إقليميات

خطّ برّي بديل لإسرائيل عبر دول عربية متواطئة!

بقلم زينب عدنان زراقط

بما أن نصر المقاومة الفلسطينية قد بُصِمَ له بالعشرة، وحرب “غزّة” سوف تعود بالعزّة على محور المقاومة مُثمرةً بحلٍّ يشمل المنطقة، من رأس “الناقورة” – لبنان شمالاً إلى “صنعاء” – اليمن جنوباً، في مفاوضاتٍ أمست عند خواتيمها.

كان لـ “حزب الله” فيها حصة إثارة “رُعبَ الشمال” في الكيان الصهيوني وحصاد ضربَ فيه كُل مراكز وأجهزة العدو تحديداً في المناطق المتاخمة للحدود. أمّا عن “يَمَن” العنفوان، الذي كان السُلطان الحارس للبحر الأحمر مانعاً وطأة قدم الأمريكي والصهيوني فيه، ما شلَّ ملاحة الإسرائيلي وخسرَ أهم صفقاته التجارية.

إلى العراق الذي أعلنها جهاراً بأن “الدعم الأمريكي لإسرائيل” يُقابله إدراج “جميع المصالح الأمريكية” بالمنطقة كـ “أهداف مشروعة” فنالوا بالطائرات المسيرة والصواريخ البالستية القواعد الأمريكية الموجودة في العراق وسوريا وصولاً إلى الأردن ما أوجع الأمريكي جداً ولوى ذراعه.

إنّ مجد المقاومة “ما له من نفاذ”! وبالغنى عن دليل يدلّ عليه… وإنما عارُ التخاذل والتواطؤ مع العدو يحتاج للإشارة بالبنان عليه! فأين بقية الدول العربية وماذا صنعوا؟ ما هو موقف كل من “المملكة العربية السعودية” و”الاردن” و”الإمارات” و”البحرين” و”مصر” تحديداً من “مأساة غزّة”…؟

استنكار غربي من خيانة العرب

بدايةً مع استبيان عالمي ومُفارقة، حيث حظيت القضية الفلسطينية بدعم كبير داخل الجامعات الأمريكية، مقارنة بالرياض أو دبي، فقد كان بإمكان السعودية إعلان مقاطعة نفطية للضغط على أمريكا وبريطانيا وحلفاء إسرائيل الآخرين، كذلك الإمارات التي كان بإمكانها قطع علاقاتها مع إسرائيل، لكن لم يحدث أي من هذه الأشياء؛ حسب صحيفة شيكاغو تريبيون.

وتستطرد الجريدة، أنه كان “من الواضح أنهم ينظرون إلى حماس باعتبارها تهديداً لاستقرارهم، وتصرفهم عن أمور مهمة، مثل دوري كرة القدم ورياضة الغولف، والنجوم العالميين، وهم يدركون جيداً بأن انهيار السياحة والأعمال الدولية المرتبط بالحرب ضد غزة، تضر بمشاريعهم”. لتختتم الخبر بأن “الحكومة السعودية تلوح بجزرة التطبيع مع إسرائيل، من خلال فم وزير الخارجية، فيصل بن فرحان؛ بتمويل إعادة بناء غزة، ويقولون إن ذلك يتطلب التزاماً إسرائيلياً بإقامة دولة فلسطينية أيضاً”.

حتى أمسى التطبيع السعودي خبراً أُعتيد تداوله ويمرُّ بالأخبار المستجدّة والمتداولة دون تكلّف، وفي القضية مُساومة وفرصة انتهازية، أوضحته “مجلة نيوزويك الأمريكية” التي نشرت غاية الأمريكي الاستغلالية للتعنّت الإسرائيلي، “لا تصدقوا إدارة بايدن؛ فالصراعات في غزة واليمن مترابطة، إذ يسافر بريت ماكغورك، كبير مستشاري البيت الأبيض إلى الشرق الأوسط؛ على أمل استئناف محادثات التطبيع المحتمل بين السعودية وإسرائيل، كحافز لنتنياهو لبدء عملية تفاوض جادة بشأن إقامة الدولة الفلسطينية”.

طريق الشحن الجديد لإسرائيل

إن ما تقوم السعودية والأردن معهما الإمارات والبحرين ومصر أيضاً بمساعدة إسرائيل لمرور البضائع من وإلى إسرائيل، تفادياً للتهديد اليمني في البحر الأحمر، يمثّل خيانة عُظمى، وتخاذُلاً عربياً سيترك بصمته السوداء محفوظة بالتاريخ، ممهورةً على جبهاتهم الخانعة والخاضعةِ للولايات المتحدة الأمريكية.

ففي وقتٍ قد اعتادت سفن شحن الحاويات التي تجلب السلع إلى الكيان المؤقت، الدخول من مضيق باب المندب إلى البحر الأحمر ومنه إلى ميناء إيلات، أو قناة السويس المصرية، ومن ثم إلى ميناء أسدود أو حيفا، فقد بات مُستحيلاً بعد 7 أكتوبر والأحداث الأخيرة. وكان من الجليّ التأكيد أنّ اقتصاد الكيان المؤقت تأثر تأثّراً بليغاً، وذلك وفقاً لما يصدر عنهم من تصريحاتٍ وما تتداوله المصادر الإسرائيلية، فكان قلب الخونةِ من العرب لا على الأطفال الذين يُذبّحون بالإجرام الإسرائيلي بل على كيفية مدّ وتمويل الكيان الغاصب بما يلزمه لاستمرار العدوان الصهيو – أمريكي على “غزة”.

