عبرة الكلمات

عبرة الكلمات 427

بقلم غسان عبد الله

ويمضي العمر

يدورُ هذا العمرُ في عجلٍ‏ ويركضُ في عراءِ الطينِ ذئباً نابحاً‏ ينعى قناديلي وينعاني.‏. وأنا أردّدُ في الرياحِ ضراعتيْ‏ كالشاعر الأعمى،‏ وأشردُ في فراغِ المغربِ القانيْ.‏. لكأنني فزاعةٌ للموتِ في حقلٍ من الغربانِ..‏ تخطئني نبالُ الحسرةِ العمياءُ‏.. يقتتلانِ‏ في روحي الظلامُ مع النهار،‏ الشوكُ والأزهارُ‏.. لكني ألامسُ في شروقِ الشمسِ‏ قطناً رائعَ الأهدابِ‏ يغمرني بفضتهِ..‏ وألمحُ زهرةَ العبَّادِ‏ طالعةً كسورةِ يوسفٍ في وجهِ‏ انتشاري وإيماني.

فتَّ الشوقُ عضُدي

من حيثُ ينبعُ الشوقُ في روحي.. تولدُ المفرداتُ.. ويمتشقُ سيفَ التوقِ هذا الليلُ الطويلْ.. سرُّ الصبرِ في قلبي على الغيابِ.. أنكَ في الدرب نحو النجوم.. الأسرار الصغيرة والهواجسُ والمخاوف.. تتدفقُ من فمِ التذكُّر.. كيف ألجمها؟؟ على البعدِ الذي ينأى بنبض قلبي وهو كليلْ!!.. فتَّ الشوقُ عضُدي.. وابيضَّتْ عيناي من الحزنِ وأنا كظيمْ.. وأنتَ تعتلي صهوة الروح وفي يدِكَ قميصُ يوسف.. متى ستتسللُ إليَّ رائحتُهُ ممهورةً بعطركَ؟!.. ليعود إليَّ البصر فأراكِ من جديد.

ترنيمة

ألوانٌ فتنتكَ مطرزةٌ بعطر الشوقِ والأزهار‏.. أنتَ بهجة الدنيا‏ تدلَّتْ في حدائقكَ جميعُ طيور الحب.. وتدافعتْ لدى أقدامكَ الأشعار تسرُّ لكَ بأنكَ السيدُ الحسن.. للزمن القادم بالحجةِ ابن الحسن.. وما باحت به‏ في شدوها الأطيار‏ كان ترنيمةَ قلبي: لبيكَ يا سليل الأطهارْ.

بدايةُ الحياة

في ساعةِ خوفٍ حارقةٍ،‏ والماءُ قريبٌ.. دونَ يديَّ..‏ في الساعةِ قبلَ الأخيرةِ من ليلي المنكفئِ صوب غيابات الأفولْ.. في تلك الساعة من أوان الذبولْ.. ‏في هذا الليلِ الوالغِ في أنحاءِ الروحِ،‏ وفي أنحاءِ الصمتْ‏.. في الساعةِ قبلَ المنتصفِ انطفأتْ في الذاكرةِ الأسماءُ…‏ فنمتُ قليلاً دون دمي علِّي أتنفسُ وجهاً‏ في هذي الظلماتِ قبيلَ رحيلِ الصوتْ‏.. لكنَّ جميعَ الأشياءِ ابتعدتْ في رحلتها،‏ وتمدّدَ يأسي فوقَ الطاولةِ..‏ افترقَ الآتي في لحظةِ خوفٍ حارقة،‏ وبدأتُ الموتْ.‏. لعلَّ هذا الموتَ بدايةُ الحياة؟؟!.