حبر على ورق 509
بقلم غسان عبد الله
في المقام
لمقام السيدةِ زينب سأوجّه قلبي، أقولُ لربّي: هنا صلّى الشهيدُ ثمّ ماتَ، ومن يومِ ماتَ، متنا، وما بقينا، ومن قبله ما أخبرونا أن موتَ واحدٍ يعني ألفاً وأنّ ألفاً لا يعنونَ سوى نشرةِ المساءِ الخامسةِ، ومذيعةٌ تَقْتُلُ ما تبقّى من الألفِ سهواً برصاصٍ كاتمٍ للوجدِ، ولا تمهلنا/ تُهملنا، طرفةَ هدبٍ، ولا أقلّ من ذلك.
عابر أعمى
أطبقتُ شفاهي، أغمضتُ عينايَ، وقلت لعابرٍ أعمى انظر: حين يجيء دوري في قتلى النشرةِ أخبرني، فبكى من الحزنِ، ولأنّه لن يراني قتيلاً بكى أكثر.
موت.. وحياة
لكي أرثِيني…. فكّرتُ: يلزمُني أنْ أمُوتَ أكثرْ.. لا يستحقُّ الرثاءَ منْ يَمُوتونَ قليلاً.. وعليهِ قدّمتُ من عمري عشرينَ عاماً، وأخرى اقْترَضتُها من صديقٍ، وقلتُ له، سأستكشفُ الموتَ، هذا الذي يقولونَ عنهُ، إنْ كانَ خيراً فلك، وإن كان سوءً كُفيتَهُ، وسأمضي إليه وحيداً، وأُهاتفكَ، قالَ: لا تَتأخّرْ أرجوكَ لا أحبُّ الحياةَ وحيداً.
مات جوعاً
قالت أمّهُ له، لمَ لا تصوم الأواخر من شعبان، إنَّ الصومَ مفيدٌ للشبابِ، وِجَاءٌ للأعزبِ، وِعاءٌ للمثابِ، وكذلك القمحُ نادرٌ يا ولدي… وصامَ حتى الغروب.. وأسرّت له أمّه: لا تُفطرْ، فيحبطَ عملكَ الزاكي، كان داودُ عليه السلامُ ـ قلْ عليه السلام ـ يواصل الصومَ يومينِ، ثلاثة، فلا تفطرْ.. هل داوود عليه السلام أشبُّ منكَ وأنت الذي تزعم أنّك القويّ المتين؟؟.. وبكى.. كان أشبَّ من داوودَ، ولكنّه كان أكثر جوعاً.. ومات صائماً.. وعلى قبره كتبوا: شابٌ قويّ متينٌ، ماتَ جوعاً.