تمّ توثيق عملية النقل بالصوت والصورة، وتداولت الفيديوهات بشكلٍ قاطع وفاضح، حيثُ تقوم شركات إسرائيلية بتفريغ البضائع في موانئ البحرين ودبي وتحميلها على شاحنات سعودية وأردنية تشق طريقها براً إلى إسرائيل عبر معبر الملك الحسين الحدودي. الشركات الإسرائيلية تلقت المساعدة من دول الخليج، بعد أن وجدت حلاً لفك الحصار في توريد البضائع، بالتنسيق مع المبعوث الإسرائيلي إلى البحرين، إيتان نافيه. وكشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، إن “شركات الشحن الإسرائيلية وجدت طريقة مبتكرة للتحايل على الحصار البحري الذي يفرضه الحوثيون على إسرائيل”، موضحة أنه بدلاً من دوران السفن واتخاذها مسار رأس الرجاء الصالح في القرن الأفريقي للوصول إلى فلسطين المحتلة عبر طريق طويلة ومكلفة، تقوم شركات الشحن “الإسرائيلية” بتفريغ حمولتها في موانئ الخليج العربي ومن هناك يتم نقلها إلى الكيان المحتل بالشاحنات عبر السعودية والأردن.

وأشارت إلى أن شركات الشحن الصهيونية تتحايل على الحصار البحري المفروض من قبل اليمنيين على الكيان الصهيوني، من خلال توجيه السفن من الشرق إلى موانئ البحرين ودبي ليتم نقل البضائع منها بالشاحنات عبر السعودية والأردن إلى الأراضي المحتلة، لافتة إلى أن “عشرات الشاحنات وصلت الشهر الماضي إلى اليابسة وجلبت البضائع التي كان من الممكن أن تصل في السابق عبر البحر الأحمر”.

وبحسب الصحيفة فإن شركة Mentifield Logistics للشحن والخدمات اللوجستية الصهيونية، قد وجدت الحل الأقصر والأقل تكلفة لنقل البضائع إلى إسرائيل؛ المُتمثّل بممر عبر السعودية ومن هناك براً إلى الأردن، ومن ثمَّ إلى إسرائيل. وبالتنسيق مع سفير الاحتلال في البحرين، إيتان نيه، يتم توجيه السفن من الصين والهند إلى موانئ البحرين ودبي حيث يتم تفريغ البضائع وتحميلها على شاحنات سعودية وأردنية ونقلها براً من الخليج العربي عبر السعودية والأردن إلى جسر الملك حسين، وإفراغها مرة أخرى إلى الشاحنات “الإسرائيلية” لتنقلها إلى داخل كيان الاحتلال.

قال أحد المستوردين الإسرائيليين، “هناك جانب سياسي مثير للاهتمام لهذا الأمر ولفتة طيبة من السعودية والأردن، هناك الآن المزيد من الشاحنات التي تقوم بالرحلة البرية والعدد يتزايد بسرعة مذهلة”. كما قال الرئيس التنفيذي للشركة إيلحنان فريدمان، “الطريق البري عبر السعودية، يعتبر اختراق اقتصادي وتاريخي يجسّد التعاون التجاري بين إسرائيل والدول العربية، في الحرب ضدّ محور الشرّ”. وهناك شركة أخرى تنشط في الجسر البري العابر للبحر الأحمر، وهي شركة تراكنيت، التي وقعت مؤخراً اتفاقية مبدئية مع شركة مصرية تسمح باستخدام المعابر الحدودية “الإسرائيلية” لنقل البضائع عن طريق البر، من ميناء دبي، عبر السعودية والأردن إلى الاحتلال، ومن هناك عبر البحر الأبيض المتوسط أو براً إلى مصر، مصر التي أغلقت معبر “رفح” في وجه الفلسطينيين وساهمت في نقل الحمُولات إلى الاحتلال الإسرائيلي بل والأفضح من ذلك كلّه بلطجة المخابرات المصرية التي تفرض إتاوات مقابل السماح بدخول المساعدات لغزة بقيمة تُقدّر بـ “5 آلاف دولار عن كل شاحنة” حسب موقع ميدل إيست آي. أمّا عن الأردن التي أدانت ضربة المقاومة العراقية على موقع متقدم عند الحدود مع سوريا والذي كان قد أسفرَ عن مقتل 3 جنود أمريكيين، موضحاً “الناطق باسم الحكومة الأردنية”، بأن “القتلى والجرحى الأمريكيين من القوات التي تتعاون مع الأردن في مواجهة خطر الإرهاب وتأمين الحدود”.

ختاماً، يتصارع بشكل مستمر أقطاب الطيف السياسي في حكومة نتنياهو والمجلس المصغّر، والخاسر الأول في الصراع هو نتنياهو، وسط مفاوضات عقدت في باريس نهار الأحد الفائت سعت من خلالها الولايات المتحدة إلى توحيد مقترحات الجهات المفاوضة ضمن سعيها إلى انتشال الكيان من مآزقه السياسية والعسكرية. فهل نحن في صدد إبرام صفقةٍ فعلية لدولةٍ فلسطينية إذا ما تمت المفاوضات؟ وهل يؤسفُ على دولةٍ أعلنت صهيونيتها جهراً بالتطبيع مقابل استرجاع الأرض!.