حفل التجمع في ذكرى الإسراء والمعراج 1445هـ
﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾
أحياءً لذكرى الإسراء والمعراج ومواكبة للانتصار الإلهي لمحور المقاومة على العدو الصهيوني في ملحمة طوفان الأقصى أقام تجمع العلماء المسلمين مهرجاناً سياسياً حضره حشد كبير من العلماء والشخصيات.
وتحدث فيه كل من: رئيس المجلس السياسي في حزب الله سماحة السيد إبراهيم أمين السيد وعضو القيادة السياسية لحركة حماس في لبنان الأستاذ بسام خلف ورئيس الهيئة الإدارية في تجمع العلماء المسلمين سماحة الشيخ الدكتور حسان عبد الله. وجاءت الكلمات على الشكل الآتي:
كلمة رئيس الهيئة الإدارية سماحة الشيخ الدكتور حسان عبد الله:
الحمدُ لله رب العالمين، والصلاةُ والسلامُ على سيدنا محمدٍ الصادقِ الوعدِ الأمين وعلى آله الطيبينَ وأصحابهِ الأخيارِ المنتجبين أيها الإخوة المؤمنون… لا بد من أن نقفَ عند ذكرى الإسراءِ والمعراجِ والمبعثِ النبويِّ الشريفِ على المعاني العظيمةِ لهذهِ الذكرى فلقدْ حملتْ من المعاني أموراً كثيرةً يحتاجها العاملونَ في سبيل الله فلقدْ جاءت أولاً كتسليةِ لرسولِ الله بعد الأذى الذي تعرّضَ له وأصحابُهُ من مشركي مكةَ وبعد أن اشتدتْ عليهِ المحنُ، حينما تُوفيَّ عمُّهُ أبو طالب، وتُوفيَّ أقربُ الناسِ إليه، عندئذٍ أسرى اللهُ به منَ المسجدِ الحرامِ إلى المسجدِ الأقصى، ومن المسجدِ الأقصى عُرِجَ به إلى السماءِ، في السماءِ رأى من آياتِ ربّه الكبرى.. ﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17)﴾.
إذن، كي تكونَ تسليةً له ودافعاً لخوضِ المصاعبِ الجمّةِ التي سيتعرّضُ لها في قابلِ الأيام. هذا من ناحيةٍ ومن ناحيةٍ أخرى فقد أسرى بهِ اللهُ عزَّ وجلّ للمسجدِ الأقصى لحكمةٍ نحن نُدرِكُها اليومَ أكثرَ من أيِّ يومٍ مضى فقد اقتضتِ الحكمةُ الإلهيةُ إبرازَ أهميةِ المسجدِ الأقصى كي لا يفرِّطَ المسلمونَ بالقيامِ بواجبِهم تُجاهَ حفْظِهِ وحمايتهِ وصونهِ من الاعتداءاتِ بل أكثرَ من ذلكَ أكّدَ اللهُ عزَّ وجلَّ لنا أن هذِه الأهميةَ لا تنحصرُ بالمسجدِ نفسِهِ فهو عنوانٌ اختصرَ عناوينَ متعددةً وجعلَ بركَتَهُ تعمُّ ما حولَهُ لتصبحَ كلُّ الأرضِ المحيطةِ أرضَ بركةٍ يجبُ الحفاظُ عليها وحمايتُها فقال: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (الاسراء:1) معنى أن الله أسرى بخير خلقِهِ إلى هذهِ البقعةِ الطاهرةِ هو تقديسٌ لهذهِ البقعةِ ومعنى أنه باركَ حولها إن هذا التقديس يشملُ كلَّ المحيطِ وبمعنى أكثرَ تحديداً أن بلادَ الشامِ بأجمعها بلادٌ مباركةٌ وأن تدنيسَ العدوِّ الصهيونيِّ لها من خلالِ احتلالِها يجعلُنا إن لم نَقمْ بواجبِنا تُجاهها مأثومينَ ولا نستحقُّ أن نكونَ من خيرِ أمةٍ أُخرِجَت للناس.
