حبر على ورق 426
بقلم: غسان عبد الله
دعوة…
غَابَةٌ، خَلْفَ تِلكَ القُرَى كنتُ أتبْعها، فتَفرُّ، أُداهِمُها، فتفزُّ طيورٌ ملوَّنةٌ، وظِلالْ… غابَةٌ لا تُرَى… كُلَّما تهبطُ العَتَماتُ، تخضُّ دمي وتصيحُ: تَعالَ… تعالْ.
جَمْرَةٌ أُخرى
لا بُدَّ مِنْ وَقْتٍ، يَرُجُّ البحرَ فيَّ، أنا الذي أطْلَعْتُ وَعْدَ الموج في حَجَرٍ، وسقْتُ البَرْقَ للإزميل، كيف تَشَابَكَتْ من حوليَ الأزمَاتُ، كيفَ البرقُ يمرقُ، من يَدِي؟!… لا بُدَّ من أفقٍ، يُقَرِّبُ فيَّ صُوَّاناً لِصُوَّانٍ، فأُمْسِكُ جَمْرتَي الأُخَرى، وأُطْلِقُ فَرْقَدِي…
منفى..
أَعَلَيَّ أَنْ أَدْنُو إِلَيَّ، لِكَيْ أَفرَّ الآنَ مِنّي؟!… أَعَلَيَّ أَنْ آوِي إلى جَسَدِي، وأَسْكُنَ في خُطَايْ.. لأَصُدَّ عَنيَّ؟!.. مَنْفَايَ فِيَّ، وليَس في المنفى سِوَايْ.
حلم
شيءٌ آخر.. هَدَأَ العَصْفُ، جسمي يُغادِرُ قَلْعَتَهُ الحَجَريَّةَ، لا شبَحٌ يَتَجَسَّدُ، لا غصَّةٌ، لا حَفِيفْ… زَهَرٌ يتناثَرُ فوقَ الوسادةِ، هذا النعاسُ الأليفْ… لحظةً، وتفيضُ على جَسَدِي رَغْوَةُ النوم، تَصْعدُ من بِئْرِ ذاكرتي، صُوَرٌ… ثُمَّ تَنْحَلُّ.. أجْنَحِةٌ… ثُمَّ تَنْأَى، وتنأَى.. أنا الآن أحلمُ، لكنَّ شيئاً سيبقى يُثَرْثرُ في الرأسِ، شيءٌ بِحَجْمِ هديرِ دمي، وصَفيرِ الفراغِ المُخيفْ.
جَحيمُ الكَلام..
في غَابَةِ الصَّمْتِ، وَحِيداً أَصيحْ: خَطْوِيَ، خَطْوُ قُنْفُذٍ، وَصَرْخَتي، قَبْضُ رِيحْ.. يَمُرُّ عَامٌ، وَعَامْ.. وَالصَّدَأُ الثقيلُ، فَوْقِي، رُكَامْ.. ها أَنَذَا أَشْتَرِي.. بِجَنَّةِ الصَّمْتِ، جَحِيمَ الكلامْ.
