للريح ِقافيةٌ.. تكتبُها يابساتُ الأوراق
بقلم غسان عبد الله
أرسُمُ – كما الطفلُ – منارةً وبحراً
أُلوّن المنارةَ بالبنُّيِّ.. البحرَ بالأصفرِ….. أين السُّفن؟!
كما الطِّفلُ.. أستدرِجُ بحراً.. أُحرِقُ السّفنَ.. أرى ما يومضُ..
نارُ الحنينِ تشبُّ.. فكيف نمضي في ما نعتَقِدُ مِنْ إشاراتٍ يقتلنا السرابْ؟!
من قال إننا عبرنا بحراً..
أيها البحرُ.. مَنْ أثقل زبَدَ موجِكَ يا صديقي بهذا الحزن؟!
ستظلُّ تُطلِقُ نوارسَكَ لا يُرهقُكَ زخُّ المطرْ..
مثقلٌ بحمرةِ الغيابِ والشفقِ والشمسِ المحرقة.. ودمي بناركِ يشتعلْ!
أيتها الحروفُ.. أنامِلُكِ الطّفلةُ تصلّي معي، ترسُمُ لونَ الشجرْ..
فأدخُلُ دهشتكِ.. وترتادُني الصُّورْ
للريح ِقافيةٌ.. تكتبُها يابساتُ الأوراقِ في انحدارها،
ولكِ هسيسٌ يعمِّرُ بوابةً لفضاءِ العاشِقِ المُنتّظِرْ..
كلُّ حرفٍ يشدُّ الحبرَ للجنانْ
في كلّ قافيةٍ حنينٌ أو دعاءٌ أو صلاةْ،
كلّ سنبلةٍ مائدةٌ للطّير والنّملِ
في كلّ قافيةٍ وجيبٌ أو غناءٌ أو هديل..
وكلُّ عطشٍ يعلِّمُنا اختصارَ الزمانْ..
هل الريحُ في الصفصافِ كما الرّيحُ في الوردة؟!
ماذا تريد أيّها الفؤادُ؟!
تسبِقني حروفُي إلى ردهةِ الصلاةِ وبخوفي كنتُ أتوضأُ..
تحملني طفولةٌ قديمةٌ، وأحملُها..
فإذا مسَّني الشِّعرُ.. يحملُني رَهْطُ الفَرَاشِ إلى النّار
لكنني أترُكُ رماديَ وأطيرُ.. وحروفي تطيرُ..
“فبأيّ اتجاه إذاً؟!”
في خوفي تركُضُ غزالةٌ.. أركضُ في خوفها وأضلِّلُ الذئابَ وغيرَها!!!
لي قصيدةٌ تبُثُّ خفاياها، تحنو على جراحي…
فأبيحُ دماها على قارعتي.. وتختلطُ دمانا!!
لي ضلعٌ تنوءُ بحملها، وحلمٌ يفيضُ.. ولي حروفٌ تتوالدُ من حروف
فأذْبَحُ لها البياضَ وأُهيلُ عليها الصَّهيلْ!
لكلِّ وجدٍ قصيدتهُ ولكلِّ قصيدةٍ هطولْ..
وأنا الهالِكُ بينهما..
تعالي يا عصافيرُ في هبوبِ القصائدِ.. في انبعاثِ الهديلْ..
تعالي.. يراعي وليمةُ اليبابِ.. وروحي نميرُ القصائدِ..
وصمتُها الجليلْ..
تعالي يا عصافيرُ انقري أبجديةَ الصَّباحِ
واتركي، على سوسنِ القلبِ زقزقاتِ من ندى الروحِ
قليلاً من عشبِ القصيدةِ.. ليبابِ الحقولْ.