وقد يدّعي البعضُ أننا ضعافٌ لا نمتلكُ قدرةَ تغييرِ الواقعِ ووراءَ الكيانِ الصهيونيِّ مَنْ وراءَهُ من الولاياتِ المتحدةِ الأميركيةِ وأوروبا والدّولِ العربيةِ التي صالحتِ العدوَّ سراً وعلانيةً ورضِيَتْ به صديقاً وحليفاً بلْ في بعضِ الأحيانِ حامياً وضامناً لكراسي الحكّامِ فيها ونحن نقولُ: إن أصحابَ النبيِّ عليِه وعلى آلهِ الصلاةُ والسلامُ على قلَّتِهم كانوا هداةً للأمم، وملكوا المجدَ من أطرافِهِ بينما المسلمونَ على كَثْرتِهم، وهم يعدّون مليارَي لا وزنَ ولا قيمةَ لهم. لقد سادَ رسولُ الله وأصحابُهُ الكونَ بفضلِ إيمانهم وتمسُّكِهم بالدينِ الحنيفِ والدعوةِ لسبيلِ الله بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ والجهادِ في سبيلِ الله على الأسسِ الإسلاميةِ لهذا الجهادِ الذي لا يرتَكِبُ فيه المجاهدونَ مخالفاتٍ لسننِ الجهادِ من عدَمِ البدءِ بالقتالِ والدعوةِ للإسلامِ وعند النصرِ لا يُجْهِزوا على جريحٍ ويعاملوا الأسيرَ بالحسنى ولا يهدِموا دوراً ولا يُحرقوا شجراً ولا يقلعوا نباتاً، ونحن اليومَ نرى نموذجاً من هذهِ النخبةِ في تعاملِ مجاهدي المقاومةِ الإسلاميةِ في فلسطينَ مع الأسرى الصهاينةِ، في حين أن الصهاينةَ يرتكبونَ أبشعَ المجازرِ ويعتدونَ على كلِّ الحُرُماتِ فلم تَسْلَم منهم دورُ العبادةِ ولا الأطفالُ والنساءُ والشيوخُ ولا المستشفياتُ، بل إنهم يرتكبونَ إبادةً جماعيةً بكلِّ ما تعنيهِ الكلمةُ من معنى.
نحن اليومَ نرى أكثرَ الناسِ غارقينَ في شهواتِهم، غارقينَ في تجاراتِهم، غارقينَ في أعمالِهم، غارقينَ في أهوائهم، غارقينَ في ملذّاتهم، لو كُشِفَ لهمُ الغطاءُ لأراهمْ خسارَتهم، لوجدوا أنهم في خسارةٍ لا تعوَّضُ، لذلك ونحن لا نزالُ أحياءً وقبلَ أن يفوتَ الأوانُ، الإسراءُ والمعراجُ يذكِّرنا بأن أثمنَ شيءٍ في الدنيا أن تعرِفَ الله، فإذا عَرِفْتَهُ كَشَفَ اللهُ على بصيرتِك، فزادَكَ هدىً..
﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13)﴾ (سورة الكهف)
نحن اليومَ نقفُ أمامَ تحدٍ كبيرٍ في أن نعيدَ فلسطينَ لتكونَ فعلاً قضيةَ المسلمينَ الأولى وندعو لأن تكونَ وحدةُ الأمةِ الإسلاميةِ الطريقَ الأقصرَ لتحقيقِ تحريرِ فلسطين وأن ننتبهَ لمخططاتَ العدوِّ الصهيونيِّ الذي لا يسكتُ على هزيمةٍ ونحن نعيشُ أجواءَ ذكرى انتصارِ الثورةِ الإسلاميةِ في إيران ويومَ شهيدِ حزبِ الله الذي كان سببَ الانتصارِ في أيار عام 2000 يجب أن نعرفَ أن العدوَّ الصهيونيَّ لم يتوانى لحظةً منذُ ذلكَ التاريخِ عن التخطيطِ للردِّ فكانت حربُ تموزَ وهُزِمَ مرةً أخرى وانتصرَ محورُ المقاومةِ فأعادَ التخطيطَ من جديدٍ وتحت ستارِ الربيعِ العربيِّ استغلَّ صحوةَ أمّتِنا الإسلاميةِ وأدخَلَنا في مشاريعِ فتنةٍ وفتحَ الحربَ على واسطةِ عُقدِ المقاومةِ سوريا الذي ظنَّ أنه يستطيعُ إنهائها كما انتهتْ أنظمةٌ أخرى في العالمِ العربيِّ ولكنهُ هُزِمَ مرةً أخرى نعم لقد هُزِم المشروعُ الصهيونيُّ في سوريا وانتصرَ محورُ المقاومةِ وإذا ما أكتملَ هذا النصرُ بتوجيهِ الصحوةِ الإسلاميةِ توجيهاً سليماً من خلالِ الالتزامِ بوحدةِ الأمةِ والتّمسُّكِ بمقاومتِها فلن يستطيعَ العدوُّ الصهيونيُّ تنفيذَ مشروعِهِ الهدّامِ وسنكونُ قد وضعنا الرِّجْلَ الأولى على طريقِ تحريرِ فلسطينَ كلِّ فلسطينَ بالمقاومةِ لا بالمساومة.
