استنفار يمني واسع لمواجهة التصعيد الأمريكي الإسرائيلي
بقلم نوال النونو
وصلت المواجهات اليمنية مع العدو الأمريكي الإسرائيلي مؤخراً إلى الذروة، ومعها يترقب الجميع الكثير من الاحتمالات التي قد تدفع نحو المزيد من التصعيد والانفجار.
في سياق التصعيد العسكري واصلت القوات المسلحة اليمنية الحفاظ على زخمها الناري باتجاه عمق كيان العدو، مستهدفة مناطق حيوية في “تل أبيب”، بالتوازي مع ضربات نوعية للبوارج وحاملات الطائرات الأمريكية في عرض البحر الأحمر، في مشهد يدل على احتدام المواجهات بين اليمن وأعدائه، وعلى إصرار يمني كبير على مواصلة إسناد غزة مهما كانت التحديات والمخاطر.
وفي ظل هذا العنفوان اليمني، يجد الأمريكيون والإسرائيليون أنفسهم في ورطة حقيقية، حيث يقفون عاجزين وفي حيرة للتعامل مع سطوة وبأس اليمنيين، لكنهم في المقابل يواصلون تجريب استخدام القوة العسكرية، آملين أن تجد نفعاً لإيقاف العمليات اليمنية المتصاعدة، ولهذا نفذ العدو الإسرائيلي يوم الخميس الماضي سلسلة غارات استهدفت العاصمة صنعاء، وركزت على استهداف مطار صنعاء الدولي، ومحطة حزيز الكهربائية، ما أدى إلى استشهاد 4 من موظفي المطار، كانوا متواجدين في برج المراقبة أثناء استهدافه.
وفي جزئية مهمة، فقد اختار العدو الإسرائيلي توقيتاً مناسباً يدل على مدى وحشيته واجرامه، حيث جاء القصف أثناء هبوط طائرة مدنية تقل مسافرين وصولوا للتو إلى المطار، ولولا ألطاف الله لحلت كارثة بالركاب، كما تم القصف أثناء وجود مدير عام مكتب الصحة العالمية الذي كان في زيارة لصنعاء، ويستعد لمغادرتها، فهي غارات أمام مسامع وأعين الأمم المتحدة، ومع ذلك لم يصدر عن هذه المنظمة بيان إدانة صريح ضد هذه الهجمات التي طالت أهدافاً مدنية.
وبالتزامن مع تلك الغارات كان السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يلقي خطابه الأسبوعي حول آخر التطورات والمستجدات في الساحتين اليمنية والإقليمية، وقد تطرق إلى الكثير من القضايا، ومنها العدوان الأمريكي الإسرائيلي على اليمن، مؤكداً أن “الردع الإسرائيلي فشل تجاه بلدنا على الرغم من الغارات العدوانية التي استهدفت منشآت مدنية في صنعاء والحديدة”.
الرد سريع والمباغت
وإذا كانت الغارات على صنعاء، قد رفعت منسوب النشوة لدى المسؤولين في الكيان المؤقت، فإن الرد السريع للقوات المسلحة اليمنية، قد ألجم المسؤولين الصهاينة، لا سيما وأن صنعاء استهدفت مطار “بن غوريون” بصاروخ باليستي فرط صوتي، وكذلك استهداف محطة كهربائية جنوبي القدس المحتلة بطائرة مسيرة، وذلك بعد ساعات من استهداف مطار صنعاء، لتثبت اليمن في هذه الحالة معادلة المطار بالمطار والكهرباء بالكهرباء، ولتؤكد للعدو الإسرائيلي أن اليمن لا يحتفظ بحق الرد على الإطلاق.
وعلى الرغم من توقف الغارات الصهيونية خلال أسبوع مضى على اليمن، إلا أن القوات المسلحة اليمنية استمرت في استهداف عمق الكيان، مستهدفة مطار “بن غوريون”، وأهدافاً حيوية وعسكرية للعدو، منها قاعدة “نيفاتيم” الجوية الإسرائيلية، في رسالة تحد، بعدم التوقف اليمني عن مساندة غزة، مهما كانت الغارات والطلعات الجوية للإسرائيليين.
