ الضراعةِ، وتكونُ في دفءِ الدساكرِ والقرى.. وتُضيءُ مهدَ اللّحدِ في زمنِ البطولة، وتكونُ مبتدأَ السكونِ، تكونُ إعصارَ الزلازلْ.. أبداً تطيرُ إذا استمرَّ بنا التمرّدُ والتقيتَ كلَّ وقتٍ ثم آوتكَ المنازلْ.. وتوهجَ المطرُ السّكوبُ، وأبدعَ الانهمارُ ملحمةَ التداخلْ.. هو عرشُكَ ميزانُ رحلتنا الطويلة.. وأنا وأنتَ الزهرتانْ.. نُبدي بزوغاتِ البراعمِ فوقَ أغصانِ الأبدْ.. فليأتِ قلبُكَ روضةً.. ولينتشر عبقي إليك.
لسنا رمالاً.. هل يستكينُ بنا اشتعالٌ بعد هذا الطّوفِ من فصلِ الندى؟ لسنا كؤوساً تستبدُّ بها المياهُ.. ما بينَنا مطرٌ يضيءُ وأنتَ سيّدُ هذي الضراعةِ.. وجميعُ من ذهبوا إلى شجراتِ روحكَ، أتقنُوا فنَّ العبادةْ، والأرضُ متَّسَعٌ لكَ.. ولكَ الفضاءُ، والوقتُ والبدءُ المضاءُ.. كيفَ اكتشفتُكَ فاهتدى عصفورُ قلبي نحو ظِلِّكْ.. كيفَ ابتدأتَ تفوّحُ بي ورودَ روحي فاحترقتُ في نهاياتِ الشهادة؟.. كم أدهشَتْني عبقريّاتُ الدعاءْ! ما بيننا مطرٌ يضيءُ وأنتَ سيّدٌ للكواكبِ والسعادة.. لكنّ لي بحراً يجيءْ.. لكنّ لي فرحاً يفيءْ.. وبيَ النداءُ.. بيَ الكواكبُ والفضاءُ.. بيَ انتهاءاتُ الرؤى، والشوقُ يبقى خالداً عبرَ العصورْ.
أوّلْتَني في بادئ الخطواتِ، أشعلْتَ الندى والقلبَ، حوّلتَ الدعاءَ إلى فمٍ يخضرُّ لاسمِكَ ثمَّ ضوّأْتَ الجبالْ.. وأقمتَ خلفَ رؤى الصباحْ.. أربَكْتَني.. كم مستطابٌ أن تبدَّلَ نفسَها الأشياءُ عبْرَ الأضلعِ!.. أربكتني، والكونُ مرتبكٌ معي.. كوكبْتَ قناديلكَ فاشتعلَ الفضاءْ.. كم أنتَ مستعمِرٌ دمي من دونِ كلِّ الكائناتْ!.. وأنا انتشارُكَ وانتشاري حيثُ تشتبكُ الجهاتْ.. أشرقتَ ورداً في فضائي فانتصرتُ وبدأتَ ملحمتي دروباً فالتهبتُ.. ورسمتَ أحلامي فأنجزتُ التبتُّلَ وانهمرْتُ.. هي حكمةُ القلبِ المثابرِ عبرَ تاريخِ الأمدْ، أنْ أرتديكَ إلى نهاياتِ الزمانْ، كيفَ ارتفعتَ إلى الأعالي مَرّةً، ثم انخطفتَ بينَ ثنياتِ الضبابْ.. وأنا هُنا متوحّدٌ بابتهالِكَ العلويِّ أجتازُ الصّعابْ!.
أيا سيدي.. دعني أوزّعْ مقلتيَّ على المدى فأُطَيِّرَ من رئتيّ ما رغبَ الفضاءُ واسكبْ دمي في كلِّ ثانيةٍ.. وغرّدْ ما رغبتَ على غصونِ تهدّمي.. كُنْ نبْضَ أغنيةِ الدّمِ فبغيرِ بوحِكَ لا تعانقني السماءُ… دعني أوزّعُ لونَ قلبي مثلَ هذي الشمسِ ولتنهلْ ينابيعَ الحبقْ دعني قليلاً كي تكفنني الدماءُ..
وأنا الذي رسمَ الطفولةَ فوقَ هذي الأرضِ وابتدأَ الشروقْ.. وأنا الذي وزَّعْتَهُ زهراً على هذي المدائنِ والقُرى.. أيكونُ بدايةَ المطافِ شتاؤنا؟ أيكونُ شيئاً غامضاً كالحزنِ أم فرحاً لمبتدأ النهارْ؟ أتكونُ مختصرَ الوجودْ؟ مرّتْ يداكَ على السهولِ فأزهرتْ، وعلى الشموعِ فأُشْعِلَتْ.. مرّتْ يداكَ على المآذنِ فاستفاقَ العابدونْ، وتنفسوا فرحاً فأشعلَتِ الرياحُ فضاءَهَا، وتوهجتْ قممُ الجبالِ بأبيضِ المطرِ الهتونْ. مرّتْ يداكَ على الوجيبِ فصارَ نبضاً ثم جاءَ العاشقونْ.
لي في الضراعةِ ما يتوّجُ راحتيَّ على البسيطةِ شعلتينْ: للحبِّ والصوتِ الحنونْ.. أيقظتُ قلبي وانخطفتُ إلى سمائكْ.. أشعلتُهُ ومشيتُ خلفَ لهيبه نحوَ ابتهالِكَ.. أعلنتُ أمطارَ الهدايةِ وانهطلتُ على ترابك.. ورَسَمْتُ فاتحتي وخاتمتي كما رغبتْ خطاي.. ودّعتُ كلَّ صغيرةٍ وكبيرةٍ فأضاءَني شوقٌ وورْدُ وهجرتُ زيفَ الجاهلينْ.. ورسمتُ نفسي في فضاءِ القلبِ، في ما لم يكنْهُ اللوزُ بَعْدُ.. وبدأتُ أخفقُ في فضائكْ.. وإليكَ تسري الخافقاتُ إلى فضاءاتِ الدعاء.. لا تبدأُ الطرقاتُ إلا من دروبكَ ثم لا تودي الرؤى إلاَّ إليكْ.. أودعتُ حبَّكَ في دمي مثلَ الطفولةِ فاستحلتُ مع المطرْ عشباً وزهراً كل عامْ، وأنا دموعُكَ واننثيالُكَ والمدى الممتدُّ حتى منتهاي.
حريتي أنتَ.. القصيدةُ والرحيلُ إلى الولادة، يا نخلةَ الأيامِ، يا أغنيّةَ القلبِ المشاكسِ، يا اشتعالَ الروحِ في وقتِ الإرادة… رتّبْتَ أزمنتي وأمكنتي وحدّدتَ التدفّقَ في الوريدِ، وكتبتني ما شاءتِ الكلماتُ ناضجةً وأسدلْتَ الغيومَ على الأفقْ، منكَ انطلاقي نحو مبتدأِ الزَّمنْ.. منكَ انطلاقي نحوَ خاتمةِ المحنْ.