اليوم وبعد أن هُزِمَ العدوُّ الصهيونيُّ في 7 تشرين الأول شرَّ هزيمةٍ ولم يستطعْ حتى اليوم تحقيقَ أيِّ إنجازٍ، وقد دَخَلْنا في الشهرِ الخامسِ للعدوانِ دون أن يحقِّق أي إنجاز فإنهُ وبعدَ فرضِ وقفِ إطلاقِ النارِ عليهِ سيعمَدُ إلى ردِّ الاعتبارِ من خلالِ السّعيِ للفتنةِ من جديدٍ لتقسيمِ الأمةِ وإضعافِها ومنعها من الاستفادةِ من نجاحِها كي لا يكونَ ذلك سبباً لزوالِ الكيانِ الصهيوني، لذا علينا أن ننتبهَ لهذا الأمرِ ونكونَ على أهُبّةِ الاستعدادِ خاصةً العلماءُ والنّخبُ لإخمادِ نارِ الفتنةِ في مهدِها وإعدادِ العُدّةِ للمنازلةِ الكبرى التي ستكونُ سبباً لزوالِ الكيان الصهيوني.
وهنا يهمنا في تجمع العلماء المسلمين أن نؤكد على الأمور التالية:
أولاً: نعلنُ تأييدَنا للمقاومةِ الإسلاميةِ والوطنيةِ في فلسطينَ بكلِّ فصائلها وعلى رأسِها حركَتَيْ حماس والجهاد، ونحنُ على قناعةٍ تامةٍ بأن النصرَ سيكونُ حليفَها وسينتهي الأمرُ بإذعانِ العدوِّ الصهيونيِّ للشروطِ التي أعلَنَتْها، فلا وقفَ لإطلاقِ النارِ قبلَ الانسحابِ الكاملِ للعدوِّ الصهيونيِّ من غزةَ، ووقفٍ دائمٍ ومستمرٍ وشاملٍ لإطلاقِ النارِ وفتحٍ للمعابرِ الحدوديةِ لمرورِ المساعدات، ثم بعد ذلكَ يبدأُ التفاوضُ لإطلاقِ الأسرى على قاعدةِ الكلِّ مقابلَ الكلِّ وحولَ كيفيةِ إعادةِ البناءِ لما دمّرَتْهُ الحربُ، أما ماهيةُ السلطةِ بعدَ الحربِ فهذا أمرٌ بيدِ الفلسطينيينَ فهم وحدَهُم من يملكونَ حقَّ تقريرِ ذلك.
ثانياً: نحن ندعو محورَ المقاومةِ للاستفادةِ من معركةِ طوفانِ الأقصى لتمتينِ أواصرِ العلاقةِ بين أطرافِهِ وتشكيلِ غرفةِ عملياتٍ موحّدةٍ وجيشٍ واحدٍ يكونُ على جهوزيةٍ تامةٍ لمعركةِ التحريرِ الكبرى.
ثالثاً: نحن ندعو محوَرَ المقاومةِ إلى مواجهةِ العدوانِ الأمريكي- البريطاني على سوريا والعراقِ واليمنِ ونعلنُ وقوفَنا معهم في مواجهتهم لمحورِ الشرِّ الأميركيِّ الصهيونيِّ وسيكونُ النصرُ حليفَهُم بإذنِ الله سبحانه وتعالى.
رابعاً: نحيي المقاومةَ وسيِّدَها سماحةَ حجةِ الإسلامِ والمسلمينَ السيد حسن نصر الله ومجاهديها وشهدائها وجرحاها على طريقِ القدس وندعوها لتطوير إمكاناتها اللوجستيةِ والتسليحيةِ فهي ضمانةُ حمايةِ لبنانَ من أيِّ تهوّرٍ أو مغامرةٍ مجنونٍة من الكيانِ الصهيونيِّ والسبيلُ الوحيدُ لتحريرِ ما تبقّى من أراضينا ولصيانةِ سيادتِنا الوطنيةِ ولحمايةِ أرضِنا ومياهِنا وأجوائنا من الاعتداءاتِ الصهيونية”.