وفي ظل العجز المطلق للعدو الإسرائيلي للتعامل مع اليمن، لم يتوقف الإسناد الأمريكي للصهاينة خلال الأيام الماضية، وفي الاعتماد على القوات الأمريكية هو سيد الموقف، غير أن اليقظة اليمنية كانت عالية جداً، فعين ترقب التحركات الإسرائيلية، وعين ترقب التحركات الأمريكية، ثم تأتي الضربات في الوقت والزمن المناسب، وهو ما حدث بالفعل مع حاملة الطائرات الأمريكية (يو إس اس هاري ترومان) نهاية العام الماضي في 30 ديسمبر كانون الأول 2024، حين تمكنت القوات المسلحة اليمنية من إفشال هجوم جوي أمريكي واسع كانت واشنطن تجهز له منذ وقت لاستهداف صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية.
وفي عملية استباقية جديدة، أطلقت القوات المسلحة اليمنية عدداً كبيراً من الطائرات المسيرة والصواريخ المجنحة أثناء تحضير القوات الأمريكية لشن هجوم جوي كبير على اليمن، حيث حققت العملية أهدافها بنجاح وتم افشال الهجوم الجوي بحسب بيان الجيش اليمني.
وضمن رصيد الإنجازات المتلاحقة، تمكنت القوات المسلحة اليمنية خلال الأيام الماضية من اسقاط طائرتين مسيرتين أمريكيتين من نوع MQ9 ، احداهما في أجواء في محافظة البيضاء يوم 28 ديسمبر كانون الأول 2024م، والثانية في أجواء محافظة مأرب في الأول من يناير كانون الثاني 2025م.
استكمال رفع الجاهزية القتالية
وعلى الرغم من التهديدات المتواصلة من قبل المسؤولين في الكيان المؤقت بتوجيه ضربات أقسى ضد اليمن، ومع تكثيف العدوان الأمريكي من ضرباته الجوية على العاصمة صنعاء، فإن القوات اليمنية لا تفضل رفع الراية البيضاء، بل أعلنت استكمال رفع الجاهزية القتالية لعدد من الوحدات العسكرية لمواجهة هذه التهديدات، في حين قال مصدر عسكري يمني رفيع لقناة “الميادين” إن في جعبة اليمن الكثير من الخيارات العسكرية، وأن العدو الأمريكي والبريطاني فشل في فك الشيفرة التقنية اليمنية، لافتاً إلى أن اليمن يمتلك أسلحة متطورة دقيقة وصممت لهزيمة وتجاوز أي دفاعات جوية في العالم.
وإلى جانب الاستنفار العسكري والجهوزية العالية، يعيش اليمن بأكمله حالة نفير عام، فالقبائل اليمنية نفذت خلال الأسبوع الماضي وقفات مسلحة حاشدة، معلنة استعدادها لخوض غمار المواجهة إلى جانب الجيش في أي معركة قادمة.
وأقيمت وقفات كبرى لقبائل طوق صنعاء، الأكثر تسليحاً، وتنظيماً (بني مطر، خولان الطيال، أرحب، مناخة، سنحان، نهم، وغيرها) والتي كان لها الدور الكبير في السنوات الماضية في مواجهة العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، وكان لها دور كبير في إنجاح ثورة 21 سبتمبر عام 2014م.
كما أقيمت وقفات قبلية في محافظات: (صعدة، والجوف، والضالع، والحديدة)، وغيرها من المحافظات، في رسالة حملت الكثير من الدلالات والرسائل، وفي مقدمتها أن القبيلة اليمنية المشهورة بعنفوانها وأصالتها ستقف إلى جانب الجيش في أي معركة فاصلة مع الأعداء، وستفشل أي محاولات لعملاء ومرتزقة العدوان السعودي للتحرك ضد اليمن خدمة للأمريكي والإسرائيلي.
في المجمل، تؤكد القيادة الثورية والسياسية والعسكرية اليمنية، عدم التوقف عن مساندة غزة، إلا إذا توقف العدوان والحصار الصهيوني على القطاع، وهي ثابتة على موقفها الواضح والصلب، ولا يمكن أن تتراجع عنه على الإطلاق، وهي تتجه وفق المؤشرات للدخول في المرحلة السادسة من التصعيد، وهذه المرحلة كما يقول الكثيرون إذا ما وصلت إليها اليمن، فإن الضربات ستكون واسعة ومؤلمة على الإسرائيليين والأمريكيين، وقد تؤدي إلى تفجير حرب أوسع وأشمل، وهو السيناريو المتوقع أن يحدث خلال الأيام المقبلة.