تعالَ يا صديقي نغمزُ صفصافَةَ القدسِ
بقلم غسان عبد الله
يا صديقي:
كنتَ تطعِمُني الزهرَ من سوسنٍ بريٍّ..
وأسقيكَ من دَلْوِيَ المتكوِّرِ عُشبَ البراري.
وكنتُ أناوشُ في عاليات الزوابعِ وهماً مخيفاً سرى من نواحيكَ عبر الصحاري..
فتحرق جلدي الصحاري..
وكنتُ أوجِّهُ روحي إليك جهاراً وأترُكُ خاصِرَتي حسرةً في عيون الأعادي.
الْتفِتْ نحويَ الآن، تبصِرُ صدريَ يضلِّعُهُ الشوقُ..
إنّا هنا منذ خطَ الوجيبُ مساربَهُ وتماشى مع النبض،
حتى تحوّلَ ما بين دهرٍ.. ودهرٍ مواعيدَ لحنٍ شجيٍّ
وحتى تحوّل خفْقَاً حميماً ووجدانَ روح.. تنامى على جبهاتِ العصور..
فهل يستردُّ بنا الضوءُ لألاءه ويصلي صلاةَ المحبين.. يطوي، كما الطيرُ، آفاقَ أحلامِهِ..
يا صديقي تعالَ نضمُّ السرابَ الجميلَ، سيغدو على راحتَينا رقائقَ شَهْدٍ تَصَفّى
تعال لنطويَ جرحاً.. ونغلِقَ آلامَه بالوداد
ونُجْلِسَ قلبين، ضَمَّهما بَيْرَقٌ فوقَ عشبِ الضفاف.
تعال، معاً يا صديقي نشيِّدُ فصلاً جديداً ونقرأُ في صفحات الحياةِ غداً آتيا
****
فوق عشبِ الصلاةِ جلسنا تظلّلنا سعفُ النخيلِ.. نأكُلُ قطعةَ خبزٍ
وتمراً معاً ونقشِّرُ تفاحةً حلوةً، من سفوحِ الجليلِ تناهت إلينا.
فهيا معاً نَقْتَسِمْها.. فكانت لنا بَلْسَماً في الخلايا.
وحين رَسَمْنا على صادياتِ الهوى نكهةَ الياسمين.
اقترَبْنا.. اقتَرَبْنا.. فَمَدَّ لنا ضاحكاً راحَتَيْهِ الغمامْ.
فنشرب من راحتيه انتشاءً.. ونغمُزُ صفصافَةَ القدسِ
فتُطِيلُ إلينا العصافيرُ أعناقَها.. والبراعمُ فردوسَها من خلال الغصون.
فنُطْلِقَ أرواحَنا في الفضاءِ.. ونقرأ.. نقرأ في صفحات الحياةِ
ونَحْبِكُ منها غداً طيباً.. فيه تلهو الفراشاتُ بين ورود الأمان
ونخطُّ المدى أيقونةَ ابتداءٍ لأقصانا الجليلِ..
تُظلِّلُنا وُرُقُ الزيتونِ.. ونزنِّرُ شُجيرةً في شعابِ جباليا..
نُعيدُ صياغةَ خطابِ الدمِ بالأرجوانْ..
الْتفِتْ نحويَ الآن، تبصِرُ صدريَ يضلِّعُهُ الشوقُ.
إنّا هنا منذ خطَ الوجيبُ مساربَهُ وتماشى مع النبض،
حتى تحوّلَ ما بين دهرٍ ودهرٍ مواعيدَ لحنٍ شجيٍّ
وحتى تحوّل خفْقَاً حميماً ووجدانَ روح تنامى على جبهاتِ العصور..
فهل يستردُّ بنا الضوءُ لألاءَهُ ويصلِّي صلاةَ المحبين.. يطوي، كما الطيرُ، آفاقَ أحلامِهِ..
يا صديقي تعالَ نضمُّ الدعاءَ الجليلَ، سيغدو على راحتَينا روائعَ وجدٍ تجلَّى
تعال لنطويَ جرحاً.. ونغلِقَ آلامَهُ بالصلاة..
ونرسُمَ قلبين، ضَمَّهما كوكبٌ فوقَ ومضِ النجوم.
تعال، معاً يا صديقي نقرِّرُ لوناً جديداً للحياة
فقد تشابهتْ علينا الألوان..
تعالَ.. ونقرأُ في صفحات العمرِ غداً آتياً ونتركُ الذي فاتْ..
تعالَ نستسقي الروحَ ببعضٍ من البوحِ..
ونذرُفُ على أطلال الحزنِ ما تجودُ به العينُ من عبراتْ..
ونكتُبُ بالأحرفِ المعرِّشةِ على أرواحنا دواليَ فيءٍ..
قصةَ العشقِ العظيمِ في اللهِ.. ونستقطرُ غمامنا أدعيةً.. وصلوات..
تعال لنطوي جرحَنا على الجراحِ.. العاتيةِ..
نهمسُ في أُذنِ السماءِ.. حنانيكِ.. يا ظلَّ العمرِ.. حنانيكِ..
جودي علينا من البروقِ بومضٍ حميمٍ.. ومن الغيثِ طيَّ غمامكِ.. بضعَ قطراتْ.