كلمة عضو القيادة السياسية لحركة حماس في لبنان الأستاذ بسام خلف:
بعد 125 يوماً لم يتوقف هذا الاحتلال النازي عن ارتكاب أبشع المجازر التي يندى لها جبين الإنسانية بحق المدنيين العُزل، أغلبهم من الأطفال والنساء والمسنين، وحوَّل البقية إلى نازحين يفتقدون لأبسط مقومات الحياة الإنسانية ودمر المنازل والممتلكات والبنى التحتية بشكل وحشي. ستبقى هذه الحرب النازية شاهداً على وحشية الاحتلال ووصمة عار على جبين كل المشاركين فيها والمتخاذلين عن تجريمها ووقفها. جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي تجري أمام سمع وبصر العالم الذي يقف متفرجاً ومتقاعساً وعاجزاً عن وقف مسلسل الإجرام الصهيوني المدعوم من الإدارة الأمريكية الشريكة والمسؤولة عن استمرارها. نطمئن الغيورين على فلسطين أن المقاومة كما لم تخذلهم في الميدان لن تخذلهم في المفاوضات ولن ترضى بأقل من وقف إطلاق للنار وتبييض السجون وإعادة الإعمار ورفع الحصار. ستبقى الحركة في كل المحطات وفية لتضحيات شعبنا وخادمة لتطلعاته ونضاله. نحيي محور المقاومة الذي هبَّ نصرة للمقاومة في غزة، التحية للمقاومة الإسلامية في لبنان والعراق وسوريا واليمن الذين وقفوا بحق مع غزة وقوفاً حقيقياً ودفعوا من أجلها أثماناً باهظة، التحية للجمهورية الإسلامية الإيرانية التي قدمت لنا كل أشكال الدعم، التحية لكل شريف وقف إلى جانب أهلنا في فلسطين، التحية لأحرار العالم الذين خرجوا في المظاهرات نصرة لأهلنا في غزة ولوقف العدوان الغاشم، التحية لجنوب أفريقيا التي رفعت شكوى الإبادة بحق شعبنا… عشتم وعاشت فلسطين.
وأختتم المهرجان بكلمة رئيس المجلس السياسي في حزب الله سماحة السيد إبراهيم أمين السيد:
تجمع العلماء هو ليس أول مرة، هو سباق في كل المناسبات، في كل التحديات التي لها علاقة بفلسطين. أيضاً هذا الحفل هو من جملة النشاطات التي يقوم بها تجمع العلماء المسلمين في الارتباط والانتماء والدعم والتأييد لقضية فلسطين ولقضية القدس وتحرير فلسطين والقدس أيضاً، وهنا أقول إن هذا اللقاء هو نوع من الإسراء إلى المسجد الأقصى خصوصاً في هذه الظروف وفي هذه المعركة. هذه مقدمة صغيرة من باب التبرك بمناسبة الإسراء والمعراج.
فيما يجري في فلسطين اليوم من بعد 7 تشرين يعني بعد طوفان الأقصى، الباحثون، المفكرون، المحللون ومراكز دراسات في العالم، الدول في العالم، المهتمون في الشأن السياسي والمراقبون للأحداث التي تجري في فلسطين، هناك محاولات كثيرة حاولت أن تقرأ سواء أسباب طوفان الأقصى أو نتائج طوفان الأقصى أو أهداف طوفان الأقصى أو تداعيات طوفان الأقصى، أنا سأختار بعض النقاط التي من جهتي اعتبرها أساسية واعتبرها مهمة على هذا الصعيد.
النقطة الأولى، لها علاقة بتأسيس الكيان الصهيوني، لقد تأسس هذا الكيان قبل ما يقارب الـ 75 عام. لكن بضمانات كبرى وعالية جداً، ضمانات دولية، وبشكل غير علني وبشكل خفي ضمانات إقليمية أيضاً، وهذه الضمانات هي ضمانات أمنية وضمانات عسكرية يعني تسلح لتزويد إسرائيل بكل ما تحتاجه عسكرياً لوصول إسرائيل إلى مرحلة التفوق العسكري في المنطقة. أساس الكيان هو الأمن، هو الأمن والاستقرار وزود بكل هذه الأسلحة من أجل الأمن والاستقرار. ما جرى كما يقول الإسرائيليون أنه هذا كسر وهدم هذا البنيان الصهيوني، البنيان الأمني، وهم يقولون. أننا نحن في طور الزوال وأيضاً يقولون إن المعركة التي نخوضها اليوم في غزة هدفها استعادة، يعني إعادة تأسيس الكيان الصهيوني من أجل استعادة الأمن، هكذا يقولون.
