حكومة سلام ترتكب الخطيئة الكبرى وتمهد للتطبيع مع العدو بدعم من خصوم المقاومة
بقلم محمد الضيقة
المشهد السياسي الداخلي ما زال غامضاً على الرغم من القرار غير الميثاقي الذي اتخذه مجلس الوزراء في اجتماع الخامس من آب في ظل غياب وزراء الثنائي الوطني، إلا أنه فيما لو لم يتم تدارك هذا الخطأ الذي لا يغتفر، قد يدفع لبنان نحو فوضى أمنية لا يعلم إلا الله كيف ستكون تداعياتها على كل المكونات اللبنانية، في الوقت الذي دُفع لاتخاذ هذا القرار يهدف إلى نقل المشكلة اللبنانية – الإسرائيلية إلى مشكلة لبنانية – لبنانية.
أوساط سياسية أوضحت أن ما أراده رئيس الحكومة نواف سلام يشبه إلى حدٍ كبير ما يطلبه العدو الصهيوني من فصائل المقاومة في غزة، أي سلمونا أوراق قوتكم وراقبوا ما سنفعله بكم.
هذا الإصرار من نواف سلام على تحديد مهل زمنية، وانقلابه على ما تم التوافق عليه بين الثنائي الوطني ورئيس الجمهورية يؤشر إلى أنه منذ البداية كان يخطط لتفخيخ مجلس الوزراء في جلسته التي قيل عنها أنها ستكون مصيرية، حيث أصر على نقاش الورقة الأمريكية التي لم يطلع عليها الوزراء إلا خلال الجلسة، وسانده في ذلك وزراء القوات والكتائب.
وكما يبدو – تقول الأوساط – أنه كان واضحاً منذ البداية أن هناك قراراً خارجياً أمريكياً وسعودياً لن يعترض رئيس الجمهورية على تنفيذه من دون أي تعديل، لافتة في هذا السياق إلى أن سلام اعتمد على مواقف القوات والكتائب الذين ساندوه، إضافة للوزراء المحسوبين عليه، حيث تم تجاوز ما طرحه الرئيس جوزاف عون في رسالة عيد الجيش.
واعتبرت الأوساط أن ما حصل كان مكيدة قد تدفع لبنان نحو المجهول، خصوصاً أن فريق سلام قد اعتبر أنه حقق انتصاراً على الثنائي الوطني.
وأكدت الأوساط أن الإصرار على طرح ملف حصرية السلاح على طاولة مجلس الوزراء في هذا التوقيت لا يخدم سوى الأجندة الأمريكية وأجندة الكيان الصهيوني، باعتبار أن ما عجز الطرفان عن تحقيقه في الحرب، تركوا للحكومة اللبنانية تنفيذه كتمهيد – حسب هذه الأوساط – إلى ترجمة الأجندة الأمريكية إلى واقع من خلال تمهيد الساحة الداخلية للتطبيع مع الكيان الصهيوني، هذا وفق الرؤيا الصهيو/أمريكية.
أما على الصعيد الداخلي فهناك قوى سياسية وخصوصاً القوات اللبنانية وحلفاؤها والتي لم تكن يوماً مع خيار المقاومة ضد الكيان الصهيوني، وجدت في المسعى الحكومي فرصة لتجييش الشارع ضد المقاومة، حيث استبقت اجتماع الحكومة بسلسلة مواقف تندرج كلها في سياق حروب التهويل والتضليل والتحريض، إلا أن هذه السياسة – تقول هذه الأوساط – قد تشكل مدخلاً لمحاولة تفجير الساحة الداخلية، وصولاً إلى فرض تنازلات على المقاومة عبر الضغط الدولي والإقليمي، وذلك من أجل الاستثمار فيها تحضيراً للانتخابات النيابية العام المقبل.
وختمت الأوساط أنه في ظل هذه الحقيقة البينة، هل أن قراراً يصدر عن مجلس الوزراء قادرٌ على إنهاء مسيرة المقاومة؟ وهل أن هذه الحكومة ستكون حاضرة وقادرة على تحمل مسؤولية حجم هذا القرار؟.
أسئلة برسم نواف سلام وليست موجهة لقوى سياسية محلية ارتضت منذ عقود أن تكون أداة بيد واشنطن والرياض وأطراف أخرى خارجية.