النقطة الثانية، هو إحياء قضية فلسطين، نحن مطلّعين بنسبة كبيرة على ما يقولونه الإخوة في حماس والجهاد، لكن خصوصاً الإخوة في حماس على هدف طوفان الأقصى، من جملة الأهداف ماذا؟ هم يقولون إنه إذا رجعنا قليلاً للوراء لنرى أين أصبحت القضية الفلسطينية، أصلاً الأميركيون ومراكز الدراسات والمفكرون الأميركيون يقولون إن الحل في فلسطين، أن نضع فلسطين على رفوف الإهمال والنسيان، انتهى، تموت هذه القضية.
النقطة الثالثة، الذي له علاقة بالإهمال هو إيصال الشعب الفلسطيني إلى اليأس من إمكانية الحل بما يتناسب مع حقوق الشعب الفلسطيني. يصبح هذا الشعب يأساً، وحينما يصل إلى اليأس فيقبل في النهاية بأي طرح يمكن أن يُطرح معه، حتماً تتذكرون صفقة القرن، في صفقة القرن مضمونها الجوهري الأساسي هو تحويل الشعب الفلسطيني من شعب محتلة أرضه وقضيته قضية احتلال إلى شعب بائس فقير مسكين.
النقطة الرابعة، الذي تحقق له ما بعده أيضاً يتعلق بالدول، الأمر كان أصلاً مثلما يقولون باللغة العامية “صوفتهم حمرا”. أصلاً صورة الأمريكان صورة بشعة ومعروف بكل العالم، وشعوب المنطقة عندنا لا يحتاجون إلى كثير من الأدلة والبراهين لنقول أن الأمريكان أعداء ولا يهتمون بحقوق شعوب المنطقة، ويرتكبون المجازر، ويصنعون الحروب ضد شعوب المنطقة، هذا مفهوم، لكن هم ليسوا مسترين كتيراً، الجانب الذي كان مسَّتر قليلاً هم الغرب يعني أوروبا. أوروبا تستر حالها بساتر له علاقة بشعارات الحرية والسلام وحقوق الإنسان وما أشبه ذلك، وتحاول أن تستر حالها حتى تستطيع أن تأخذ فتات المصالح في المنطقة من أمام الأمريكيين. ما جرى في طوفان الأقصى من ردة فعل الأوروبيين تمثل شراكة حقيقية مع الإسرائيلي في المجازر التي ارتكبها.
النقطة الخامسة، له علاقة بمحور المقاومة، الذي حصل سواء في فلسطين، ماذا في فلسطين؟ في فلسطين نحن ننظر فنجد شعب ليس من أعظم الشعوب فقط، هو أعظم الشعوب، ونجد مقاومة هي من أعظم المقاومات. ماذا يعني من أعظم المقاومات؟! لأن المعيار هو فعل هذه المقاومة مع حجم التحديات، حجم المعركة الموجودة في فلسطين غير قابلة لبقاء المقاومة، مع ذلك وجدنا مقاومة استطاعت أن تبقى، ليس فقط أن تبقى وإنما مقاومة استطاعت أن تهزم هذا العدو.
أريد أن أخلص إلى نتيجة أن أقول إنه نحن الآن ليس حديث أدب، أنا أتكلم بالسياسة، نحن الآن في عالم جديد، ونحن الآن في منطقة جديدة، نحن في عالم فشلت فيه خيارات الدول، وفي عالم في بعض الأماكن هزمت فيه الدول. ونحن في عالم هُزم فيه الكيان الصهيوني، نحن في عالم جديد يقوم على أساس لا يمكن لإسرائيل أن تبقى في منطقتنا، والبقاء فقط للمقاومة الإسلامية في كل مكان. وأقول في النتيجة ما يجري في فلسطين هو كما يقول القرآن الكريم ليميز الخبيث من الطيب، في هذه الحرب عرفنا من مع فلسطين ومن ليس مع فلسطين. بالتقدير السياسي أنا أعتبر سياسياً أن خيار الحرب في غزة، خيار بلا أفق أو بتعبير ثانٍ، أفق استمرار الحرب مسدود، والأمريكيون في الإعلام يكابرون، والإسرائيليون في الإعلام يكابرون، لكن العالم كله يعرف قبل الآن أن خيار استمرار الحرب لا يؤدي إلى نتيجة، الخيار المتاح هو وقف العدوان، الخيار المتاح هو خيار الحل. لكن الحل هنا هو حرب في الحل وليس حرب في السلاح، حرب في المفاوضات ونحن نراهن على عقل وحكمة وشجاعة الإخوة في فلسطين حتى لا يخدعوا من جديد خصوصاً لا يخدعوا من أصدقائهم، لأن الآن هذه المعركة في الحرب فشلت، الآن انتقلت إلى حرب سياسية، وهي التي ستقرر مستقبل المنطقة ومستقبل فلسطين.